القوات العراقية اقتحمت الفلوجة من ثلاثة محاور وقوات النخبة بدأت التطهير باتجاه مركزها
تكللت بالنجاح المرحلة الثانية من معركة الفلوجة مع شن قوات النخبة صباح أمس هجوما باتجاه مركز المدينة وسط غطاء جوي مكثف لتحريرها من تنظيم «الدولة الإسلامية».
والفلوجة هي ثاني أكبر مدينة عراقية تحت سيطرة التنظيم بعد الموصل التي كان يقطنها قبل الحرب نحو مليوني نسمة. وقد تصبح ثالث مدينة كبرى في العراق تستعيدها القوات العراقية بعد تكريت ـ مسقط رأس صدام حسين ـ والرمادي، عاصمة محافظة الأنبار في غرب العراق.
واقتحمت القوات العراقية مدينة الفلوجة من ثلاثة محاور، ما يشكل بداية لمرحلة جديدة من عملية استعادة السيطرة على المدينة التي تعد أحد معقلي تنظيم الدولة الرئيسيين في العراق، حسبما أعلن قادة عسكريون.
وأفاد مصدر عسكري ان القوات المشتركة العراقية «بدأت عملية تحرير الفلوجة ضمن المرحلة الثانية بالتقدم على ثلاثة محاور هي جسر التفاحة والنعيمية ومحور السجارية». وقال الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي قائد عمليات تحرير الفلوجة ان «قوات جهاز مكافحة الإرهاب والجيش والشرطة بدأت عند الساعة الرابعة (الثانية بتوقيت غرينتش) بغطاء من طيران التحالف الدولي، اقتحام مدينة الفلوجة من المحاور الثلاثة تلك».
وقال المصدر، وهو ضابط في العمليات المشتركة، ان قوات جهاز مكافحة الإرهاب توغلت نحو الفلوجة عن طريق محور السجارية. ودارت اشتباكات عنيفة ظهر أمس بين القوات الحكومية وعناصر التنظيم في حي النعيمية جنوب المدينة، حيث أفشلت القوات المشتركة هجوما معاكسا شنته عناصر التنظيم لمحاولة عرقلة تقدم القوات.
واشار المصدر إلى ان عملية التوغل نحو مركز الفلوجة تقوم به قوات نخبة من الجيش ومكافحة الإرهاب (أكثر القوات العراقية تدريبا وخبرة قتالية) والشرطة الاتحادية. وهي مدربة بشكل جيد على حرب الشوارع، ولديها خبرة متراكمة من خلال المشاركة في عمليات تحرير العديد من المدن من تنظيم «الدولة» – بالاستفادة من مقاتلي العشائر الذين يعرفون المدينة وخباياها – وذلك بهدف القضاء على أي مقاومة للتنظيم وتقليل خسائر القوات العراقية.
خطوط تواصل
وأكد ان هناك خطوط تواصل مع عناصر من أهالي الفلوجة يقومون بتزويد القوات العراقية بالمعلومات عن أماكن وجود عناصر «الدول» في المدينة. وبناء عليه تقوم طائرات القوة الجوية باستهدافها بدقة.
واشار إلى ان التنظيم هيأ سائر عناصره ومعداته وأسلحته لمواجهة القوات المقتحمة. ولذا فالمتوقع ان تكون المعركة في مركز المدينة شرسة وصعبة، ولكن المقاتلين العراقيين مصممون على تحرير المدينة واهلها، كما قال.
وضمن السياق نفسه ذكر بيان لخلية الإعلام الحربي ان «أبطال قوات مكافحة الإرهاب يبدأون باقتحام الأهداف المحددة من الفلوجة»، مشيرا إلى ان» تقدم أبطال جهاز مكافحة الإرهاب يتم بإسناد من قوات الجيش والقوة الجوية وطيران الجيش والتحالف الدولي».
واضاف ان «قوات الشرطة الاتحادية والحشد الشعبي تباشر باقتحام أهدافها في قاطع الصقلاوية ـ طريق العوينات والمعارك مستمرة بإسناد من القوة الجوية وطيران الجيش».
كما ذكر بيان آخر لخلية الإعلام الحربي ان «قوات الفرقة 14 في الجيش والحشد الشعبي تقدمت صوب أهدافها في شمال مدينة الصقلاوية وتمكنت من تحرير قرية الشيحة ورفع العلم العراقي على مركز الشرطة فيها». وأعلنت الخلية أيضا تحرير منطقة النعيمية، جنوبي الفلوجة، وقيام القوات المسلحة برفع العلم العراقي فوق مركز الشرطة.
وتشارك قوات الحشد الشعبي، ممثلة بفصائل شيعية مدعومة من إيران، في عمليات تحرير الفلوجة. وقال بيان لخلية الإعلام الحربي ان «قوات عراقية من الجيش والحشد الشعبي باشرت التقدم إلى منطقة الصقلاوية» الواقعة إلى الشمال الغربي من الفلوجة.
