الرمادي خارج السيطرة باستثناء مركزها.. و"داعش" تموّن ترسانتها العسكرية بدبابات معسكر "هيت"
ظل تنظيم الدولة الاسلامية يعتمد خلال الاشهر الماضية على قضاء هيت، غرب الانبار، كأحد اهم مراكز "التموين" بالسلاح والذخيرة التي كان يستولي عليها من الثكنات العسكرية التابعة للجيش العراقي لإدامة حربه في اكثر مدن العراق اضطرابا، قبل ان يقرر السيطرة عليها، مؤخرا، بشكل كامل ويضم مجموعة كبيرة من الاسلحة الثقيلة والمدرعات داخل معسكر "هيت" الى "ترسانته" العسكرية التي حصل عليها اثر انهيار خمس فرق عسكرية عقب سقوط الموصل. بحسب ما افادت به مصادر مطلعة في الانبار تحدثت يوم امس لـ"المدى".
وفيما يكشف مسؤول امني رفيع في الحكومة المحلية للأنبار عن وصول تعزيزات عسكرية الى قاعدة عين الاسد، 20 كم شمال غرب هيت، لبدء حملة عسكرية لإعادة السيطرة على كل مناطق المحافظة، يحذر نائب من خطورة الاوضاع في الانبار وعن قرب المسلحين من احد اكبر المعسكرات في المنطقة الغربية، الذي سيؤدي سقوطه الى احتلال قضاء حديثة، ومركز المحافظة –الرمادي- التي يقول بان الجيش يسيطر على 8 كم فقط من المساحة الكلية للمدينة.
ويأتي التراجع الكبير في الوضع الامني بمحافظة الانبار، في وقت يشهد تقدم قوات الجيش والحشد الشعبي في قواطع صلاح الدين، شمال بغداد، وجرف الصخر، جنوب العاصمة، وفي مناطق ديالى، شرق بغداد. فيما يحذر المسؤولون في الانبار من ان استمرار التباطؤ في اقرار قانون "الحرس الوطني" ودعم القوات –القليلة- المتواجدة في المحافظة، سيدفع المسلحين للسيطرة على مناطق متاخمة لبغداد، واصابتها عن طريق الهاونات، بينما تتضارب المواقف في العراق حول توسيع الدور الامريكي والتحالف الذي تقوده لمواجهة "داعش".
وتشير المصادر المطلعة من داخل الانبار لـ"المدى" الى ان تنظيم الدولة الاسلامية استحوذت على 7 دبابات نوع "ابرامز امريكية" و 22 "همر" و18 مدرعة عسكرية، وعلى 7 مشاجب للسلاح تابعة للفرقة السابعة والاولى، من ضمنها ذخائر دبابات تابعة لفيلق العشائر المدرع، كانت داخل "معسكر هيت" الذي انسحبت منه قوات الجيش على اثر احتلال "داعش" للقضاء، فيما وصفت قيادات امنية ذلك الانسحاب بـ"المنسق".
وتؤكد تلك المصادر ان "التنظيم" تجاهل قضاء هيت لأشهر، قبل ان يعود لاحتلاله بالكامل، اول من امس، كرد فعل على الانباء التي تحدثت عن امكانية دخول قوات برية "اميركية" الى الانبار، مشيرة الى ان "داعش" كانت قد حولت "هيت" طيلة الفترة الماضية الى مركز تموين بالذخائر والاسلحة لإدامة حربها ضد العشائر والقوات العراقية عن طريق الهجمات المتكررة على الثكنات العسكرية.
وتمضي تلك المصادر لتؤكد ان "هيت" كانت بحكم المنطقة "الساقطة عسكريا" بحسب تقديرات "داعش" لانها لم تواجه من داخلها خلال الاشهر الماضية مقاومة تذكر، بسبب ان اغلب سكانها من "الاثرياء" وموظفي الدولة، باستثناء بعد المناطق الريفية التي تحيط بها، مثل منطقة تسمى بـ"الفرات" وهي في الضفة الثانية من النهر والتي يسكنها عشائر "الكعود" التي لاتزال تقاوم حتى الان.
يذكر وبحسب المصادر ان اغلب قيادات تنظيم "القاعدة" –دحر عام 2007- كانت من "هيت"، فيما يشتهر القضاء بوجود مصانع "الدبس والراشي"، ويقع ضمن ناحية البغدادي التابعة لها، اكبر معسكر في العراق وهو "عين الاسد"، الذي يبدو بحسب كلام مصادر مطلعة في الانبار بان "داعش" تنوي الهجوم عليه لتصبح مدينة "حديثة" التي لازالت ممانعة منذ اشهر للتسليم الى المسلحين بين "فكين" من الجانب الجنوبي عن قضاء هيت، ومن الشمال عند اقضية "عانة، راوة، والقائم" التي سيطر عليها "داعش" في نهاية تموز الماضي.
