حراك للرئاسات العراقية الثلاث وعدد من الأحزاب لتأسيس «مجلس سياسي أعلى»
تشهد العاصمة العراقية هذه الأيام حراكا للقوى السياسية من أجل تشكيل كيان سياسي جديد يضم كل الأحزاب ويعنى بالقضايا الاستراتيجية والهامة في البلاد.
وقالت مصادر مطلعة إن الرئاسات الثلاث (الجمهورية والوزراء والنواب) وقادة الكتل السياسية الرئيسية عقدوا اجتماعات في منزل رئيس الجمهورية فؤاد معصوم لبحث تطورات الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد والساحة الإقليمية وكيفية التعامل معها.
وذكرت المصادر أن دعوة وجهت لمعظم الأحزاب الرئيسية المشاركة في الحكومة والبرلمان لحضور اجتماعات الرئاسات الثلاث، اضافة إلى رؤساء الكتل البرلمانية لمناقشة المشاكل الراهنة والمساهمة في ايجاد الصيغ المناسبة لحلحلتها، فضلا عن التباحث في آلية تشكيل مجلس سياسي اعلى للبلاد.
ولهذا الغرض زار وفد رفيع من الاتحاد الوطني الكردستاني بغداد للمشاركة في اجتماع الرئاسات الثلاث، كما اجرى لقاءات مع زعماء سياسيين لبحث تطور التعاون والوضع السياسي في البلاد.
وقال عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني سعدي أحمد بيرة «ان الهدف الرئيسي لزيارتنا هو المشاركة في اجتماع الرئاسات الثلاث، والذي من المقرر أن ينتج عنه مجلس سياسي يتمتع بسلطات سياسية، وان يصدر قرارات بشأن القضايا الإستراتيجية والمهمة». واشار عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، إلى ان «احزاباً كردستانية اخرى ستزور بغداد، بهدف المشاركة في تشكيل المجلس السياسي العراقي»، مؤكداً ان «جميع الاطراف الكردستانية متفقة على هذا الأمر».
وقال في تصريحات في بغداد، انه تم تشكيل مجلس سياسي مشترك لكل الأحزاب الكردية لهذه الزيارة لكي يكون هناك اجماع وتوافق بين الاطراف الكردستانية حول جميع الملفات التي ستناقش في بغداد.
واضاف بيره ان جميع الاطراف السياسية الكردستانية ستشارك في هذه الزيارة، وسيزور الوفد الرئاسات الثلاث لبحث الاوضاع الراهنة والعلاقات بين اقليم كردستان والحكومة الاتحادية.
إلا ان النائب مثنى امين نادر نفى لـ«القدس العربي» معرفة الاتحاد الإسلامي الكردستاني الذي ينتمي اليه، بموضوع الوفد واهداف الزيارة، واكد انه سمع بوصول الوفد إلى بغداد من وسائل الإعلام. مما يشير إلى عدم توجيه دعوة لجميع الأحزاب الكردية الكبيرة على المشاركة في الوفد او مواضيع الزيارة.
وكذلك أكد المسؤول الإعلامي في الاتحاد الإسلامي خليل ابراهيم لـ«القدس العربي»، عدم تلقي حركتهم دعوة للحضور إلى بغداد للمشاركة في الاجتماعات حول تأسيس المجلس السياسي وربما ستوجه الدعوة لاحقا، منوها إلى انه سبق ان اشترك في لقاءات متشابهة في العاصمة مرات عدة. وكشف رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي عن وجود مباحثات اولية واتفاق حول تشكيل مجلس السياسات العليا بعد الاجتماع الذي عقد في بيت رئيس الجمهورية.
وقال في تصريح صحافي بعد اللقاء مع وفد الاتحاد الوطني الكردستاني ان هذا المجلس سيتولى مسؤولية تقديم المشورة للحكومة والبرلمان ومراقبة عمل الدولة على ان لا يتجاوز صلاحيات المؤسسات الحكومية ولن يكون بديلا عنها. وبدوره صرح ملا بختيار ان الاتحاد الوطني الكردستاني يراجع علاقاته مع مختلف القوى السياسية وفق تطورات الاوضاع في العراق والمنطقة.
وضمن سياق الحراك السياسي أجرى وفد الاتحاد الوطني الكردستاني لقاءات مع العديد من الزعماء السياسيين منهم عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، وبحث الجانبان تحرير مدينة الموصل والمرحلة التي تليها، مؤكداً أهمية الاستقرار السياسي لمعركة تحرير الموصل والتنبه للوضع الإقليمي ومتغيراته، فضلا عن الاستعداد لمرحلة ما بعد الموصل حيث الانتهاء من تنظيم «الدولة» (داعش) عسكريا والتحول إلى التحدي الأمني كون التنظيم وفق المعطيات سيعود إلى أساليبه القديمة من خلال الخلايا النائمة او ما يشبهها من أساليب». واشار الحكيم إلى «أهمية الأخذ بأولويات المرحلة في إعادة النازحين وتحقيق السلم الأهلي واعمار المدن وتوفير الخدمات».
وتوجد العديد من الأزمات والملفات العالقة بين حكومتي بغداد وأربيل منها إيقاف العمل بالاتفاق النفطي، وقيام الاقليم بتصدير النفط دون الرجوع إلى بغداد التي اوقفت بدورها رواتب ومستحقات الاقليم المالية منذ حوالي عام.
ويعتقد المراقبون ان محاولة تأسيس مجلس سياسي يضم قادة القوى السياسية قد يكون محاولة لإعادة ترتيب أوراق وتحالفات تلك القوى قبيل الانتخابات المزمع اجراؤها بداية عام 2017، واستعدادا لمرحلة ما بعد تنظيم «الدولة»، وهو تكرار لمشروع مشابه باسم مجلس السياسات العليا اتفقت القوى السياسية على تأسيسه عند تشكيل حكومة حيدر العبادي ولكنه لم ير النور بسبب الخلافات بين الأحزاب.
القدس العربي |