من أجل تنظيم أمورهم المالية..لماذا لا تدفع الرواتب التقاعدية كل شهر ؟

منذ الصباح استعدت ام زياد لمرافقة ولدها الى المصرف لتسلم مرتب والده التقاعدي الذي يتأخر بين اسبوع او خمسة ايام كل شهرين. وصل زياد الى المصرف الذي اعلمه ان الراتب التقاعدي تأخر بسبب بعض الاجراءات وفي الاسبوع المقبل عليك مراجعة احد منافذ التوزيع. وحين سأل عن سبب عدم مراجعته للمصرف يخبره الموظف ان الامر اسهل لك وافضل دون ان يوضح ذلك وكيف. سمع زياد النصيحة مرغما وذهب بعد اسبوع الى احد المنافذ القريبة من سكنهم ، ولأن والدته مقعدة توجب عليه جلب جهاز البطاقة الى السيارة وتكرار البصمة اكثر من مرة بسبب رداءة الاجهزة المستخدمة وكبر سن والدته وصعوبة تثبيت اصبعها لتاكيد البصمة. تسلم زياد المبلغ المكتوب في الايصال لكنه ناقص قرابة 15 الف دينار عللها صاحب المكتب : 10 آلاف رسوم والخمسة بسبب خروجي من المكتب؟!.

الدفع شهرياً

سلمان صبري ، متقاعد 60-عاماً- يقول لـ( المدى ) :أستغرب ظاهرة تأخير توزيع الراتب التقاعدي والتي تصل احيانا الى اسبوع واكثر. مبينا: ان بعض مكاتب الدفع تستغل ذلك بفرض رسوم تصل الى عشرة آلاف دينار. موضحا: ان نسبة كبيرة من المتقاعدين العسكريين والمدنيين والرعاية الاجتماعية ينتظرون يوما بعد يوم لحين مجيء موعد تسلم الراتب التقاعدي لغرض تسديد التزاماتهم المالية.

واضاف صبري: ان المشكلة التي تحصل في تأخير موعد تسلم الراتب لحين منح المكاتب اولوية التسلم. منوها: هناك مافيات بين المكاتب والبطاقة الذكية او المصارف. متابعا:  لا ندري من يتفق مع من. مشيرا الى: وجود تلاعب في موعد اطلاق الراتب في الكي كارد اذ يتعمد البعض من العاملين في المصارف صرفها يوم الخميس الامر الذي يتأخر ثلاثة ايام كي تطلق يوم الاحد.

التقنيات الحديثة

غنية جبار ، تتسلم راتب زوجها المتوفى ، تقول عن هموهما: إن مستلزمات العيش في مجتمعنا ليست بالسهلة نتيجة تردي الاوضاع بصورة عامة. مبينة: إن دفع الراتب كل شهرين مع التاخير الحاصل يسبب لنا الكثير من المشاكل والارباكات في تنظيم شؤون حياتنا. مقترحة:  أن يكون دفع الراتب كل شهر ليسهل على رب الاسرة تنظيم حياتة الاقتصادية والمعيشية والايفاء بالتزاماته المالية.

 فؤاد حسين ،مهندس برامجيات، يشير الى أن نظام المدفوعات المعمول به في الوقت الحاضر هو من التقنيات الحديثة والمتطورة في العالم ومن السهل جداً أن يتم تنظيم عملية الدفع كل شهر وهناك امكانيات عالية جداً بهذا الخصوص. لافتا الى دور هيئة التقاعد العامة في حل هذا الاشكال الحاصل وان يتم تسهيل عملية الدفع الى المتقاعد وان يبتعد عن لغة الترجي من الاخرين من اجل اقتراض مبلغ معين لحين تسلمه الراتب الذي يساعده على تنظيم حياتة الاقتصادية.

الدقة العالية والأمان

مدير العلاقات العامة والإعلام في الشركة العالمية للبطاقة الذكية علاء عبد الهادي يقول لـ( المدى ) : ليس للشركة من بعيد أو قريب دخل في تأخير دفع المستحقات المالية للمتقاعدين. مردفا: ان الامر يتعلق بهيئة التقاعد العامة التي تدفع الملف الى مصرفي الرشيد والرافدين وبدورنا نتسلم تلك الملفات ويتم ادخالها الى المنظومة خلال ربع ساعة فقط. موضحا ان هذا النظام وفر الدقة العالية والامان في تسلم المستحقات لكل حاملي البطاقة الذكية عموماً ومنهم المتقاعدون على وجه الخصوص.

