تحرير قاعدة «القيارة» الجوية فتح الطريق إلى انتزاع الموصل من تنظيم «الدولة»
أكدت مصادر عسكرية عراقية القيمة العالية للانجاز الذي حققته القوات العراقية بتحرير قاعدة القيارة الجوية، الحبانية، جنوب الموصل، وأهميتها في الاقتراب من تحرير المدينة التي يسيطر عليها تنظيم «الدولة الإسلامية» منذ حزيران / يونيو 2014.
وأشار اللواء المتقاعد، هلال الشمري، لـ«القدس العربي»الى أهمية تحرير القوات العراقية لقاعدة الحبانية من تنظيم «الدولة» من الناحية العسكرية والمعنوية. فهي تعتبر من القواعد الجوية الأساسية للجيش العراقي السابق، وموقع القاعدة استراتيجيا بسبب قربها من مدينة الموصل معقل التنظيم الرئيسي في العراق، وهذا بالإضافة إلى قربها من محافظات شمال العراق. وتتوفر في القاعدة البنية التحتية لمعسكر ومطار عسكري مهم، كما انها ستكون نقطة تجمع للقوات العراقية المنطقة نحو الموصل.
وبيّن ان القوات الأمريكية اتخذتها، منذ عام 2003، قاعدة رئيسية لها في شمال العراق، وأقامت فيها العديد من المنشآت والبنى التحتية كمعسكر وقاعدة لطائراتها إلى حين الانسحاب من العراق. وأكد ان «خسارة التنظيم لهذه القاعدة سيزيد من انكسار معنويات عناصره وسيسهل عملية تحرير الموصل وباقي المناطق الخاضعة لسيطرته».
ومن جهة اخرى، افاد مصدر أمني، أول من أمس الاحد إلى ان تنظيم الدولة قام بإحراق خمس آبار نفطية قرب مصفاة القيارة جنوب مدينة الموصل، وكانت سحب الدخان لا تزال تغطي سماء المنطقة حتى يوم الاحد، وذلك للتمويه على طيران التحالف الدولي. وذكرت مصادر ان التنظيم اقدم ايضا على تفخيخ الطرق الرئيسية المؤدية إلى ناحية القيارة جنوب مدينة الموصل.
وزارت «القدس العربي» قاعدة القيارة عام 2004، ضمن وفد صحافي اجنبي، واطلعت على نشاط القوات الأمريكية الموجودة فيها والطائرات الأمريكية والمعدات الهائلة المكدسة فيها. كما اطلعت على قيام القوات الأمريكية بإقامة العديد من المنشآت الجديدة لتحسين البنية التحتية للقاعدة وخاصة تأهيل مدرج هبوط واقلاع الطائرات. وكانت القاعدة وقتها عبارة عن مدينة أمريكية متكاملة وسط المدن العراقية، تتوفر فيها كل الخدمات العسكرية والترفيهية لجنود قوات الاحتلال.
وضمن مشاهدات آنذاك ايضا، وجود العشرات من الطائرات الحربية العراقية التي كانت سليمة في القاعدة ولكن القوات الأمريكية دمرتها بعد احتلال العراق وسيطرتها على القاعدة، وذلك لحرمان العراق من اي قوة جوية عسكرية مستقبلا.
وقد أعلنت اللجنة الأمنية في مجلس محافظة نينوى أن مدارج قاعد القيارة الجوية سيتم تنظيفها وتهيئتها لتكون آمنة لهبوط وإقلاع طائرات التحالف والقوة الجوية العراقية،. وأشارت إلى أن قوات التحالف وقيادة عمليات تحرير نينوى ستتمركز في القاعدة.
