دعوات لحماية فقراء العراق بتطوير شبكات الحماية الاجتماعية
أمام دائرة الرعاية الاجتماعية، في محافظة بابل ببنايتها المزدحمة بالمراجعين، جلسن نسوة متلفعات بالسواد ينتظرن تحديث أسمائهن في الجرد السنوي، لأثبات إنهن لازلن على قيد الحياة، ولم تتغير حالتهن المادية.
أرضية الساحة الرطبة والتدافع بين النساء الكبيرات بالسن والمريضات يبين للوهلة الأولى، البؤس والشقاء والفقر، الذي رسم ملامحه في وجوه النساء.
أم علي امرأة في عقدها السابع تحتمي بعباءتها من الرياح الباردة، وتقول: "منذ أسبوعين وانا أتردد على هذه الدائرة، كل يوم، من أجل الوصول الى شباك الموظف المختص لتحديث معلوماتي".
وأضافت "استلم خمسين ألف دينار شهريا، ومعي ابنتي المعاقة وولدي المصاب بالشلل الكلي، ليكون مجموع ما نستلمه 120 الف دينار".
تتابع أم علي الحديث "لم نستلم هذا المبلغ من دائرة الرعاية الاجتماعية ولعدة أشهر اما بسبب الأخطاء او بسبب التشابه بالأسماء".
وبحسب المتحدث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عمار منعم، فان هناك مليون أسرة، مستفيدة من برنامج الحماية الاجتماعية، فيما تم اصدار قانون جديد، كانت الوزارة قد باشرت به منذ عام 2009، وهو قانون رقم 11لسنة 2014، يشمل كل الفئات التي هي دون مستوى خط الفقر.
الموظف م.ع الذي رفض الكشف عن اسمه، يقول "اكثر من 29 الف مستفيد مسجل في محافظة بابل، وهذا العدد كبير جدا، ويحتاج إلى قاعدة بيانات دقيقة، والمستفيد من ذلك هن الأرامل والمطلقات وزوجات المعتقلين والكبيرات في السن التي تتجاوز اعمارهم 55 عاما وبدون معيل، ويشمل ذلك أيضا الرجال المرضى والمقعدين ممن ليس لديهم معيل أو دخل".
سعدية فتاة لا يتجاوز عمرها 27 عاما، من المشمولات بالمنحة الشهرية وتتقاضى راتبا من الرعاية مقداره مائة الف دينار وهي مصابة بمرض التوحد، ومُقعدة تصطحبها أمها التي تقول "وصولنا الى الدائرة يكلف الكثير فالفتاة يصعب حملها لانها لا تستطيع السير، وأجرة السيارة تكلف نصف المنحة".
ومنذ زمن النظام السابق، لا يتجاوز المبلغ للمستفيد 50 الف دينار والحد الأدنى للعائلة المتكونة من ستة أشخاص نحو 120 الف دينار فقط ".
و بعد العام 2003 فان المستفيد لا يستلم أكثر من مائة الف دينار للمسجلين بعد العام 2003 ولا يتجاوز الراتب الكلي للعائلة التي يتجاوز عدد أفرادها عن ستة أشخاص عن 175 الف دينار فقط.
ولتخفيف الزخم عن الدائرة وتقليل المعاناة، فُتحت عدة منافذ في الحكومات المحلية لمحافظة بابل، يراجع فيها المستفيد الدائرة في منطقته.
وتمنع الأعراف الاجتماعية الكثير من المحتاجين مراجعة الدوائرالمختصة، والحصول على هذا المبلغ الضئيل، الذي يحتاج جهدا كبيرا لأثبات الاحقية فيه من الفحوصات والمراجعات واللجان الطبية.
كما يتطلب الأمر الكثير من الوثائق الرسمية ونسخها، وكلها بأثمان لا يقدر عليها هؤلاء الفقراء.
وأعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في السابع من آب الماضي، عزمها تنفيذ قانون الرعاية الاجتماعية الجديد ابتداء من الدفعة المقبلة لإعانات الحماية الاجتماعية، مشيرة الى إنها "باشرت بإطلاق الدفعة الأخيرة من إعانة الحماية الاجتماعية وفق القانون القديم، ليتم بعدها التحضير للدفعة الثالثة التي ستتضمن زيادة مبلغ الإعانة بواقع 105 آلاف دينار للفرد الواحد، وصولا إلى 420 ألف دينار للأسرة المكونة من أربعة أفراد فما فوق".
وتظهر الحاجة الماسة، الى تفعيل البحث الاجتماعي في القرى والقصبات في محافظات العراق، لان هناك عوائل فقيرة و متعففة لا تستطيع الوصول الى مركز المحافظات، اضافة الى صعوبة التنقل والتكاليف التي تقع على عاتقهم..
الى ذلك، فان المئات من المحرومين من شبكة الحماية الاجتماعية في العراق، ليس لديهم اي اعانة اجتماعية، بسبب الفساد الإداري والمالي وتدخل جهات متنفذة بإدخال أشخاص غير مشمولين فيما يستبعد آخرون لهم الحق في شبكة الحماية.
ولعل هذه المعاناة المستحكمة في الحياة العراقية، دفعت مكتب المرجع الأعلى السيد على السيستاني، في شباط 2015، الى التأكيد على أنه "لا ترخيص" في مخالفة الضوابط القانونية وتعليمات الجهة المختصة المانحة لإعانة الفساد يحمي آلاف المتجاوزين على شبكة الحماية الاجتماعية.
المسلّة |