الصراصير الليلية..تقلق الناس وتنعش سوق المبيدات الزراعية...

تزامناً مع  ارتفاع درجات الحرارة التي شهدتها مدن العراق والتي تجاوزت  (50) درجة مئوية،  ظهرت أعداد كبيرة من الحشرات الليلية وبشكل ملحوظ الأمر الذي أقلق الكثير من المواطنين. ومثل بقية الاحداث لابد من ترويج وتناقل الأخبار ، منهم من عزا السبب الى قيام طائرة مجهولة برمي هذه الحشرات في مناطق عدة، وآخر يفيد أن تنظيم داعش هو من أرسل هذه الحشرات الى بغداد وهكذا، في حين غابت التفسيرات العلمية لهذا الغزو مثلما أسماه بعض المواطنين الذين أخذوا بمكافحتها فيما بينهم لمطاردة الصراصير الليلية .  

المناطق المدارية المتعدلة

شبكات التواصل الاجتماعي وجدت ضالتها حتى بات غزو الصراصير موضوعها الأبرز بعد تداعيات الانقلاب التركي اذ اظهرت العديد من الصور حجم وكمية الحشرات المنتشرة في البيوت والمناطق السكنية التي تصوّرها البعض انها تخص بيته فقط أو تسربت من بيوت الجيران لكن شبكات التواصل الاجتماعي وخاصة الفيسبوك بيّنت ان الظاهرة في عموم مدن البلاد. الباحث البيئي والاستاذ في جامعة البصرة شكري الحسن يقول أن حشرة صرصور الليل تعيش عادةً في المناطق المدارية المعتدلة.. مردفا: إلا أنها تفضل الأماكن الرطبة نسبياً التي يكثر فيها وجود النباتات والخضراوات والحدائق حيث غذاؤها الرئيس والبيئة المثالية لتكاثرها. مبينا: انها تبيض في الشتاء وفي الربيع تفقس البيوض وتتحول الى حوريّات صغيرة حتى تصل الى سن البلوغ في الصيف. موضحا: انها تتوالد على خمسة أجيال يستغرق كل جيل منها (80 – 50) يوماً.. وفي كل مرة تضع الأنثى الواحدة نحو (2000) بيضة.

تسبب الحكة والحساسية

واسترسل الباحث البيئي: ان انتشارها بهذا الكم الكبير يعد مشكلة حقيقية!!. معقبا: ذلك لأنها يمكن أن تكون مصدراً لانتشار الطفيليات التي تحملها فوق جسمها عند ملامستها للجسم البشري.. ويمكن أن تسبب حساسية جلدية أو حكة عند اللسع.. . مشيرا: الى صوت صفيرها المزعج الذي يصل الى (90) ديسيبل على مقياس الضوضاء. عازياً سبب انتشارها بهذا الكم الهائل وخاصة في محافظة البصرة  نتيجة للحرارة المرتفعة (50 - 45 درجة مئوية) حيث لجأت هذه الحشرات إلى مناطق أكثر رطوبة وبرودة من المناطق البرية التي تتواجد فيها. لافتا: انها زحفت بهذه الأعداد الهائلة الى المدن لتحتمي تحت ظلال الدور السكنية وغيرها هرباً من لظى الشمس الحارقة.

صراصير الليل غير مؤذية 

وزارة الزراعة قلّلت من مخاطر ظهور اعداد كبيرة من صراصير الليل. مبينة: ان هذا الصرصار متواجد في الاماكن المظلمة وظهر بسبب ارتفاع درجات الحرارة الى معدلات غير مسبوقة. المتحدث باسم الوزارة حميد النايف أوضح: ان صراصير الليل مستوطنة في البلاد منذ ستينيات القرن الماضي وليست حشرات دخيلة جديدة. منوها: انها خرجت مع ارتفاع درجات الحرارة وانها غير ضارة  والسلبية الوحيدة ان شكلها مقزز.

