تقرير: حكومة العبادي تدخل المرحلة الحاسمة قبل 6 اشهر من الانتخابات بمواجهة 5 تحديات
كشف موقع “نقاش” في تقرير له، عن أبرز الملفات المتبقية كتحديات امام رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، قبيل انتهاء مدته القانونية، وبدء دوره انتخابية جديدة، فيما أشار الى أن “رجل المهمات الصعبة” دخل الآن المرحلة التي وصفها بـ “الحاسمة”.
وقال الموقع في تقرير له: “ستة أشهر هي كل ما تبقى من ولاية حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي بعد ثلاث سنوات صاخبة بالأحداث، انشغلت خلالها بالحرب على تنظيم داعش وتكللت بالانتصار أخيراً بعد استعادة السيطرة على جميع البلدات التي احتلها داعش في صيف العام 2014”.
واستدرك: “لكن القادم لن يكون سهلا، فالعبادي الذي تسلم الحكم حاملا تركة ثقيلة، يواجه اليوم مشكلات أخرى، فالرجل تصاعدت شعبيته في الآونة الأخيرة حتى بات يسمى بـ (رجل المهمات الصعبة) هل ينجح في الاختبار الجديد؟”.
وأضاف التقرير: “عندما تسلم العبادي الحكم في آب العام 2014 لم يكن في وضع يحسد عليه حيث كان ثلث البلاد تحت سيطرة المتطرفين الذين وصلوا الى مشارف العاصمة بغداد، في حين كانت خزينة الدولة من الاموال فارغة وتزامنت مع انخفاض أسعار النفط العالمية الى اقل من (20) دولارا في بلد يعتمد 95% من دخله القومي على إنتاج النفط”.
وتابع: “أما اليوم فهناك خمس ملفات ملحة تتطلب الحسم، فملف الحرب على الفساد والأزمة السياسية مع إقليم كردستان بعد استفتاء الانفصال عن العراق، وتنظيم الانتخابات التشريعية والمحلية، وإقرار الموازنة العامة في البلاد في ظل ازمة مالية خانقة، إضافة الى مستقبل الحشد الشعبي ابرز التحديات التي تواجه العراق”.
الأزمة مع الكرد
الأزمة التي اندلعت بين بغداد واربيل كانت خارج حسابات العراقيين وفقاً لموقع نقاش، اذ ادى إصرار الكرد على تنظيم استفتاء الانفصال عن البلاد في توقيت سيئ اذ كانت الحكومة الاتحادية تنال دعما إقليميا ودوليا لافتا، وأسفر عن ازمة سياسية وعسكرية كبدت اقليم كردستان خسارة النفوذ في مدينة كركوك قلب الكرد مع المناطق المتنازع عليها.
وبرغم مرور أكثر من شهرين على الأزمة، وإعلان إقليم كردستان أخيراً رغبته في الحوار مع بغداد لحل الخلافات، الا ان حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي لا تبدو متحمسة، وتسعى لكسب الوقت لانتزاع مكاسب على الأرض يجعلها الطرف الأقوى في المفاوضات.
حتى الآن يضع العبادي شرطين أساسيين لبدء الحوار، الأول صدور إعلان صريح من حكومة إقليم كردستان بإلغاء نتائج الاستفتاء على الاستقلال الذي نال موافقة 92% من الكرد، وحاولت حكومة اقليم كردستان تنفيذه عبر إعلانها احترام تفسير المحكمة الاتحادية بعدم دستورية الاستفتاء، إلا أن سياسيين في بغداد يقولون إن إعلان الاحترام يختلف عن إعلان الإلغاء.
أما الشرط الثاني فهو إصرار الحكومة الاتحادية على إدارة المعابر الحدودية الدولية لاقليم كردستان مع تركيا وإيران وسورية ونشر قوات اتحادية على طول الشريط الحدودي، وهذا يثير قلق الكرد من احتمال تهديدهم مستقبلا عبر حصار اقتصادي، إذ أن جزءا كبيراً من واردات حكومة إقليم كردستان تأتي من المنافذ الحدودية.