وتتوقع تلك المصادر "سقوط الرمادي" خلال ايام اذا استمر التنظيم بادامة زخم تقدمه باتجاه البلدات التي كان قائد الشرطة احمد صداك الدليمي- قتل قبل اربعة ايام بانفجار عبوة ناسفة شمال الرمادي- قد اعلن في وقت سابق عن تحريرها.
في غضون ذلك يؤكد احمد العلواني رئيس اللجنة الامنية في مجلس محافظة الانبار لـ"المدى" ان "اغلب مناطق الرمادي واقعة تحت سيطرة المسلحين"، كاشفا عن استمرار تحليق الطائرات العسكرية في سماء الانبار بشكل مستمر.
ويؤكد العلواني ان "انسحاب الجيش من معسكر هيت كان بالاتفاق مع القيادات الامنية"، لافتا الى ان القوات اتجهت الى معسكر "عين الاسد" لإعادة ترتيب صفوفها. مشيرا الى ان قوات جديدة دخلت المحافظة مكونة من فوج "سوات"، وسرية "دروع" وشرطة اتحادية، وهي تشتبك بشكل محدود حتى الان مع المسلحين، فيما كانت طائرات امريكية وجهت ضربات على قضاء هيت.
بالمقابل يحذر محمد ناصر الكربولي وهو نائب عن الانبار من "سقوط" كل الانبار بيد المسلحين اذا لم تتلق المحافظة دعما "حقيقا" بالسلاح وبالعناصر المقاتلة.
ويؤكد الكربولي لـ"المدى" ان "داعش" هاجمت قضاء هيت بعد محاصرته لثلاثة ايام، واستمرت في زخم النيران حتى نفذت ذخيرة الشرطة والجيش الذين كانوا بأعداد قليلة، وكل عنصر لا يملك اكثر من 250 رصاصة، حينها دخل المسلحون من ثلاثة محاور. مشيرا الى ان احتلال "هيت" سيمهد الطريق امام "داعش" للهجوم على مناطق نفوذ عشائر "البو ريشة" وبعدها ستكون الرمادي تحت سيطرة المسلحين، فيما يرجح بان المعدات الثقيلة في معسكر هيت قام الجيش باحراقها قبل انسحابه.
ويمضي الكربولي وهو نائب عن تحالف القوى العراقية قائلا "سقوط الانبار سيتسبب في تقدم المسلحين باتجاه عامرية الفلوجة، التي تبعد 30كم فقط عن بغداد، حينها يمكن ان يضربوا العاصمة بالهاونات"، مؤكدا ان الجيش يسيطر على مركز المدينة فقط وبعض الاحياء بما يعادل مسافة 8كم فقط من المساحة الاجمالية لمدينة الرمادي، فيما سقطت مناطق البو فراج، والجزيرة، والحامضية، وحي التأميم واحياء اخرى بيد "داعش".
كما يحذر النائب من سقوط القاعدة العسكرية الاكبر "عين الاسد" بيد المسلحين، التي يعتقدون بانها ستكون مركزا للتواجد "الاميركي"، فيما لو قررت الولايات المتحدة ارسال قوات برية الى المحافظة. كما يشير الى ان مسلحي الدولة الاسلامية يقومون بتهديد الكثير من العناصر الامنية في الانبار عن طريق "التلفونات" ومساومتهم على ارواح عوائلهم مقابل اعطائهم معلومات عن منشآت حيوية وثكنات عسكرية، مستغلين علاقات القرابة او انهم من ضمن سكنة بلدة واحدة. ويدعو الكربولي الحكومة الى الاسراع بتقديم قانون "الحرس الوطني"، لما سيعطي من دعم كبير للقوات المتواجدة على الارض، فيما يؤكد ان التحالف الوطني لم يقدم حتى الان على دراسة المقترح.
وكان اعضاء في لجنة الامن والدفاع النيابية قالوا لـ"المدى" ان سقوط الانبار بيد المسلحين سيعرض العاصمة الى خطر كبير، على اعتبار ان المحافظة ملاصقة لبغداد وتتصل بثلاث دول من ضمنها سوريا التي تعتبر خط الامداد الرئيسي لـ"داعش".
المدى
|