وبين النايف: ان هذه الحشرات ستختفي مع انخفاض درجات الحرارة في الايام المقبلة. متابعا: ان وزارة الزراعة والدوائر التابعة لها تعالج الحشرات الزراعية وهناك مبيدات تستخدمها للقضاء على الآفات الزراعية ولا يمكن ان تستخدم داخل المدن. مبينا: إن الجهة المسؤولة عن مكافحة الحشرات في المدن هي وزارة الصحة والبيئة . مشددا: على اهمية تعاون الوزارات الاخرى مع وزارة الزراعة ليتم معالجة هذه الحشرات.

مبيدات وزارة الزراعة

وأكد المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة: على اهمية الحفاظ على نظافة المنازل خصوصا ان هذه الحشرات تتغذى على الأكل الجاهز المطبوخ وليس المواد الغذائية اليابسة. موضحاً: ان الوزارة لاتستطيع استخدام مبيداتها للقضاء على حشرات المنازل لكونها مبيدات مميتة تضر بالصحة العامة وتستخدم لمكافحة الآفات في الاجواء المفتوحة. مشددا: ان اغلب مناطق العاصمة بغداد والمحافظات شهدت مع ارتفاع درجات الحرارة انتشارا واسعا لصرصار الليل مما أثار مخاوف عدة لدى المواطنين من بينها نقل الامراض او التسبب باللدغات التي تؤدي الى امراض جلدية.

رش المبيدات 

وزارة الصحة أشارت الى اسباب ظهور هذه الحشرات والافاعي والعقارب الى أرتفاع درجات الحرارة وبينت ان هناك تعاوناً مع وزارة الزراعة للقضاء على الحشرات. المتحدث باسم وزارة الصحة د. احمد الرديني  قال لـ(المدى) كلما ارتفعت درجات الحرارة فسيكون هناك بالتأكيد إنتشارا للحشرات والافاعي والعقارب. مبينا: ان هذا الامر ربما يتسبب بإنتشارها في المنازل والمؤسسات وتكون أكثر في المناطق الريفية والزراعية. موضحا: أن الوزارة لاحظت وجود زيادة في معدل انتشار الحشرات هذا العام وهناك تعاون مع وزارة الزراعة للقضاء على هذه الحشرات من خلال رش المبيدات في المناطق التي شهدت تكاثرها.

تجهيز المؤسسات الصحية

 وبشأن المصول والعلاجات للدغات الافاعي والعقارب أكد الرديني: ان وزارة الصحة  جهزت كافة مؤسساتها الصحية بالمصول اللازمة والأدوية المطلوبة لكل انواع اللدغات. مستدركا: لكن هذا لا يعني المراجعة المتأخرة حين الإصابة بلدغة الأفعى أو العقرب فخطورة الحالة تكون بالمراجعة المتأخرة حتى وإن أعطي المصل المضاد. داعيا: الجهات المعنية ومنها الزراعة لان تأخذ دورها الفاعل في مكافحة الحشرات والعقارب والافاعي التي يتزامن ظهورها مع ارتفاع درجات الحرارة.

مساعدة العوامل الطبيعية 

السيد جبار هاشم محمد الياسري أشار في بحث مقدم لوزارة الزراعة أن  العوامل الطبيعية تلعب دورا في تقليل نشاط الكائنات الحية وتأثيرها، فالحرارة تعتبر اهم العوامل  الطبيعية. متابعا: انها تؤثر تأثيراً مباشراً على فعل الآفات الحشرية والمرضية فهي تحد من نشاطها سواء بادخالها في دور سبات او تتسبب بموتها خاصة الحرارة العالية. موضحا: الرطوبة لها تأثيرات جانبية على الآفات وحالات الجفاف مع زيادة الحرارة وتغير البيئة وتؤثر على الآفة كذلك اشعة الشمس المباشرة وما يحدث من تقلبات جوية تدخل ضمن هذا النوع من المقاومة للآفات فقد تكون محسوبة او غير محسوبة في تقليل فعل الآفات .

