موقع أميركي: سقوط الرمادي نتيجة حرب استنزاف استمرت 17 شهراً
ترجمة: المدى
تسبّب سقوط الرمادي بإحداث موجات من الصدمة داخل وخارج العراق، إذ انه يعيد ذكرى سقوط الموصل بيد مجموعة داعش في حزيران 2014. الحديث عن خلايا نائمة ومندسين بين صفوف القوات الأمنية العراقية يجعل الأمر يبدو وكأن هناك خونة.
السبب الحقيقي في استيلاء داعش على المدينة هو تدهور القوات التي كانت تحميها والتكتيكات التي استخدمها المتمردون. حيث استخدموا الخداع وآليات ومتفجرات كثيرة لكسر دفاعات المدينة علاوةً على وضع قوات إعاقة حول محيط الرمادي لمنع وصول التعزيزات.
في اليوم الأول للهجوم، اقترب المسلحون من المجمّع الحكومي وهم يرتدون زي القوات الأمنية ما سمح لهم بالاقتراب بما يكفي لمباغتة الحرس. ثم جلبوا بلدوزرات مدرعة لإسقاط حواجز الحماية ما سمح لثماني عجلات مفخخة بالهجوم على المجمّع. ثم تمكن المسلحون باستخدام نيران الهاونات من الدخول عبر الثغرة التي فتحتها المتفجرات والسيطرة على المجمّع في اليوم التالي.
في هذه الأثناء تراجع أغلب الجنود من هذا الموقع الى مقر قيادة عمليات الأنبار تاركين قوات الشرطة والعشائر الأقل تسليحا تواجه المسلحين وحدها. بعدها استخدم المسلحون ثلاث عجلات مفخخة أخرى لمهاجمة مركز عمليات الأنبار، وفي اليوم التالي استخدم عجلة مفخخة أخرى لتدمير جسر تميم على نهر الفرات الذي يفصل جانبي المدينة.
أخيرا، استخدم الدواعش أربع عجلات مفخخة ضد القوات الحكومية في منطقة الملعب وثلاثاً أخرى في الهجوم النهائي على قيادة عمليات الأنبار ما أدى الى سيطرة المسلحين عليها وخروج القوات الأمنية من المدينة.
حسب مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، فقد استخدم تنظيم داعش 30 عجلة مفخخة للاستيلاء على الرمادي، عشر منها كانت شاحنات نفايات مدرعة يقال ان كل منها كانت محمّلة بنفس كمية المتفجرات التي استخدمت في تفجير مدينة أوكلاهوما عام 1995 .
كانت تلك المتفجرات هائلة لدرجة أنها سوّت المباني بأكملها بالأرض. لم تكن القوات الأمنية تمتلك أسلحة بإمكانها اختراق دروع تلك العجلات. الأمر الثاني، استخدمت مجموعة داعش خلايا نائمة داخل المدينة التي استخدمتها في الهجمات الأخيرة على مدن أخرى في الأنبار.
تمكنت داعش من وضع هذه الخلايا داخل المدينة لأنها كانت تقاتل للسيطرة على المدينة منذ كانون الأول 2013 ما منحها الكثير من الوقت لوضع قواتها في مناطق حساسة قبل أي هجوم.
أخيرا، أسست المجموعة حلقة دفاعية حول الرمادي لمنع وصول التعزيزات. في 15 من الشهر الحالي أرسلت بغداد ثلاث وحدات للمساعدة في التخفيف عن المدينة لكنها لم تتمكن من ذلك حيث أنها تعرّضت لهجوم من داعش حتى قبل وصولها المدينة.
وتمكنت العجلات المفخخة من كسر دفاعات مراكز القوات الأمنية داخل الرمادي وساعدت في تحطيم المعنويات، كما تمكنت الخلايا النائمة من جمع المعلومات وشنّ هجمات مباغتة على مناطق مستهدفة، وتوقعت المجموعة المسالك التي ستتخذها قوات التعزيز الحكومية في محاولتها الدخول للمدينة ونجحت في منعها من إغاثة القوات الدفاعية فيها.
العامل الرئيسي الأخير الذي ساهم في سقوط الرمادي هو الوضع المنهك للقوات الحكومية، حيث ان نفس القوات كانت في المدينة لمدة عام دون استبدالها ودون منحها إجازات.
وكان هناك لواء واحد فقط من الشرطة الاتحادية وألف من رجال الصحوة ملحقين بهذه القوات منذ صيف 2014، كما ان الكثير من الجنود في الرمادي لم يتسلموا رواتبهم منذ ستة أشهر. علاوةً على ان الوحدات لم تحصل على مواد احتياطية لتصليح عجلاتها ما عاق استخدامها خلال القتال.رغم كل هذا تمكنت القوات داخل المدينة من الصمود طيلة سبعة عشر شهرا في وجه هجمات داعش المتكررة، وتعرضت لخسائر فادحة وخسرت تدريجيا السيطرة على مناطق المدينة.
وحسب مسؤول في الخارجية الأميركية فان داعش تسيطر منذ عام على ما يقرب من نصف المدينة وكسبت المزيد من الأرض في نيسان. إذن لا يمكن اعتبار ذلك انهيارا مفاجئا وانما كان نتيجة لحملة دامت أكثر من عام للسيطرة على المدينة، حيث تمكنت المجموعة من تعطيل القوات الدفاعية والسيطرة تدريجيا على معظم مناطق المدينة قبل الاستيلاء على مركزها.
كان سقوط الرمادي مخططا له منذ فترة طويلة حيث كانت مجموعة داعش تحاول الاستيلاء عليها منذ أواخر 2013، وكسبت بعض المناطق في المدينة ما ساعدها على الاقتراب من مواقع القوات الحكومية، وباستخدام الشاحنات المفخخة تمكنت من فتح طريق لها الى هذه المراكز وبالتالي التغلب على القوات الدفاعية.ومن جانب آخر كانت القوات الحكومية تمسك الأرض لعدة أشهر بالقليل من المساعدة من قيادة عمليات الأنبار أو بغداد. كما ان هرب سكان المدينة على مدى الأشهر القليلة الماضية يبيّن ان المتعاطفين مع داعش ليسوا من طعن الحكومة في الظهر، وإنما كان سقوط الرمادي نتيجة حرب استنزاف نجحت في نهاية المطاف.
عن موقع: أفكار عن العراق |