ونقل تقرير نقاش عن القيادي في حزب “الاتحاد الوطني الكردستاني” عبد الله الحاج سعيد إن “حجم التبادل التجاري مع تركيا وصل الى عشرين مليار دولار، ومع ايران سبعة مليارات دولار”، وهو مؤشر الى حجم الخسارة التي قد يتعرض لها الإقليم في حال تنازله عن المعابر لصالح الحكومة الاتحادية.
في الأيام القليلة الماضية تغير موقف الدول الكبرى بعض الشيء، عندما بدأت الأزمة كانوا يدعمون العبادي وانتقدوا الكرد، ولكن مع تصاعد رد فعل بغداد المبالغ بها إزاء الأزمة ووصول القوات الاتحادية و”الحشد الشعبي” الى ضواحي اربيل، وعدم حماسة العبادي للحوار، بدأت الدول الكبرى وخصوصا الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي بالضغط على بغداد للحوار ووقف الإجراءات ضد الإقليم.
ونقل الموقع عن مسؤول كبير في الحكومة الاتحادية، فضل عدم الإشارة الى اسمه، إن “الحوارات مع إقليم كردستان ستبدأ قريبا ولكنها لن تكون سهلة إذا التزم الكرد مواقف متصلبة، الحوارات ستتناول في البداية الملف العسكري ووضع خريطة لانتشار القوات الاتحادية والبيشمركة على حدود سيتم الاتفاق عليها”.
ولكن القضايا الأخرى المتعلقة بإدارة النفط وحصة إقليم كردستان من الموازنة وإدارة المعابر الحدودية، طريقة حكم محافظة كركوك قد تأخذ بعض الوقت، وفقا للمسؤول ذاته.
تنظيم الانتخابات
وتابع التقرير بالقول: في نيسان الماضي كان من المقرر أن تجري الانتخابات المحلية في البلاد، ولكن الحكومة العراقية لم تستطع تنظيمها، ووافقت الأحزاب الشيعية والسنية والكردية على تأجيلها ودمجها مع الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في أيار العام المقبل.
ويشير الى انه وبعد أشهر من السجالات الحامية داخل البرلمان تمكن النواب من اختيار مفوضية انتخابات جديدة ينتمي أعضاؤها الى الأحزاب الرئيسية في البلاد كما جرت العادة، ولكن المفوضية ليست العنصر الأساسي لإجراء الانتخابات المقبلة، فالأوضاع السياسية والاجتماعية الجديدة التي ظهرت بعد الحرب على “داعش” تمثل تحديات جديدة.
ولا تبدو الأحزاب السنّية متحمسة لإجراء الانتخابات في الربيع المقبل وفقاً للتقرير، والسبب إن المدن التي تمثل القاعدة الشعبية لهذه الأحزاب مدمرة بسبب المعارك ضد المتطرفين على مدى الاعوام الثلاثة الماضية، ونصف سكانها نازحون خارج مدنهم حتى اليوم بسبب الفوضى الامنية والخوف من الاعتقالات التعسفية وانهيار الخدمات والبنى التحتية.
ونقل الموقع عن النائبة عن “تحالف القوى العراقية” لقاء وردي قولها: “على الحكومة توفير متطلبات الانتخابات الديمقراطية في حال إصرارها على إجراء الانتخابات بعد ستة أشهر، ليس من المعقول تنظيم الانتخابات في المحافظات السنية وتنتشر فيها قوات الحشد الشعبي، وملايين سكانها ما زالوا يعيشون في مخيمات النزوح خارج مدنهم”.
كما أن الحرب على “داعش” غيرت من موازين القوى السياسية، فهناك تشكيلات مسلحة شاركت في المعارك تريد استغلال شعبتها للمشاركة في السياسة، الفصائل الشيعية المنضوية في مؤسسة “الحشد الشعبي”، والتشكيلات العشائرية السنية تسعى لتقديم نفسها بديلا عن الأحزاب التقليدية.