القدرة على الدفع شهرياً 

عبد الهادي اشار الى قدرة الشركة على دفع مستحقات ومرتبات المتقاعدين شهرياً حال تسلمها من التقاعد العامة. لافتاً: ان أعداد المتقاعدين تقدر بحدود مليوني متقاعد. مبينا انهم تقدموا بمقترحات عدة للجهات ذات العلاقة للاستفادة من البرامج المتوفرة والتي ستوفر الكثير من الوقت والجهد سواء للعاملين في المصارف او المتقاعدين. 

واستطرد مدير الاعلام والعلاقات في شركة البطاقة الذكية الكي كارد:  ان للشركة كادرا متخصصا يعمل وفق احدث التقنيات المعلوماتية التي يوفرها من خلال منظمومة متطورة. مشددا: انهم يسعون الى تقديم المزيد من الخدمات لحاملي البطاقة. موضحاً: تفهم الشركة مدى الصعوبات التي يواجهها المتقاعد في حال تأخر تسلم مستحقاته المالية شهريا. رافضا الاتهامات الموجهة للشركة والتي تشير الى وجود اتفاق بينها والمصارف على دفع المستحقات واختيار يوم الخميس من كل شهر لغرض منح الفائدة لمنافذ الدفع لمكاتب البطاقة الذكية وان هذا الامر غير صحيح بتاتا.

الاحتياجات العلاجية 

رسمية سندان -67 عاماً- تقول لـ(المدى) : نحن كبار السن لنا همومنا ومشاكلنا ومنها تأمين العلاجات الطبية. مضيفة: ان اغلب المتقاعدين يعانون من مشاكل صحية وامراض مزمنة. متطرقة الى ان منهم من تعرض لنوبات قلبية تتطلب مراجعة الطبيب المختص بشكل عاجل لكن تسلم الراتب كل شهرين يضاعف الهموم مثلما يؤخر مراجعة الاطباء.

سندان دعت الى إعادة النظر بتسليم الراتب شهريا، والعودة الى التسلم الشهري بسبب الظرف المعيشي للمتقاعد وظروفه العائلية. موضحة: إن التسلم كل شهرين يبين للاخرين ،ومنهم الحكومة، ان راتب المتقاعد كبير ويكفيه ، مع ان احتياجات المتقاعد ما زالت كثيرة ومدة الشهرين التي ننتظرها تشكل عبئاً علينا. مستدركة: لكن لو تم التوزيع شهريا ستتبين ضآلة الراتب الذي لايسد معيشة شهر واحد في ظل التصاعد المستمر في اسعار  السوق المحلية. 

هل ينص القانون 

على ذلك؟

عبد الرزاق عذاب - 78عاماً-  من سكنة بغداد يوضح : هل هناك نص في القانون او الدستور العراقي أو في قانون التقاعد العامة ينص على أن يتسلم المتقاعد راتبه كل شهرين. لافتا: ان هذه المسألة فرضتها الظروف التي كانت سائدة قبل فترة وعدم تمكن المصارف من الايفاء بالتزاماتها المالية لكل المتقاعدين بسبب اعدادهم الكبيرة. مستدركا: لكن في ظل الظروف الحالية ودخول التكنلوجيا بات الامر اسهل واكثر يسرا على الدولة والمتقاعد الذي ينتظر بلهفة تسلم مرتبه رغم قلته أمام مرتبات المسؤولين ان كانوا ممن في السلطة او ممن تقاعد بعد خدمة بضع سنين. 

رفض هيئة التقاعد العامة

أثناء مراجعتنا الى قسم الإعلام في هيئة التقاعد العامة  تم الاستقبال بشكل جميل وودي لكنهم اكدو أن التعليمات تشير الى ضرورة احضار كتاب رسمي من وزارة المالية في حال إجراء اي  حوار او مقابلة او اخذ تصريح صحفي الامر الذي يعني كتابنا وكتابكم ونوعية السؤال والمعلومة المراد الحصول عليها. وهذا ما يخالف حق الحصول على المعلومة التي تؤكد عليه قوانين حرية الراي وحماية الصحفيين.  في احد الممرات تعرفت على رجل قانوني مسن وشرحت له وظيفتي وسبل الحصول على معلومة بهذا الشأن ، اي موضوع تسلم الراتب التقاعدي كل شهرين ، فأجابني بالحرف الواحد : عليك (بمراجعة وقراءة قانون التقاعد الجديد رقم 9 لسنة 2014 وقراءة  نص المادة الثانية من القانون) . عملت بهذة النصحية واطلعت على القانون  وهذا نصه كاملا: 

اولاًـ يهدف هذا القانون الى ما يأتي : أـ تحقيق العيش الكريم للمشمولين بأحكامه ب - المساهمة في تعزيز قيم التكافل الاجتماعي والوصول إلى معادلة منصفة تضمن العدالة في توزيع الدخل بين افراد الجيل الواحد والأجيال المتعاقبة.جــ - ضمان وصول مظلة التقاعد إلى فئات اكثر .دـ توفير استقرار نفسي ومادي لأكبر عدد ممكن من الموظفين والمتقاعدين وخلفهم.هـ ـ ضمان حماية الدخل للاشخاص العاملين واسرهم في حالات التقاعد والعجز والإعاقة والشيخوخة والوفاة. و ـ سهولة انتقال العاملين بين القطاعين العام والخاص

.ثانيا - تتحقق اهداف هذا القانون بالوسائل الآتية : أـ استثمار اموال الصندوق ب- توحيد احكام انتقال المنافع بين القطاعين العام والخاص وتسهيل انتقال القوى العاملة بينهما .جـ ـ استخدام التكنلوجيا في تقديم الخدمات للمتقاعدين .

