المستشارون الأجانب قريباً في البصرة لاستغلال مال وفير وزيادة سكانية وشيكة

أكدت البصرة عزمها التعاقد مع شركات أجنبية لتقديم استشارات في كافة المجالات لا سيما بعد الصلاحيات الواسعة التي منحها قانون المحافظات للحكومات المحلية والتي تتسلم بموجبه اختصاص 7 وزارات حكومية. واذا تحققت هذه الخطوة فإنها ستكون سابقة على مستوى البلاد لم تتحقق بهذا الشمول إلا في تجربة إقليم كردستان، وسط أنباء تفيد بأن محافظ بغداد يحاول اللجوء الى الطريقة نفسها، لتجاوز أعوام طويلة من الفشل في الإدارة والتخطيط كلف الدولة مليارات الدولارات دون ان يحدث فرقاً مناسباً في حياة العراقيين.
وكشف نائب للمحافظ وأعضاء في مجلس البصرة ومسؤولون محليون عن توجه المحافظة للتعاقد مع شركات عالمية بشكل مباشر لتنفيذ عدد من المشاريع، مؤكداً حاجة البصرة للاستعانة بالخبرات الأجنبية في مجال التخطيط والبناء كما هو الحال في قطاع النفط.
وفيما أبدت الحكومة المحلية خشيتها من "روتين المركز"، أكدت ان بناء 4 صفوف في احدى المدارس بحاجة لموافقات حكومية تستغرق 6 اشهر أحياناً.
ويقول ضرغام الأجودي، النائب الثاني لمحافظ البصرة، ان "البصرة ستحصل في العام المقبل على موازنة ضخمة بعد ان تضاف لها مبالغ البترودولار"، مشيرا الى ان "تلك المبالغ الكبيرة تفوق قدرة المحافظة وإمكانياتها في إدارة المشاريع الخدمية والستراتيجية".
ويؤكد الاجودي، في حديث لـ"المدى" امس، ان "البصرة تريد ان تحقق تقدماً وتطوراً في مشاريع الإسكان والطرق والجسور والماء والمجاري، لذا تفكر في الاستعانة بعقول أجنبية استشارية لتقديم خطط في طريقة تنفيذ المشاريع". لافتاً الى ان "وزارة النفط تستخدم منذ سنوات الخبرات الأجنبية في استثمار الآبار النفطية لقلة الخبرات العراقية والأمر ينطبق على إدارة الملفات في المحافظات".
وتحدث الاجودي عن "الروتين الذي يعطل صرف الموازنات واطلاق التخصيصات المالية لمشاريع خدمية"، مشيراً الى ان "بناء اربعة صفوف في مدرسة بالبصرة يحتاج الى ستة اشهر للحصول على موافقة وزارة التخطيط وصرف المبالغ من وزارة المالية"، كاشفاً عن "وجود مخاطبات أرسلتها البصرة منذ خمسة اشهر الى وزارة التخطيط من لصرف مبالغ لمشاريع في المحافظة ولم تصل المخصصات حتى الآن".
وتشير المادة الثامنة من قانون مجالس المحافظات المعدل الى ان تضاف "خمسة دولارات عن كل برميل نفط خام منتج في المحافظة، وخمسة دولارات عن كل برميل نفط خام مكرر في مصافي المحافظة، وخمسة دولارات عن كل (150) متراً مكعباً منتجاً من الغاز الطبيعي في المحافظة".
الى ذلك كشفت زهرة البجاري، رئيس لجنة الإعمار في مجلس محافظة البصرة، عن "تشكيل هيئة التخطيط والتنمية في المحافظة، والتي ستقوم بوضع الخطط والدراسات، وستأخذ على عاتقها وضع التصميم الأساسي للبصرة، وخطط الإعمار والمشاريع الستراتيجية".
وذكرت البجاري في تصريح لـ "المدى" امس، ان "تعديل قانون مجالس المحافظات أعطى صلاحيات واسعة للبصرة وبموجبه ستنتقل صلاحيات سبع وزارات خلال عامين بغض النظر عما اذا كانت البصرة مستعدة لاستقبال الصلاحيات أو لا".
ورأت عضو مجلس محافظة البصرة أن هذه الصلاحيات الواسعة "بحاجة الى شركات تخصصية في أعمال معينة لذا قسمت إدارة البصرة المحافظة الى عدة أقسام للسيطرة على مشاريع البناء والتنمية، لوضع الخطط والدراسات في إدارة المشاريع والحصول على الأراضي لتنفيذ المشاريع الاستراتيجية والخدمية المهمة".
وأكدت البجاري "حاجة البصرة الى خبرات عالمية وشركات متخصصة في مجال العمران والإسكان والآثار"، ولفتت الى ان "البصرة ستعتمد في عملها على الدعوات المباشرة في تنفيذ المشاريع باستقدام شركات أجنبية او محلية متخصصة في تنفيذ مشاريع معينة، لاسيما في تطوير المناطق السكنية، التي نعاني من صعوبة تطويرها بسبب عدد السكان والتجاوزات على الأرصفة والشوارع".
بدوره يشدد احمد عبدالحسين كاظم، عضو مجلس محافظة البصرة، ان "تستعين البصرة بالخبرات الأجنبية لتنفيذ المشاريع الاستراتيجية".
ويضيف كاظم، لـ"المدى"، بالقول ان "الصلاحيات الجديدة للمحافظات تحتاج الى خطط مدروسة لإدارة الموازنة وتنفيذ المشاريع التنموية والخدمية"، مشيرا الى ان "الصلاحيات المالية الواسعة من خلال زيادة سعر البترودولار من دولار واحد للبرميل الى خمسة دولارات، سيوفر أموالاً ضخمة للبصرة، يجب استثمارها بشكل دقيق".
ولفت عضو مجلس البصرة الى انها "تعاني من مشكلة في الكثافة السكانية، حيث من المتوقع ان يصل نفوس البصرة قريباً الى اكثر من اربعة ملايين، وهذا يسبب ضغطاً على الشوارع وعلى شبكات الكهرباء والماء والمجاري".
ويرى كاظم ان الاستعانة بشركات أجنبية "سينقذ البصرة من الخطط العبثية والفوضوية في إدارة ملف الخدمات خلال السنوات السابقة"، لكنه يخشى من "العقلية المركزية في الحكومة الاتحادية التي ترفض اطلاق الصلاحيات للمحافظة، وعرقلة تنفيذ المشاريع بالإجراءات الروتينية وتعامل الموظف الحكومي بالطريقة المركزية".
ونص التعديل الثاني لقانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم (21) في المادة (45/أولاً) على نقل الدوائر الفرعية والأجهزة والوظائف والخدمات والاختصاصات التي تمارسها وزارات البلديات والأشغال العامة، الإعمار والإسكان، العمل والشؤون الاجتماعية، التربية، الصحة، الزراعة، المالية ، الرياضة والشباب مع اعتماداتها المخصصة لها بالموازنة العامة والموظفين والعاملين فيها، الى المحافظات في نطاق وظائفها المبينة في الدستور والقوانين المختصة بصورة تدريجية ويبقى دور الوزارات في التخطيط للسياسة العامة.

المدى