اختفاء التضبيب المسائي؟

الدكتور مثنى حمدان يوضح أن التضبيب المسائي وجد لغرض تحسين الواقع الصحي والخدمي من خلال رش المستنقعات وغيرها من الاماكن التي تعتبر البيئة المناسبة لانتشار البعوض والتحري الحشري. مبينا: إسهام التضبيب المسائي  في مكافحة نواقل الأمراض في المناطق السكنية. لافتا: الى غياب شبه تام للتضبيب المسائي في عموم دوائر الصحة والاسباب مجهولة ، حيث أخذت وزارة الصحة على عاتقها منذ عشرات السنين مسؤولية التضبيب المسائي من خلال سيارات التضبيب المسائي والفرق الجوالة والميدانية في عموم المناطق السكنية لرش المبيدات بغية مكافحة البعوض والحشرات والناموس.  داعياً الجهات ذات العلاقة الى إعادة التضبيب المسائي في عموم مناطق البلاد لما له من اهمية. 

غياب الدور الحكومي 

تحدث هذه الظاهرة ومنها ظهور الصراصير الليلية وهي أكثر الآفات انتشارا في جميع دول العالم، وهي حشرات رمرامة حيث تعيش في البالوعات والأماكن القذرة، وتتغذى على كل أنواع الطعام دون استثناء سواء كان طازجا أم فاسدا وتتمثل خطورتها في أنها تتقيأ جزء من هذا الطعام أثناء التغذية مم يسبب انتشار الكثير من الأمراض الميكروبية المرضية (الكوليرا- الدفتيريا- الحمى الصفراء....الخ ) وهي حشرات ليلية وتختبئ أثناء النهار. المهندس الزراعي أحمد لطيف يقول لـ(المدى) أن ظاهرة انتشار الحشرات ليلاً في عموم مناطق بغداد أثار قلق الكثير من المواطنين والسبب هو قلة الخبرة والوعي لدى المواطن  في هذا المجال. مشيرا: الى غياب الدور الحكومي وتوضيح الأمر أمام الرأي العام حول اسباب هذه الظاهرة وهذه تقع من ضمن مسؤولية وزارة الزراعة والصحة. وأشار لطيف: الى ان هذه الظاهرة حصلت في العديد من المحافظات ومنها في ميسان  عام 2013 كذلك على المستوى العالمي حدثت في الكويت وعمان ولا اسباب طبيعية. 

استغلال الظاهرة 

المواطن حمزة كريم يقول لـ(المدى) ان هذا الهجوم له فوائد اذ سارع البعض من المواطنين الى اصحاب محلات المبيدات الذين سارعوا برفع اسعار بعض المبيدات الى الضعف خاصة مبيد الصراصير الليلية. منوها: الى  رفع اسعار الغطاء الاخضر الذي يباع لغرض حماية الشتلات الزراعية هو الآخر الى الضعف فإذا كان سعر مادة ما من المبيدات ثلاثة ألف فالآن يباع بأكثر من خمسة آلاف دينار. في حين يرى ابو منتظر صاحب محل بيع المبيدات في منطقة السنك ان الاسعار طبيعية  لكن  الطلب عليها كثير ويعتقد البعض اننا رفعنا ألاسعار لكن الواقع غير ذلك . مضيفا: لأن الكثير منهم لم يشتر اي نوع من المبيدات منذ فترة طويلة. مشددا: على اهمية توفر انواع معينة من المبيدات التي لاتشكل خطرا على الصحة العامة، يمكن ان تستخدم في اوقات الطوارئ.

حيث تفاجأ المواطنون  في الأيام القليلة الماضية بظهور أعداد كبيرة من ” الصرصار الليلي (الكماز) في منازلهم ومحالهم التجارية واصبح مادة للتندر على مواقع التواصل الاجتماعي مشفوعة بالصور والهاشتاكات والتساؤلات عن انتشاره بهذه الاعداد الكبيرة.     