عمولات كبيرة 

عدد من المتقاعدين يختارون المصارف الحكومية كمنفذ لتسلم الراتب التقاعدي بدل منافذ الكي كارد . اذ يوضح المتقاعد سلمان جنعان أن مكتب البطاقة الذكية الذي يقع في شارع فلسطين يقطع مبلغا يتجاوز العشرة الاف دينار ، في حين يستقطع المصرف الحكومي الف دينار فقط. مؤكدا: ان هذه القضية بحاجة للمراجعة ايضاً من قبل الجهات ذات العلاقة. مبينا: ان العديد من المكاتب يستغل فرصة توزيع الرواتب التقاعدية يوم الخميس لعدم وجود منافذ للتوزيع الحكومي في فرض المبلغ الذي يرغب باستيفائه من المتقاعدين دون رقيب او حسيب مستغلا حاجة المتقاعد للراتب. يروي المتقاعد سمير شلال -من منطقة الشعب-  عن قيام احد اصحاب مكاتب البطاقة  الذكية باستقطاع مبلغ سبعة الاف دينار في حين ان راتبة لايتجاوز المليون ومئتي الف دينار ويبرر صاحب المكتب ذلك: (المصرف يعطينى نقودا فيها نقص وممزقة  فكيف اعوض ذلك؟). مشيرا الى وجود اشكالية كبيرة بين الجهات الحكومية ومنافذ الكي كارد يقع ضحيتها المواطن. 

مقترح بسيط 

المتقاعد عبد الكريم عبد الامير تقدم بمقترح بسيط عبر الموقع الالكتروني لهيئة التقاعد العامة ،اطلعت عليه (المدى)، متسائلا عن إمكانية ان  يكون راتب المتقاعد شهريا بعد ازدياد منافذ التوزيع والتي اصبحت كثيرة جدا وخلال ايام قليله تنتهي من توزيع الراتب ارجو من المسؤولين النظر بذلك لأننا اصحاب عوائل والكثير منا مستأجرون  ولديهم التزمات عائلية واجتماعية.

كبار السن والمرضى

انتصار فخري -موظفة في احد فروع مصرف الرافدين- تقول لـ(المدى) : اشعر بالحزن لحال بعض المتقاعدين ممن يراجعون المصرف لتسلم مرتباتهم خاصة  كبار السن والمرضى والمعاقين. موضحة:  أن الكثير منهم لديهم التزامات مالية عليهم الايفاء بها كأقساط المولدة أو السلفة او بعض الحاجيات التي يتم شراؤها بالاقساط .  لافتة: ان منافذ البطاقة الذكية اسهمت بشكل كبير في تقليل الزحام عن المصارف لكن تبقى بعض المشاكل الفنية عائقاً كبيراً امام خدمة المتقاعد الذي يستحق ان نقدم له الكثير.

عطل الجهاز والبصمة

مشكلة المتقاعدين لم تتوقف عند حد التسلم الشهري والمطالبة به بل الى التاخر بسبب عطل اجهزة البطاقة الذكية وصعوبة قراءة بصمة البعض منهم خاصة كبار السن. المتقاعد محسن مهاوش يقول انه يتاخر كل شهر بضعة ايام لتسلم راتبه بسبب عطل الجهاز او عدم قدرته قراءة البصمة. منوها : أن أصحاب مكاتب صرف البطاقة الذكية فضلاً عن مصرف الرافدين لم يتمكنوا من معالجة الأمر واكتفوا بإطلاق الحجج الواهية. مشيراً إلى أن الكثير من المتقاعدين والمستفيدين من شبكة الرعاية الاجتماعية يعانون نفس المشكلة. مطالبا وزارة المالية : بـالتدخل لوضع حل لمعاناتهم وصرف مرتباتهم بصورة مباشرة وان تكون كل شهر. لافتا إلى أن مئات الألوف من المتقاعدين والمستفيدين من شبكة الحماية الاجتماعية يعيشون وضعاً مأساوياً بسبب تأخر صرف رواتبهم ونفاد ما لديهم من مال يغطي الاحتياجات العائلية.