ومن جهتها أفادت قيادة الشرطة الاتحادية، أمس، ان القوات الأمنية فرضت سيطرتها على الجسر الحيوي الذي يربط الصقلاوية في مدينة الفلوجة شمالا. وقال بيان لقائد الشرطة الاتحادية، الفريق شاكر جودت، انه تمت السيطرة على الجسر الرابط بين الزغاريد والصقلاوية جسر البوغايب، مضيفاً ان التقدم سيبدأ باتجاه مركز ناحية الصقلاوية «. وكان تنظيم «الدولة» وقد سيطر على الصقلاوية مطلع عام 2014، والتي كانت ممرا رئيسيا للإسلاميين باتجاه الرمادي.
وذكرت المصادر العسكرية ان طيران التحالف والطيران العراقي يقومان بحملة منسقة واسعة لاسناد القوات المتقدمة نحو الفلوجة واستهداف مواقع وعجلات التنظيم وعناصره. وقد تمكنت القوة الجوية العراقية من تدمير ثلاث عجلات مسلحة للتنظيم إضافة إلى استهداف مواقعه.
ويعني إشراك قوات مكافحة الإرهاب في هذه المرحلة من العملية، توقع على الأرجح وقوع معارك شوارع داخل المدينة التي شهدت قتالا شرسا ضد القوات الأمريكية في 2004، وصف بالأعنف منذ حرب فيتنام.
وكانت عملية استعادة الفلوجة التي بدأت قبل أسبوع بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، ركزت في البدء على استعادة السيطرة على القرى والبلدات المحيطة بالمدينة التي تبعد خمسين كيلومترا إلى الغرب من بغداد.
وكان رئيس الحكومة، حيدر العبادي، قد أعلن، أول من أمس الأحد، في كلمة له أمام النواب إن عمليات تحرير الفلوجة ستدخل في مرحلتها الثالثة خلال 48 ساعة، مشيرا إلى أن على أهالي الفلوجة إما الخروج عبر الممرات الآمنة أو البقاء في منازلهم لحين تحرير المدينة.
ويقدر عدد مسلحي التنظيم المتطرف الموجودين في الفلوجة حاليا بحوالى ألف عنصر، محاصرين منذ عدة اشهر. ولا يمكن التكهن بقدرة التنظيم على منع تقدم القوات العراقية لتحرير الفلوجة في غياب أي معلومات عن معداتهم وتجهيزاتهم.
دروع بشرية
ويتوقع المراقبون ان تخوض القوات العراقية واحدة من أصعب المعارك ضد الإسلاميين الذين فقدوا تدريجيا السيطرة على مناطق واسعة خلال العام الماضي.
ويسيطر التنظيم الإسلامي حاليا على 14 في المئة من أراضي العراق، مقابل أربعين في المئة من هذه الأراضي في 2014، وفق ارقام حكومية. لكن التنظيم، الذي أعلن «دولة خلافة» في الأراضي التي سيطر عليها في سوريا والعراق، واصل القيام بتفجيرات وهجمات دموية استهدف معظمها مدنيين. وقتل 11 شخصا على الأقل وأصيب أكثر من 40 بجروح في ثلاثة تفجيرات أحدها سيارة مفخخة يقودها انتحاري، استهدفت مناطق متفرقة في بغداد وشمالها.
وتأتي عمليات تحرير أول مدينة خرجت عن سيطرة القوات العراقية عام 2014، بالتزامن مع عمليات تنفذ في سوريا، ويخشى ان تتعرض فيها حياة عدد كبير من المدنيين للخطر.
وقبل بدء العملية العسكرية، تمكنت بضع مئات فقط من العائلات من الفرار من المدينة التي يقدر عدد السكان العالقين فيها حاليا بنحو خمسين ألف شخص، مما يثير مخاوف من ان يستخدمهم الإسلاميون دروعا بشرية. ولم تتمكن سوى العائلات التي تسكن أطراف الفلوجة من الفرار مساء السبت، والتوجه إلى مخيمات اجتمعت فيها أعداد كبيرة أخرى من النازحين.
والفلوجة معروفة باسم «مدينة المساجد» وكانت أحد مراكز انطلاق شرارة الثورة على الاستعمار البريطاني عام 1920. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2004، منيت القوات الأمريكية بخسائر فادحة فيها كانت الأسوأ منذ عقود في عملية قتل خلالها 95 عسكريا أمريكيا خلال مواجهات مع مسلحين كانوا ينتمون لتنظيم «القاعدة» وجماعات تعتبر سابقة على تنظيم «الدولة».
وفي الوقت نفسه يتعرض مقاتلو «الدولة» لضغوط كبيرة من مقاتلي قوات البشمركه الكردية شرق مدينة الموصل ثاني مدن العراق.
القدس العربي |