وبرغم أن قانون الأحزاب الذي اقره البرلمان العام 2015 وسيطبق للمرة الأولى في الانتخابات المقبلة يمنع التشكيلات المسلحة من المشاركة في الانتخابات، الا ان هذه الفصائل بدأت تراوغ القانون عبر تسجيل نفسها كأحزاب وبأسماء جديدة، وهو ما يثير قلق الحكومة، والاحزاب التقليدية التي تخشى من خسارة رصيدها السياسي.
في المحصلة الانتخابات القادمة ستكون الأكثر أهمية في البلاد لكونها أول انتخابات تجرى بعد القضاء على تنظيم “داعش”. وعلى الرغم من أن العبادي اعلن السبت الماضي اجراء الانتخابات في موعدها الا ان أحزاباً شيعية تتهمه بالسعي لتأجيل الانتخابات وتمديد عمل الحكومة لعامين.
الأزمة المالية والفساد
وذكر التقرير، إنه بعد يوم على إعلان قوات الأمن العراقية استعادة السيطرة على بلدة راوة في الانبار اخر معاقل “داعش” في البلاد، قال رئيس الوزراء حيدر العبادي إن “المعركة المقبلة ستكون ضد الفساد”، ولكن هذه المعركة لن تكون سهلة في بلد ينخر الفساد جميع مفاصل الدولة على مدى العقد الماضي، بينما تواجه البلاد ازمة مالية خانقة بسبب انخفاض اسعار النفط والخسائر المادية الكبيرة التي تكبدتها البلاد في الحرب ضد “داعش”.
وفي مؤتمر صحفي من محافظة كربلاء، قال رئيس الوزراء حيدر العبادي في 11 من الشهر الحالي ان خسارة العراق في حربه ضد “داعش” بلغت مئة مليار دولار”.
ويعلم العبادي أكثر من غيره حجم التحدي الاقتصادي الذي يواجه حكومته، فالرجل الذي تسلم الحكم وخزينة الدولة فارغة وتزامن حكمه مع انهيار أسعار النفط العالمية في بلد يعتمد دخله القومي بشكل أساسي على النفط يدرك جيدا ان المشكلة الاقتصادية هي الأخطر.
انشغال الجميع بالحرب على “داعش” لم يسمح بتسليط الضوء على الازمة الاقتصادية السرية التي تواجه البلاد، ولم يسأل احد كيف تمكنت الحكومة على مدى السنوات الثلاثة الماضية من تمشية أمور البلاد رغم تكاليف الحرب الباهظة.
ومع انتهاء الحرب بدأ مسؤولون عراقيون يتحدثون عن ذلك، واعلن عضو اللجنة المالية في البرلمان النائب احمد حاجي الأسبوع الماضي أن “العراق مدين حاليا بـ (120) مليار دولار، ومصير البلاد بات في خطر”، فيما اعلن نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي ان حجم الديون اكبر من ذلك ويبلغ (133) مليار دولار.
الحكومة العراقية ارسلت الاسبوع الماضي مسودة قانون الموازنة الى البرلمان، ووفقا للنائب هلال السهلاني فان قيمة عجز الموازنة يبلغ 20%، فيما تسربت شائعات عن نية الحكومة تخفيض رواتب موظفي الدولة البالغ عددهم أكثر من اربعة ملايين موظف.
كما انتقدت حكومة اقليم كردستان مسودة الموازنة بسبب تخفيض حصتها الى 12% بعدما كانت في السنوات الماضية 17% وهو ما اجبر النواب الكرد المقاطعين للبرلمان الاتحادي بالعودة الى الجلسات لمنع التصويت عليها بهذه الصيغة خصوصا بعدما خسر الإقليم موارد مالية مستقلة كان يحصل عليها عبر بيع نفط كركوك.
بغداد اليوم |