نواب شيعة: شكوكنا قائمة حول تسليح قبائل الأنبار.. لكن المدن لن تتحرر بدون أبنائها
مرت ثماني سنوات على تحول قبائل في غرب العراق الى "العدو الاول" للتنظيمات الاسلامية المتشددة، بسبب اعلان الحرب ضدها ووقوفها مع القوات الحكومية، فيما يبدو هذا الزمن حتى الان غير كاف لاعتبارهم "مصدر ثقة"، وجهة مضمونة لفتح مخازن السلاح والعتاد للمقاتلين المحليين الذين باتوا اكثر المتضررين من الاعمال الانتقامية في مناطق الرمادي منذ ايام، حيث لايزال ابناء القبائل هناك، على الرغم من قلة الدعم، يحافظون على بعض المناطق من السقوط بيد "داعش".
ويظهر في حديث لعدد من النواب في التحالف الوطني استمرار "الشك" في احتمال اعادة سيناريو تسرب السلاح مرة اخرى الى يد المسلحين، كأحد مخاوف بعض القوى الشيعية التي يسجلونها على مطالبات تسليح ابناء تلك المناطق، في اطار علاقة مليئة بالخلافات السياسية بين "الصحوات" والحكومة ما ادى سابقا برئيس الوزراء نوري المالكي الى ملاحقة عناصر الصحوات قضائيا وقطع رواتبهم.
بالمقابل ، يدرك نواب شيعة واكراد ايضا اهمية ان تحرر تلك المناطق وتمسك عن طريق "المحاربين المحليين"، ويتخوفون ايضا من منافذ خارجية لتسريب السلاح الى العشائر فيما لو استمرت تلك الجهات بالشكوى من ضعف الدعم الحكومي، لكنهم ايضا يقولون ان "الحكومة لاتملك السلاح الكافي"، ويشيرون الى ان امكانيات "الحشد الشعبي"، التي تصفها العشائر في الانبار بـ"المتطورة" تظل "محدودة".
القتال مع الجيش يمحو ماقبله
ويقول موفق الربيعي ، وهو مستشار الامن الوطني السابق واحد المشاركين في الحوارات التي قادتها الولايات المتحدة والحكومة العراقية في عام 2006 مع قبائل الانبار للانقلاب على القاعدة، "يجب ان نثق بعشائر الانبار. حتى لو كان منهم من شارك في وقت سابق بصفوف المسلحين وانتقل الان الى جانب القوات الحكومية فبجب ان نثق به".
ويضيف الربيعي لـ"المدى" ان "القتال مع القوات العراقية يمحو ماكان قبله من اخطاء، واذا لم نثق بابناء العشائر ونعطيهم الامكانيات من السلاح والمال والتدريب، فان اية قوة اخرى على الارض لن تستطيع تحرير الانبار او الموصل مستقبلا".
بالمقابل يشترط الربيعي ،وهو قيادي في دولة القانون، ان تكون تلك الامكانيات"مقننة وتحت سيطرة وادارة وتنظيم الدولة الاتحادية".
الخوف من تسرب السلاح
والامر ذاته يحظى بتاييد عضو لجنة العشائر في مجلس النواب عبود العيساوي حيث يقول "نخشى ان تمتنع الحكومة عن دعم العشائر المقاتلة في الانبار، فتفتح المجال امام مسارات اخرى خارجية قد توفر ذلك الدعم، كمبادرات نسمع عنها عن طريق واشنطن او القوة المتحالفة بما يعرف بـ(عاصفة الحزم)".
ويضيف العيساوي لـ"المدى" ان "الصدمة التي خلقتها (داعش) اعادت حسابات الكثير من العشائر في المناطق الغربية، وانضمت الى صفوف القوات الامنية، وعلى الحكومة الان ان تشجع على اعطاء السلاح الى الجهات والمشايخ الحقيقيين في تلك المدن، خوفا من تسرب السلاح مرة اخرى الى يد المسلحين، كما حدث في فترات سابقة".
ويشير العيساوي ،وهو عضو في التحالف الوطني، الى ان "عشائر مثل البو محل، والبو فهد، والبو عيسى، وغيرهم، لم يقفوا على الحياد في المعركة ضد التنظيم المتطرف، وتعرضوا الى مذابح واضرار كثيرة، والمفروض بقيادة العمليات في الانبار ان تحدد الاولويات في اعطاء السلاح بالتنسيق مع العشائر لوصول الدعم الكافي".
وظل موضوع تسرب السلاح من اكثر القضايا التي اعتبرها نواب عن الانبار بانها "اساءت الى الوضع هناك"، واعتبرها ممثلون عن المحافظة بانها "ترويج من بعض وسائل الاعلام لمنع وصول السلاح الى القبائل"، بينما اكدو ان رئيس الحكومة حيدر العبادي "عاد وجلس، مؤخرا، مع تلك الشخصيات المتهمة ببيع السلاح وتباحث معهم في امور تحرير الانبار".
الحشد لايمتلك الكثير
بالمقابل ، يقول عضو كتلة المواطن فرات التميمي ان "الحكومة العراقية غير متعمدة بعدم تقديم الدعم والسلاح الى العشائر، لاسيما وان السلاح المراد توفيره ليس من النوع الخفيف الذي يمكن مواجهة (داعش) به".
ويفترض التميمي لـ"المدى" ان"وزارة الدفاع تواجه مشكلة في عدم قدرتها على توفير السلاح بسبب الازمة المالية"، مرجحا ايضا ان "نكون زيارة رئيس الحكومة حيدر العبادي الى واشنطن قد تثمر عن الحصول على اسلحة لدعم القتاتل ضد المسلحين".
ويعرب ساسة من الانبار عن احباطهم حين سماع هذه الأعذار، ويقولون ان بغداد انفقت بسخاء على متطوعي الحشد الشعبي، ما يعني ان هناك ازمة ثقة رغم كل التضحيات.
لكن التميمي يؤكد ان "الحشد الشعبي ايضا يمتلك امكانيات بسيطة وهو يقاتل باسلحة شخصية في اغلب الاحيان، والامر ليس موجها ضد العشائر".
وكان زعماء محليون في الانبار قالوا بان "ضعف الدعم العسكري مفروض على ابناء القبائل فقط بينما الحشد الشعبي لديه افضل تجهيز ودعم"، واشاروا ايضا الى انهم "يستجدون حتى الرواتب والغذاء لمقاتيلهم، بينهم تغلق امامهم ابواب الوزرات".
الخطر في الموصل مستقبلاً
الى ذلك ، يدعو النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني عبدالعزيز حسن الى الانتباه لاهمية ان "يتم تحرير الارض في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم (داعش) من قبل ابنائها". ويضيف حسن لـ"المدى" ان "الخطورة في عدم اعطاء الاولوية والدعم للعشائر في الانبار، ستتسبب في خسارة المقاتلين المحليين في المناطق الغربية ومن ثم في الموصل ايضا".
ويكشف حسن ،وهو عضو لجنة الامن والدفاع النيابية، عن اقرار اللجنة لاربع نقاط لمعالجة الوضع في الانبار بعد لقاء جمعها، مؤخرا مع نواب عن المحافظة، حيث تم الاتفاق على "تقديم دعم عسكري فوري الى الانبار، وتعزيز القطعات العسكرية هناك باخرى من مناطق امنة من خارج المحافظة، فضلا عن تحويل كل الجهد العسكري الى الانبار وفتح الطرق امام النازحين لايجاد مناطق تؤويهم".
المدى |