لوائح الموتى تثير فزع الموصليين . . وداعش مازال يتكتّم على مصير آلاف المختطفين
المدى
كشف موقع ديلي بيست الأمريكي أن داعش نشر قائمة تضم أسماء أكثر من ٢٠٠٠ شخص، تم إعدامهم في الموصل. ونشر الموقع تقريراً مفصلاً حول هذه القضية، وذلك عقب مقابلة أجراها مع شاب من الموصل سمع بالحادثة عبر فيس بوك.
وقال الموقع عن الشاب "بدأ قلبه يخفق بقوة وكاد أن ينقطع نفسه، فقد رأى لتوه شيئاً ما على فيس بوك، عن الموصل مسقط رأسه".
وأوضح الموقع أن الشاب، الذي أطلق عليه اسم حسن، لحمايته وأسرته، أمضى يومين داخل أحد سجون الموصل فور سقوط المدينة في قبضة داعش، وسجن أبوه أيضاً، وبعد إطلاق سراحهما، هرب حسن من المدينة، ولكن والده بقي هناك، ومنذ ذلك اليوم وهو يبحث، بيأس شديد، عن أية أخبار تطمئنه عن أبويه.
وعلم مؤخرا من خلال فيس بوك، أن داعش نشر قائمة تضم أسماء أكثر من ٢٠٠٠ شخص تم إعدامهم هناك. ويقول ديلي بيست إن داعش يعاقب سكان الموصل على أي شيء بدءاً من التدخين ومشاهدة مباريات كرة القدم وصولاً للزنى، بعقوبات تشمل الجلد والرجم والشنق والإغراق، وكل ما يمكن للعقل البشري تصوره من فظاعات، وأمل حسن، الذي سمع تقارير متضاربة حول أبيه، أن يكون ما زال على قيد الحياة، لكنه ظن أيضاً أن يكون قد قتل على أيدي المتطرفين، وقد تكون القائمة التي نشرها داعش فرصة له ولأسرته لمعرفة مصير الرجل.
ويشير ديلي بيست، إلى أن الآلاف من سكان الموصل فقدوا، ويعتقد أن معظمهم معتقلون داخل سجون داعش، ولا أحد من خارج التنظيم يعرف شيئاً عن مصيرهم، فيما إذا كانوا أحياء أو موتى، وهذه هي المرة الأولى التي نشر فيها داعش إحدى تلك القوائم النحسة.
ووصف سكان الموصل تلك القائمة باسم" لائحة الموتى"، وضمت أسماء ٢٠٧٠ شخصاً، وعلقت نسخاً لها على جدران ما يطلق عليه داعش "مراكز الشرطة الإسلامية"، وما أن انتشر الخبر، حتى اندفع سكان الموصل للتدقيق في الأسماء لمعرفة مصير أقاربهم وأصدقائهم المفقودين.
والتقى الموقع برجل أعطاه بهدف حمايته، اسم عمر جرجيس، وهو يقيم بجوار مركز لشرطة يديره داعش في حي سومر شرق الموصل، وشهد بما رآه. وقال عمر للموقع "جاء عشرات من الأشخاص إلى المركز بحثاً عن أسماء أبناء وإخوة وأزواج وأقارب، وكانت وجوه معظمهم شاحبة، وغادر معظمهم المركز والدموع في أعينهم، وأخذت بعض النساء في البكاء بصوت مرتفع، وبلطم وجوههن، وفيما اقترب الناس من الجدران حيث علقت قوائم الموتى، وقف عناصر من شرطة داعش للتدقيق في الهويات، ولمصادرة الهواتف المحمولة والكاميرات مؤقتاً".
وتابع "إنهم لا يسمحون لأحد بأخذ صور للقوائم، وربما بقصد إجبار أفراد الأسر للقدوم من أجل التدقيق بأنفسهم في القوائم".
وصرح عمر جيرجيس لموقع ديلي بيست "حمل عناصر التنظيم السلاح، وأخذوا في مراقبة ردود أفعال الناس عن كثب، وكان القصد من ذلك أن كل من يرى اسم أحد الأحبة ضمن القائمة لا يستطيع الشكوى أو لعن من قتلوه، لأنهم أدركوا أن عناصر داعش لن يترددوا في قتل كل من يشتم التنظيم أو يعترض على أحكامه، وكانوا يقولون هل تعتقدون أن (الدولة الإسلامية) سوف تضع الكفار داخل فنادق؟".
