عشائر الرمادي تستعد لاتخاذ موقف موحد من الحرب والبوعلوان يؤكدون حصول "خديعة" بسبب "سوات"

ماجرى في منتصف ايار الحالي (يوم سقوط الرمادي) احدث على مايبدو انقساما كبيرا في موقف عشائر المنطقة الغربية من الاستمرار بالقتال الى جانب الحكومة ضد "داعش" او القاء السلاح واتخاذ موقف "محايد" في الحرب، اثر حديثهم عن "خيانات" تعرضوا لها بدأت منذ شهر عقب انسحاب تدريجي لقطعات الجيش والقوات الامنية الاخرى عند جبهات الصد حول اطراف المدينة، فيما تسود حالة من الاحباط العام لدى تلك القبائل التي حافظت على الرمادي لـ17 شهرا من الوقوع بيد التنظيم المتطرف على الرغم من محاصرتها وقلة الدعم الحكومي وانهيار القطعات العسكرية في اغلب اجزاء الانبار.

ويكشف زعماء قبائل في الانبار عن قرب اعلان موقف موحد لاغلب العشائر المقاتلة هناك بالقاء السلاح وترك مهمة حماية القواعد العسكرية للجيش، مالم يتم وضع تدابير جديدة للامن او تدخل الامم المتحدة في حل النزاع بالانبار، بعد ان فقدوا الثقة بالقوات العراقية التي يوجهون لها تهمة ادخال "داعش" الى المدينة بسبب"انسحابها غير المبرر" من الجبهات.

ويأتي موقف تلك القبائل متفقا تقريبا مع ما اعلنته عشيرة البوفهد، ابرز القبائل المقاتلة في الرمادي، بانها ستلتزم "الحياد" بالحرب ضد "داعش"، بعد ان "خذلهم الجيش"، وتنصلت الحكومة من دعم وتسليح مقاتليهم، بحسب تعبير شيخ القبيلة رافع الفهداوي.

بالمقابل تبدو عشائر اخرى في الانبار ومن بينها "البو علوان" التي تركت مواقعها في وسط الرمادي بعد ان خدعت من "داعش" الذي هاجمها بسيارات الجيش وبمدرعات عسكرية مفخخة، لاتزال غير مقتنعة بفكرة القاء السلاح، وتتجمع في معسكر الحبانية، شرقي الرمادي، لاعادة ترتيب صفوفها.

وتتهم بعض العشائر هناك مسؤولين امنيين في المحافظة وقادة لبعض المقاتلين بالهروب قبل ساعات من سقوط الرمادي، وتركوا مدرعات ودبابات ومخازن سلاح، عرضة للنهب من قبل "داعش"، فيما يقول اغلب قادة القوى السنية بان ماجرى في الرمادي يشير الى وجود "خيانة" بين صفوف القوات الامنية، واعتبرت واشنطن، مؤخرا، بان الانسحاب من الرمادي كان "خيارا خاطئا" للقائد الميداني هناك.

العشائر المنسحبة تجتمع في الحبانية 

يقول اركان خلف وهو عضو مجلس محافظة الانبار واحد زعماء العشائر في الرمادي ان "قبيلة البو علوان، التي كانت تملك مئات المقاتلين، انسحبت الى قاعدة الحبانية، شرقي المدينة"، حيث تجتمع هناك مع عدد من العشائر الاخرى التي مازال خيار محاربة "داعش" من ضمن اولوياتها. ويشير خلف في تصريح لـ"المدى" الى ان "العشائر التي تريد القاء السلاح سيكون مصيرها القتل من قبل التنظيم المتطرف"، فيما لايخفي وجود حالة من الاحباط قد اصابت القبائل المقاتلة في الرمادي، عقب الانسحاب العشوائي للقوات الامنية، ماتسبب في سقوط كامل المدينة بيد "داعش"، مضيفا "بعض المقاتلين حائرون في ايجاد مأوى لعوائلهم، التي تتعرض لخطر مباشر بعد هجوم المسلحين على المدينة، وبين الاستمرار بالقتال"، حيث لاتزال آلاف العوائل العالقة على اطراف بغداد ممنوعة من الدخول الى العاصمة، ويعانون من ظروف انسانية صعبة للغاية.