اختصاص مكافحة الحشرات زياد عبد الرضا بين لـ(المدى):   . موضحا: لكون هذه الحشرة تحب التجمع حول الضوء في الليل بالاضافة الى استخدام مبيدات حشرية بحذر وعند الضرورة القصوى وعلى أماكن تجمع هذه الحشرات تحديداً وليس رشها في أجواء الغرفة. مشددا: على اهمية التخلص من النفايات المنزلية أولاً بأول، والحرص على التهوية الجيّدة للمنزل ودخول أشعة الشمس، ووضع قطع من النفتالين في الأماكن التي تتواجد بها الملابس المخزّنة والأحذية والكتب وغيرها، فإنّ الحشرات تنجذب إلى الأماكن التي توجد بها الأطعمة والرديئة التهوية ومرتفعة الرطوبة.

استخدام الديزل و الكاز

اما الدكتور الوقائي حسن عبد الرسول فقد شدد بحديثه لـ(المدى) على ضرورة استخدام السلك على النوافذ حتى تسمح بالتهوية ودخول الشمس الى الغرف. مضيفا: وفي ذات الوقت تمنع الحشرات من الدخول مع سد الفتحات التي يمكن أن تدخل منها الحشرات إلى المنزل. مشيرا: الى غلق فتحات بالوعات الصرف الصحي خاصة في الليل. مشددا: على استخدام الديزل أو الكاز في تنظيف مجاري التصريف كلّ فترة؛ حيث يعمل الكاز على خنق الحشرات التي تتواجد في المجاري بسبب رائحته النفّاذة، والتي من الممكن أن تتسلّل إلى المنزل من خلال المجاري، خاصّة الصراصير.

الحذر من (الكيروسين) 

في المكافحة

وزير الصحة السابق والنائب الحالي عن صالح الحسناوي، حمل وزارة الصحة مسؤولية انتشار الحشرات في بغداد، عازيا ذلك الى عدم اضطلاع قسم الوقاية التابع للوزارة، بمهمة تثقيف المواطنين على المواد التي يجب اعتمادها في مكافحة الحشرات في فصل الصيف. وقال الحسناوي في تصريح صحفي: ان ارتفاع درجات الحرارة في البلاد وراء خروج الحشرات من مكانها في الارض الى البيوت. مستدركا: من المفترض على قسم الوقاية الصحية التابع لوزارة الصحة توزيع المبيدات والمواد الضرورية وتثقيف الناس على كيفية استعمالها قبل مدة من الآن لأجل الحد من هذه الحشرات. مضيفا: أن على وزارة الصحة توعية الناس على عدم شراء واستعمال بعض المبيدات التي تباع في المشاتل، كـ(الكيروسين)، باعتبار ان هذه المواد قد تكون مسيئة وتؤثر على الانسان.

حملة تضبيب ولكن 

أمانة بغداد سبق وان اعلنت عن اتخاذ اجراءات فاعلة لمكافحة الحشرات الطائرة والزاحفة الناقلة للامراض حفاظا على الصحة العامة وعلى بيئة العاصمة. وذكر بيان للأمانة ان ملاكات شعبة البيئة في دائرة بلدية الشعلة اطلقت حملة تضبيب في المناطق الزراعية وأماكن الجزر الصحي للقضاء على الحشرات الزاحفة والطائرة الناقلة للأمراض المعدية باستعمال مواد غير مؤثرة على صحة الانسان.

وأوضح البيان، ان هذه الحملة أطلقت بالتزامن مع موسم تكاثر هذه الحشرات وتفقيس بيوضها للقضاء عليها بشكل نهائي ومنع انتشارها في التجمعات السكنية والأسواق والحدائق والأماكن الزراعية وقرب مواقع الجزر الصحي. مبينا: ان فرقاً اخرى من الدائرة نفذت حملات تضبيب شملت الشوارع الرئيسة والمحلات السكنية منعا لانتشار الحشرات غير المرغوب بها حفاظا على الصحة العامة وعلى بيئة العاصمة بغداد. لافتا: الى ان الملاكات التي تنفذ هذه الحملات تم تدريبهم بشكل جيد على التعامل مع هذه الأنواع من الحشرات وتهيئة كافة المستلزمات من أدوات ومبيدات وملابس وقائية وعجلات التضبيب لتحقيق الأهداف المرجوة بالشكل المطلوب.

المدى