ويتابع جرجيس "رأيت رجلاً وضع يده على فم امرأة جاءت وهي ترتدي النقاب، لمنعها من التفوه بكلمة، وعندما غادرت وركبت سيارة، أغلق الرجل الأبواب والنوافذ، وبدأت المرأة في الصياح والبكاء ولطم وجهها، لكن، لم أستطع سماع كلمة مما قالته".
وبحسب الموقع، تم التحقيق مع أصحاب الأسماء الواردة في القوائم بعدما اعتقلهم داعش، في أوقات مختلفة من العام الماضي، لكن يبدو أن معظم هؤلاء سجنوا خلال الأشهر الأربع الأولى من سيطرة التنظيم على الموصل.
وضمت قوائم الموتى أسماء أشخاص من جميع فئات المجتمع الموصلي من الذكور والإناث، ويبدو أن معظم هؤلاء الضحايا خدموا في الجيش أو الشرطة العراقية، وفي وظائف حكومية، أو كانوا ساسة وأعضاء بلدية، أو صحافيين، وعدد من رجال الدين المعتدلين الذين عارضوا إيديولوجية داعش المتطرفة.
ويقول الموقع بأنه في حين يشير عدد الأسماء لتزايد عدد اليتامى في الموصل، لكن لا وجود لقبور، فقد تم التخلص من الجثث في مجرى وداخل كهف يقع جنوب مدينة الخسفة القريبة من الموصل، كما تم إحراق جثث أخرى، فضلاً عن إعدام آخرين بواسطة متفجرات وسواها من الوسائل، التي لا تخلف وراءها أي أثر.
وبحسب الموقع، لم يحصل جميع ذوي وأقارب المفقودين على تأكيدات بشأن مصيرهم، إذ لم تضم لوائح الموت أسماء جميع ضحايا داعش، التي ضمت أسماء معتقلين لم يكن مصيرهم معروفاً حتى ذلك الوقت، وسرت شائعة بشأن قائمة أخرى، تضم أسماء ٥٧٠ شخصاً، وتضم أسماء أفراد أعدموا خلال الأشهر الأربع الأخيرة.
وقال طبيب، تمكن من الهرب أخيراً من الموصل، بأن غرف الموتى في مشافي الموصل ما زالت ملأى بجثث أشخاص أعدمهم المتطرفون، وفسر الطبيب كلامه "توجد حالياً جثتان أو ثلاث داخل مخازن كان يفترض أن تحوي جثة وحيدة".
وبحسب ديلي بيست، فقد توقف داعش منذ بداية العام الجاري عن التخلص من الجثث برميها في حفرة في منطقة الخسفة، لكن ما زال هناك عدد كبير من سكان الموصل ممن اختفوا، ولم ترد أسماؤهم ضمن قوائم الموت، ولهذا السبب يعتقد السكان البائسون بأن داعش سوف ينشر مزيداً من القوائم، واحدة تلو الأخرى، لأنه لا أمل بطرد التنظيم من المدينة في وقت قريب.
وبالنسبة لحسن، الذي يقيم حالياً في مكان آمن في منطقة دهوك، فإنه ما زال متلهفاً لمعرفة فيما إذا كان اسم أبيه موجودا في القائمة، لكن أقاربه الذين ما زالوا يقيمون في الموصل لم يتجرأوا على التدقيق في القوائم، وذلك خشية أن يتم اعتقالهم، ولذا طلبت الأسرة من أحد الأصدقاء أن يذهب ويقرأ تلك اللوائح بالنيابة عنهم.
وقال حسن "انتظرت عائلتي ثلاثة أيام، فقد بدأ ذلك الرجل في الكذب علينا، وأخبرنا أنه لم يستطع الذهاب للتدقيق في الأسماء، وفي اليوم التالي قال لنا إنه كان مريضاً، ولكن أخيراً قال لنا بأن اسم أبينا كان ضمن القائمة".
وتقبل حسن وإخوته ما كان مقدراً، وتلقوا التعازي، رغم عجزهم عن إقامة حفل تأبين جدير بقدر أبيهم، وبالحب والاحترام الذي يكنونه في أنفسهم له. |