ويتحدث خلف عن مقاتلي البو علوان، الذين حافظوا لعام وسبعة اشهر على الرمادي، بان الخرق الامني الذي حدث قبل شهر عند منطقة البو غانم، شرقي الرمادي، وماتبعه من انهيارات الى يوم الاحد الماضي (يوم سقوط الرمادي بالكامل)، ادى الى "مقتل نحو 300 شخص من العشيرة، وحرق وتهديم منازلهم، واضطر مقاتلو البو علوان الى الانسحاب لقاعدة الحبانية".

وفي الحبانية، يقول المسؤول المحلي ان "البو علوان، والبو خليفة، والبو مرعي، وعدد اخر من العشائر المقاتلة تستعد مع الجيش والحشد الشعبي لتحرير المدينة ولن تتخلى عن القتال".

بالمقابل يتهم خلف بعض المسؤولين عن الملف الامني في الانبار وقادة ميدانيين بالهرب قبل ساعات من سقوط الرمادي، مشيرا الى انهم تركوا "اكثر من 20 دبابة، و200عجلة عسكرية، و6 تريلات محملة بالعتاد، وعشرات المدافع و6 الاف قطعة سلاح".

ويقول خلف ان تلك الاسلحة كانت موجودة منذ 6 اشهر في مخازن الجيش، "ومنع بعض المسؤولين من توزيعها على القوات او العشائر"، لافتا الى ان "الطيران لم يقم حتى الان بتدمير تلك الاليات التي استحوذ عليها المسلحون".

وكان اعضاء في حزب الدعوة الاسلامية قدروا الاسلحة والعتاد الذي خلفه الجيش في الرمادي عقب انسحابه، بانه "يكفي لقتال عام كامل"، لكنهم اكدوا بان "طيران الجيش بدأ بتدميره". فيما قال وزير الدفاع خالد العبيدي إن "الانسحاب من الرمادي لم يكن مبررا مهما كانت الأسباب"، مشيراً إلى أنه "سوف تتم محاسبة المقصرين ".

قرار بوقف القتال

في غضون ذلك يقول عضو مجلس عشائر الانبار مزهر الملا ان مناطق "البو علوان" هي اولى المناطق التي سقطت بيد "داعش"، في الاسبوع الماضي، بعد ان تفاجأوا بانسحاب الجيش بشكل عشوائي دون سابق انذار.

ويضيف الملا لـ"المدى" ان "البو علوان واجهت 9 مدرعات عسكرية مفخخة، وهي لاتملك سوى اسلحة كلاشينكوف، بينما فر الجيش".

ويكشف الملا عن ان مقاتلي البو علوان "خدعوا" من قبل تنظيم "داعش"، بسبب ان عناصر "القوة المهاجمة في مناطقهم كانوا يرتدون ملابس سوات ويستقلون سياراتها، ولم يستطيعوا ان يتعرفوا عليهم حتى بدأوا بالهجوم عليهم"، مشيرا الى ان اغلبهم ترك القتال.

بالمقابل يقول الملا بان اغلب العشائر في الرمادي ستعلن في وقت قريب عن "قرار ايقاف القتال" الى جانب القوات الحكومية، وترك المهمة الى الجيش، بعد ان تعرضوا للخيانة من قبل القوات الامنية، ولم تقم الحكومة بتسليحهم طوال الاشهر الماضية، على الرغم من المطالب المتكررة.

ويشير الملا الى ان عشائر "البو فهد، والبو ذياب، والبوبالي، والبو هزيم، وقرية جاسم، والبو عساف، واخرين، سيعلنون تخليهم عن القتال، وسيتجهون الى تدويل قضية الانبار"، لافتا الى ان تلك القبائل ستطلب من الجامعة العربية والامم المتحدة بالتدخل لانهاء الازمة في المحافظة.

المدى