تركيا: طموحات اقتصادية كبيرة ... ولكن !
بغداد/المسلة: تتمتع السلطة في تركيا بمهلة زمنية تبلغ 4 سنوات، حيث تعقد أول انتخابات مقبلة عام 2019، وقد أعرب رئيس الحكومة احمد داود أوغلو عن نيته القيام، خلال ستة أشهر، بإصلاحات كبرى تنقل تركيا إلى 'أفق جديد'، على حد تعبيره.
يقدر الخبراء أن أكثر القضايا إلحاحا هي تحسين القدرة الإنتاجية، وخفض التبعية في قطاع الطاقة، وإصلاح سوق العمل، ويشيرون إلى أن الاقتصاد التركي يعيش حالة من التباطؤ الخطير بسبب أزمة منطقة اليورو والحروب الجارية على الحدود مع سوريا والعراق واستئناف النزاع مع الأكراد.
وبعد سنوات الازدهار في 2010 و2011، عندما سجلت نسبة نمو تبلغ 8٪، لم تتجاوز نسبة نمو إجمالي الناتج الداخلي 9ر2٪ العام الماضي، بينما ما زال العجز العام كبيرا مثل التضخم الذي تجاوزت نسبته 7٪، وتعتبر الليرة التركية العملة الأكثر ضعفا من عملات الدول الناشئة.
الأسواق وأوساط الأعمال رحبت بما أعلنه داود اوغلو، لكنهم يتساءلون، بقلق، عن قدرته على التحرك على رأس حكومة يشكل نواتها وزراء موالون لأردوغان، ويعتبر بعض المراقبين أن رحيل النائب السابق لرئيس الوزراء المكلف الاقتصاد علي باباجان، الذي كان في السلطة منذ وصول حزب العدالة والتنمية في 2002 ويتمتع بتقدير عالم الأعمال، هو المشكلة الرئيسية للحكومة الجديدة، وإن كان أوغلو قد عين خلفا له شخصية تتمتع، بدورها، بتقدير أسواق الأعمال، هو محمد شمشيك، ولكن وجوده لم يعد كافيا لطمأنة الأسواق، نظرا لتغيير الأوضاع العامة وتوازنات السلطة التركية والظروف التي تحكم سياساتها
ويتساءل الخبراء عن قدرة محمد شيمشيك على مواجهة انتقادات حادة محتملة ضد المصرف المركزي وطمأنة الأسواق القلقة بشأن استقلال السياسة النقدية، بعد مارس أردوغان، خلال الشهور الأخيرة، ضغوطا متكررة على البنك المركزي لخفض معدلات الفائدة وحماية النمو بهذه الطريقة.
كما تشعر الأسواق الاقتصادية بالقلق نتيجة لتراجع دولة القانون في تركيا، والتي كانت محل نقد الاتحاد الأوروبي، ففي الأشهر الأخيرة تم وضع مجموعتين قريبتين من الإمام فتح الله غولن الحليف السابق لاردوغان وعدوه اللدود حاليا، تحت الوصاية القضائية.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يريد دفع تركيا من المرتبة الثامنة عشرة إلى المرتبة العاشرة في الاقتصاد العالمي بحلول 2023، معتمدا على سياسة اقتصادية تمزج بين إطلاق عدد من مشاريع البنية التحتية العملاقة وإنعاش الاستهلاك بزيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 30٪ العام المقبل.
ولكن المراقبين الاقتصاديين يشعرون أن الفريق الرئاسي يعاني من حالة ارتباك بشأن السياسات الاقتصادية، وإن كان انخفاض أسعار النفط قد شكل نقطة ايجابية لأنقرة، التي تستورد الجزء الأساسي من الطاقة وتعاني من عجز في حساباتها الجارية، حيث انخفض هذا العجز بنسبة 29٪ العام الماضي إلى 45,8 مليار دولار (43 مليار يورو).
في المقابل انعكس الوضع غير المستقر في جنوب شرق تركيا حيث تعيش أغلبية من الأكراد، وعلى الحدود السورية، سلبا على العائدات المرتبطة بالسياحة التي تراجعت بنسبة 4,4٪ في الفصل الثالث من العام الجاري.
ويمكن للأزمة بين موسكو وأنقرة، أن تؤثر على الصادرات التركية، التي تواجه، بالفعل، صعوبات وتراجعت بنسبة 8,6٪ في الأشهر العشرة الأولى من هذا العام، أضف إلى ذلك أزمة المهاجرين، حيث تستقبل تركيا رسميا 2,2 مليون لاجئ سوري، وأنفقت حوالي سبعة مليارات يورو لاستضافتهم.
وإذا الخبراء الاقتصاديون يعتبرون أن الاقتصاد التركي هو الأكثر هشاشة في إطار الدول الناشئة، إلا أن مصدر قلقهم الرئيسي ينبع من تغييرات في أساليب الحكم السياسي، وبروز نزعات حكم فردي، يمكن أن تهدد التوازنات السياسية، وبالتالي الاستقرار الضروري لتطور اقتصادي.
مونت كارلو الدولية |