وقال رئيس اللجنة، محمد البياتي، في تصريحات صحافية، بعد تحرير قاعدة القيارة الجوية: «سيتم تنظيف مدرجات الطيران فيها وتمشيطها لتكون موقعا لتمركز قوات التحالف الدولي وقيادة عمليات تحرير نينوى. والغرض هو إقامة محور رئيسي في ادارة تحرير معركة نينوى». وأوضح أن «القاعدة ستستخدم لهبوط وإقلاع طائرات التحالف وطيران الجيش العراقي».
وأضاف أن «معركة الموصل ستكون سهلة بعد الانكسارات الكبيرة التي تكبدها تنظيم الدولة في مختلف قواطع العمليات»، مشيرا إلى أن «التحالف الدولي نفذ، أمس، سلسلة غارات جوية مؤثرة منها ضربة جوية في الجانب الأيسر للموصل في المجموعة الثقافية أسفرت عن مقتل 10 من عناصر الدولة».
وكان القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء، حيدر العبادي، قد أعلن يوم السبت تحرير قاعدة القيارة من سيطرة التنظيم، عاداً إياها خطوة مهمة باتجاه تحرير الموصل، وداعيا أهالي نينوى إلى التهيؤ من اجل تحرير مدنهم.
واكدت خلية الإعلام الحربي الرسمية ان «بعض المواطنين اكدوا انكسار الدولة تماما في نينوى بعد تحرير قاعدة القيارة». وذكر بيان للخلية، يوم السبت، أن «عصابات داعش الإرهابية احتجزت عناصرها الفارين من جنوب الموصل، ومنعتهم من دخول المدينة، بعد أن فروا بعوائلهم خلال عملية تحرير القاعدة».
وأضافت أن «هناك هروباً كبيراً لعناصر داعش من جنوب الموصل إلى داخل المدينة»، مشيرةً إلى أن «حالة من الهلع والخوف تدب في أوساط الدواعش بعد تحرير قاعدة القيارة».
وجاء في البيان ان «القوات الأمنية البطلة شرعت في وقت مبكر من صباح السبت بالهجوم على قاعدة القيارة من محورين، واستطاعت أن تكبد العدو الداعشي خسائر فادحة في الأرواح والمعدات».
واضافت الخلية ان «بعض المواطنين اكدوا انكسار العناصر الإرهابية تماما، مبينة ـ في شهادة لمصادرنا في القرى التابعة للقيارة ـ أن سرعة التقدم والسيطرة على المطار رسم الخوف على وجوه الدواعش».
واكد بيان الخلية ان «القاعدة تعتبر من المراكز الاستراتيجية للقطعات الأمنية وتعتبر نقطة مفصلية لقربها من الحدود إلادارية بين محافظتين، وكذلك مساحتها الواسعة التي تقدر بـ20 كيلومترا مربعا. ويعد تحرير هذه القاعدة والتماس مع القوات الموجودة ما خلف النهر والمنضوية تحت قيادة عمليات تحرير نينوى وكذلك القطعات الموجودة حاليا في القاعدة، صارت لدينا قوة ضاربة سوف تكون الوجهة الثانية باتجاه القيارة ومن ثم جنوب الموصل».
وضمن هذا السياق، تمكنت القوات العراقية من تأمين معسكر القيارة الذي استعادته، عبر تحرير قرى محيطة بها. وقال مدير ناحية القيارة، صالح حسن علي، لوكالة «شفق نيوز» الإخبارية، ان القوات العراقية «حررت ست قرى محيطة بقاعدة القيارة وهي صران وخدعان وجدولة الهزاع وجدالة عليا وسفلى وجدالة عنق». واضاف انها تمكنت بذلك من تأمين القاعدة بشكل كامل.
ويعتبر تحرير قاعدة القيارة جنوب الموصل، انجازا مهما على طريق التقدم نحو مدينة الموصل لخوض المعركة الفاصلة لتحريرها كونها مركز قيادة تنظيم «الدولة» في العراق التي احتلها منذ حزيران / يونيو 2014 وانتشر منها إلى باقي مناطق العراق في صلاح الدين والانبار وكركوك وديالى.
القدس العربي |