تركيا تكسر جدار الرفض والتهديد… الطائرات الحربية تدك الموصل ووفود سياسية بين بغداد وأنقرة
بعد أيام طويلة من رفض الحكومة العراقية القاطع لمشاركة الجيش التركي في عملية استعادة الموصل من تنظيم الدولة الإسلامية والتهديد بضرورة إخلاء قاعدة بعشيقة العسكرية، تمكنت أنقرة من إحداث اختراق في موقف العراق والتحالف الدولي حول هذا الأمر.
وبشكل مفاجئ أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أن الطائرات الحربية التركية تشارك بالضربات الجوية في إطار عملية استعادة الموصل، وذلك بالتزامن مع الإعلان عن زيارة قريبة لوفد عراقي للعاصمة التركية أنقرة، بعد يوم واحد من زيارة وفد من الخارجية التركية العاصمة العراقية بغداد.
وعلى الرغم من رفض الحكومة المركزية في بغداد أي مشاركة تركية في عملية استعادة الموصل، وتجاهل التحالف الدولي لمطالب أنقرة بحجة أن الحكومة العراقية هي من يقرر ذلك، أصرت أنقرة على المشاركة في العملية مؤكدة أنها ستحمي مصالحها والسكان العرب السنة والتركمان هناك بكافة الوسائل، وقالت إن لديها خطط سياسية وعسكرية بديلة للتعامل مع الأزمة تحت كل الظروف.
وامس الثلاثاء، قال يلدريم إن طائرات حربية تركية شاركت في العمليات التي ينفذها الجيش العراقي والتحالف الدولي في الموصل، مضيفاً: «قواتنا الجوية شاركت في العمليات الجوية التي يقوم بها التحالف في الموصل وهذا يعد صفعة لمن قال إنه لا عمل لتركيا في الموصل»، بدون إعطاء توضيحات حول نطاق أو طبيعة هذا التدخل.
واعتبر في خطاب له أمام الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم في أنقرة أن أي جهة تتخذ خطوات في المنطقة دون اخذ تركيا في الاعتبار ستكون «ترتكب خطأ كبيرا»، قائلاً: «لن نسمح بفرض الأمر الواقع قرب حدودنا (الجنوبية)، لن نغض الطرف عن وقوع كربلاء جديدة أو خروج يزيد جديد».
وأكد يلدريم أن المقاتلين الذين دربتهم بلاده في معسكر «بعشيقة» بالقرب من مدينة الموصل في محافظة نينوى شمالي العراق يحاربون في الصفوف الأمامية بعملية تحرير المدنية مع قوات البيشمركة، مشدداً على أن «تركيا لا تهدف غير إرساء السلام وتحقيق الاستقرار في المنطقة، وليعلم الجميع أننا نفعل ما نراه مناسبًا وقت ما نشاء ضد أي خطر يهدد بلادنا ودونما تردد ولا نحتاج لإذن من أحد».
وأكدت مصادر تركية وعراقية أن قرابة 3 آلاف من القوات العراقية السنية التي دربها الجيش التركي تشارك في القتال على جبهات الموصل بجانب قوات البيشمركة الكردية.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: «لا نريد قطعيا الانخراط في الصراعات المذهبية الجارية في العراق، لكننا في الوقت نفسه لا نرغب أن يقع أشقاؤنا العرب السنة والتركمان هناك فريسة لأحد»، وذلك في كلمة له من العاصمة أنقرة أكد فيها أن تركيا ليست لديها أطماع في أراضي سوريا والعراق.
وأضاف: «علينا هنا (في الموصل) مسؤولية تاريخية، وسنكون هنا على الأرض وعلى الطاولة، ونواصل الاستعدادات على الأرض، في وقت تستمر فيه المشاورات الدبلوماسية»، وأكد أن تركيا لن تسمح باندلاع صراع مذهبي في الموصل كما أنها لم تسمح بإنشاء حزام إرهابي شمالي سوريا، على حد تعبيره.
في سياق متصل، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن الوفد التركي أجرى مع المسؤولين العراقيين في بغداد «اجتماعًا ايجابيًا»، وإن الطرفين يملكان إرادة لحل القضايا الثنائية عبر الحوار، وذلك في أول إشارات ايجابية منذ الأزمة المتصاعدة بين بغداد وأنقرة.
وقال في تصريحات تلفزيونية: «نحن كبلدين وضعنا تصوراتنا الرامية لإيجاد حل يتعلق بمعسكر بعشيقة، بدلًا من التصريحات والتفسيرات المتبادلة. في الواقع، إن أخوتنا وأصدقائنا في العراق يخوضون في نقاشات مصطنعة لا داعٍ لها. نحن لم نذهب إلى هناك (بعشيقة) من تلقاء أنفسنا. ذهبنا بناءً على دعوة تلقيناها. والآن نواجه ردود فعل بعد ثمانية أشهر (من ذهابنا إلى بعشيقة)».
وبيَّن وزير الخارجية التركية أنه يتفهم المشاكل المتعلقة بالسياسة الداخلية في العراق، وقال في هذا الصدد: «نظرًا للنهج الطائفي الموجود، الجميع يحاولون أن يحرجوا بعضهم بعضًا، ما جعل تركيا تصبح هدفًا في هذا الإطار».
ولفت إلى أن اللقاءات التي أجراها وفد الخارجية التركية، برئاسة المستشار أوميت يالتشين، الاثنين، مع المسؤولين العراقيين في العاصمة العراقية بغداد، كانت «إيجابية للغاية».
وقال «تشاركنا معهم أفكارنا بشكل مكتوب. طلبوا مناقشة تلك الأفكار مع رئيس وزرائهم (حيدر العبادي) ونحن بالمقابل سنقيم وجهات النظر المقدمة إلينا. وربما نستقبل في تركيا غدا الخميس المقبل، وفدًا عراقيًا من أجل مواصلة المحادثات سيما أن الطرفين يملكان إرادة لحل القضايا الثنائية عبر الحوار».
القدس العربي |