تنظيم 'الدولة الاسلامية' يتقدم في ظل غياب جيش عراقي يواجهه
قال وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر الأحد إن القوات العراقية لم تظهر أي رغبة في قتال متشددي تنظيم "الدولة الإسلامية" خلال سقوط الرمادي قبل أسبوع وإن القوات الأميركية تحاول تشجيعها على الاشتباك بشكل مباشر.
ويرى خبراء ان غياب عزم هو نتيجة مشاكل متعددة في الاجهزة الامنية والعسكرية، منها التدريب المحدود والفساد وأجواء الانقسام المذهبي الحاد.
وقال كارتر لشبكة (سي.إن.إن) التلفزيونية الأميركية "القوات العراقية لم تظهر أي رغبة في القتال. كانوا يفوقون القوة المعارضة عددا، لكنهم انسحبوا من المكان".
وذكر أن الولايات المتحدة تواصل الضربات الجوية وتقديم الدعم للقوات العراقية بالتدريب والمعدات.وتابع "إذا جاء وقت احتجنا فيه لتغيير شكل الدعم الذي نقدمه للقوات العراقية فسنوصي بذلك".
والاربعاء قال الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الاركان المشتركة الاميركية في تصريح لصحيفة "وول ستريت جورنال" انه لم يتم "طرد" القوات العراقية من الرمادي بل ان هذه القوات "غادرت" المدينة.
وأوضح المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأميركية جيف غوردون أن هناك قدرا كبيرا من الإحباط في واشنطن حيال سقوط الرمادي، وناشد الأميركيين العمل مع الجيش العراقي والأكراد والمليشيات لمواجهة تقدم تنظيم الدولة، وقال إن هروب الجيش العراقي وتركه المعدات لتنظيم "الدولة الاسلامية" أمر صادم ومحبط لواشنطن.
ووصف غوردون الجيش العراقي بأنه لا يملك الشجاعة لمواجهة تنظيم الدولة "الذي يملك الانتحاريين"، وعبر عن أسفه لأن حكومة العبادي تسعى لدعم المليشيات التي وجدتها أكثر تفانيا من الجيش.
وشكل سقوط الرمادي، مركز محافظة الانبار في غرب العراق، ابرز تقدم ميداني لتنظيم "الدولة الاسلامية" في العراق منذ حزيران/يونيو عندما سيطر على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها.
واثر سقوط الرمادي اعلنت الولايات المتحدة انها بصدد اعادة النظر في استراتيجيتها المعتمدة منذ اشهر ضد تنظيم "الدولة الاسلامية"، في حين اعلنت وزارة الداخلية العراقية اعفاء قائد شرطة محافظة الانبار من مهامه.
ويرى مراقبون ان القوات الامنية والعسكرية العراقية التي تعاني ضعف التدريب والمعنويات المتدنية وسط الانقسام المذهبي الحاد، لم تجد حافزا يدفعها لمواجهة الهجوم المباغت الذي يشنه مسلحون متطرفون في مناطق واسعة من البلاد منذ نحو اسبوع.
ويقول الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية انطوني كوردزمان ان الجيش العراقي "درب على عجل، وقليلون من افراده شاركوا في القتال، وكانت هيكليته غير منظمة بشكل جيد، لان الولايات المتحدة كانت تخطط للبقاء عامين اضافيين" عندما سحبت قواتها بشكل كامل.
ويشير ايضا الى حالات من الفساد في صفوف الجيش، تشمل "شراء" الوظائف ودفع الاموال مقابل الترقيات، اضافة الى قيام رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بتعيين ضباط "موالين له، بغض النظر عن كفاءتهم".
ويقول المحلل المتخصص في الشؤون الامنية في مجموعة "آي كاي اي" جون درايك ان القوات العراقية تفتقد الخبرة، وتعاني ضعف المعنويات بسبب "الهجمات غير المتكافئة" التي تتعرض لها.
ويرى خبراء انه ليس هناك رغبة لدى الجنود العراقيين بالقتال، كما ان السكان لم يكونوا مرحبين بوجود الجيش، مشيرين الى ان العناصر الشيعية كانوا يشعرون بانهم يخاطرون بحياتهم للدفاع عن مدينة ليسوا شديدي التعلق لها.
وطالب مجلس محافظة الأنبار، الجمعة، رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي والقيادات الأمنية، باعتقال ومحاسبة أي عنصر أمني "يهرب" من المعارك في مدينة الرمادي (110كم غرب بغداد)، فيما شدد على ضرورة تفعيل الأوامر العسكرية التي تحاسب "المتخاذلين".
وقال عضو مجلس المحافظة محمود الدليمي في تصريح صحفي إن "على رئيس مجلس الوزراء حيدر ألعبادي والقيادات الأمنية اعتقال أي عنصر أمني يهرب من ارض المعركة في مدينة الرمادي"، مشدداً على "ضرورة تفعيل القرارات والأوامر العسكرية التي تحاسب المتخاذلين في حال هروب أي عنصر أمني خلال المواجهات ضد تنظيم 'داعش' في مدن الأنبار".
يذكر ان فرقا وتشكيلات كاملة هربت في الصيف الماضي - بعد أعوام من تدريبهم من قبل الجيش الأميركي - مذعورين من جهاديي تنظيم "الدولة الإسلامي"ة ومخلفين وراءهم ترسانة كاملة من الأسلحة الأميركية.
ويرى متابعون للشان العراقي ان القادة الموالين للشيعة في الجيش العراقي والمشرفين على الميليشيات الشيعية لا يريدون التدخل في القتال بعدما وجهت لهم اتهامات بالاعتداءات على الطائفة السنية في المدن التي يستردونها من تنظيم "الدولة الاسلامية"، وهم بذلك يرفعون من منسوب الخوف من الهزيمة في بقية صفوف الجيش وينتظرون ان ترفع القبائل النسية صوتها عاليا مستجرين بهذه المليشيات لنصرتهم من خطر التنظيم السني المتطرف.
ميدل ايست أونلاين |