ساترفيلد عاد إلى الخارجية الأميركية فاغلقوا الأبواب
عاد الدبلوماسي دافيد ساترفيلد إلى الخارجية الأميركية التي سبق أن عمل فيها من خلال بعثات بلاده في كل من جدة وتونس وبيروت ودمشق، كما شغل موقع مدير قسم الشرق الأدنى وشؤون جنوب آسيا ومدير مكتب الشؤون العربية الإسرائيلية 1996-1998، ثم في 2006 عمل منسقا للملف العراقي وكبير مستشاري وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس.
ساترفيلد في مسؤوليته للملف العراقي كان أشد المدافعين عن حكومة المالكي الأولى، بل وصفته شخصيات عراقية في واشنطن، بأنه كان يبدو في دفاعه عن حزب الدعوة وكأنه عضو المكتب السياسي للحزب وداعية كبيرا من الدعاة.
وبعد وصول الديمقراطيين إلى البيت الأبيض ومؤسسات الإدارة الأخرى، والإطاحة بالجمهوريين المحافظين ومنهم ساترفيلد، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية في 2009، تقاعده ثم ترشيحه بعد ذلك مديرا للقوة متعددة الجنسيات والمراقبين (MFO)، وهي منظمة دولية مهمتها تنفيذ البنود الأمنية لمعاهدة السلام بين جمهورية مصر العربية ودولة إسرائيل، وحفظ السلام في سيناء.
في الشهر الماضي أعيد ساترفيلد إلى الخارجية مساعدا للوزير ومديرا لمكتب شؤون الشرق الأدنى، ذلك المكتب الذي شهدت أعماله تراجعا في العراق والشرق الأوسط بعد مغادرة الفريق الديمقراطي، ومجيء “أبو النفط” تيلرسون وزيرا.
وتبدو الاستعانة بالرجل محاولة لتفعيل ملفات العراق والمنطقة، لكن ما درج عليه ساترفيلد لا يبدو منقذا للدبلوماسية الأميركية، فهو أستاذ في الفظاظة والخشونة في التعامل مع نظرائه الدبلوماسيين وأكثر فظاظة في التعامل مع الصحافيين، وهو ما أعاده أول من أمس الأحد من خلال جلسة هاتفية ضمته إلى عدد من الصحافيين عبر مكتب التواصل الإعلامي الاقليمي في دبي التابع لوزارة الخارجية الأميركية.
تم تقديم ساترفيلد بكونه “القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية وأكبر مسؤول في وزارة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”. وكان محور الجلسة حول اعتراف الرئيس دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وسعي بلاده لنقل سفارتها من تل أبيب إلى المدينة المقدسة المتنازع عليها بين ممثلي الأديان الثلاثة.
عليكم أن تفهموا : القدس عاصمة لدولة إسرائيل
بدأت الجلسة بموقف حاد حين قال ساترفيلد ” اعترفت الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، وطلبت من وزارة الخارجية بدء الاستعدادات لنقل السفارة إلى القدس. هذه التدابير لا تمس بأي شكل من الأشكال مفاوضات الوضع النهائي بين إسرائيل والفلسطينيين. ولم تتطرق إلى أي من الجوانب المحددة للسيادة الإسرائيلية في القدس، ولم تتعامل معها، ولم تعالجها أو تمسها”.
لم تتوقف النبرة الحادة عند ساترفيلد بل زاد عليها موجها كلامه إلى الصحافيين “من المهم للغاية أن تكون هذه النقاط مفهومة فيما نبدأ بطرح الأسئلة والإجابة عليها. تمثّل هذه الخطوة اعترافاً بالواقع بكل بساطة. إنّ القدس بدون تعريف محدد للحدود أو الحدود الجغرافية هي عاصمة لدولة إسرائيل”.
نائب رئيس قسم الشرق الأوسط في صحيفة “غلف نيوز” الصادرة في دبي، عمر شريف توجه بسؤاله إلى ساترفيلد “بصفتك دبلوماسياً مخضرماً، لقد اطلعت بالتأكيد على الضجة التي وجهت ضد وزارة الخارجية الأميركية بسبب هذه الخطوة. كيف يتوقع من موظفي الخدمة الخارجية أن يروجوا لجدول أعمال لا يؤمنون به وينظر إليه على نطاق واسع بأنه يؤدي إلى نتائج عكسية لجهود السلام”؟
غضب ساترفيلد من الصحافي فرد بحدة “سؤالك هو تعليق تحريري، وليس سؤالاً.
أنت تصدر حكماً صحافياً بدون تبيان حقيقة. الولايات المتحدة ملتزمة. وتلتزم سياستنا الخارجية القائمة تنفيذ سياسة رئيس الولايات المتحدة، وانتهى الموضوع”.
الرد الحاد لساترفيلد على صحافي “غلف نيوز” تكرر في رده على الصحافية كيلي كلارك من “خليج تايمز” الصادرة في دبي، التي أشارت “في الوقت الذي يقاتل فيه العالم هذا الخطر الإرهابي، جاء قرار الولايات المتحدة بشأن القدس كشريان حياة للإرهاب والجماعات المسلحة. الآن، يقول كثيرون أن قرار الرئيس ترامب فرصة للمتطرفين لزيادة لغة الكراهية وتصعيد أفعالهم”؟
رد ساترفيلد “على قادة العالم العربي أن يفهموا ما يقال، بل قادة العالم عموماً وليس في الشرق الأوسط فحسب. لقد تم اختيار الكلمات (خطاب الرئيس ترامب) بعناية فائقة”، موضحا ” هذه مسألة اختيار. هل يختار القادة التحدث إلى شعوبهم، إلى مناطقهم، للتعبير عن الواقع أو لإشعال بلدانهم ومواطنيهم؟ نأمل أن يختاروا الخطابة التي تعبّر عن الواقع”.
وبشأن قرار السلطة الفلسطينية عدم اللقاء بنائب الرئيس الأميركي بنس قال ساترفيلد ” نأمل دائماً أن يتبع جميع الأطراف في هذه العملية مسارات تبادل الحوار والإدماج وليس الرفض والاستبعاد والعزلة”.
وفي رد على سؤال من موقع “اليوم السابع” الإخباري المصري، عن احتمال تراجع الرئيس ترامب عن قراره حول القدس، أجاب ساترفيلد حازما “لا. سيبقى قرار الرئيس على حاله. وكما قلت، يعتبر الرئيس هذا الإعلان الخطوة الصحيحة في اللحظة المناسبة. هذه هي السياسة الأميركية، وبالتالي إننا لن نتراجع”.
وبشأن “صفقة القرن” التي توجز بكونها خطة السلام الجديدة التي قدمتها إدارة ترامب كوضع نهائي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وما هي تفاصيل تلك الخطة ومتى سيتم الإعلان عنها؟ قال ساترفيلد: “نأمل أن نمضي قدماً في هذه المبادرة في مرحلة ما من السنة الجديدة. ضعوا إشارات في جداول أعمالكم. في نقطة ما من العام الجديد. وفي ما يتعلق بتفاصيل الخطة، ما زلنا بانتظار طرحها. لسنا مستعدين للإعلان عن تلك التفاصيل في هذا الوقت”.
كتابات
تعليقات الزوار سيتم حدف التعليقات التي تحتوي على كلمات غير لائقة Will delete comments that contain inappropriate words