دافعت الولايات المتحدة عن ستراتيجيتها في اليمن والعراق، الا ان دبلوماسيين يقولون انها عبارة عن فوضى. يبدو التدخّل في اليمن – حيث الثوار الحوثيون يتعرّضون لهجوم بدعم من واشنطن – متناقضا مع دعم القوات المدعومة من إيران في العراق.
كشف البيت الأبيض في وقت متأخر من مساء الأربعاء بأنه كان يقدّم المعلومات الإستخباراتية والدعم للضربات الجوية التي تقودها السعودية في اليمن و المراد منها إيقاف تقدّم الثوار الحوثيين الذين يهددون بإسقاط الحكومة.
قرار التدخّل - في ما يخشى الكثير من المراقبين ان يتحوّل الى حرب أهلية بين الثوار الشيعة المدعومين من إيران و الحكومة اليمنية المدعومة من الدول العربية السنيّة – يثير مخاوف من ان تجد الولايات المتحدة نفسها على الجانب المقابل للتوترات الطائفية المماثلة التي قسّمت العراق.
التدخّل العسكري بقيادة السعودية مدعوم بقوة من الولايات المتحدة، و ربما تنجر القوى العالمية الأخرى مع تفاقم الأزمة. أصرّ جيف راتكي المتحدث عن وزارة الخارجية الأميركية قائلا " نحن لا ننحاز الى الفصيل السنّي ضد الفصيل الشيعي ، و انما نحاول الدفع تجاه حوار يأخذ بالحسبان وجهات نظر جميع اليمنيين لكن الحوثيون هم من رفض الإنخراط في الحوار".
كما نفت الولايات المتحدة أيضا بأنها تنسّق مع الهجوم المدعوم من إيران على مسلحي داعش في العراق، زاعمة ان مصالحهما تتداخل بشكل وقتي. لكن راتكي كشف ان الصراع في اليمن أثير في إجتماع بين وزير الخارجية جون كيري و نظيره الإيراني جواد ظريف خلال محادثات لوزان التي تهدف للتوصل الى إتفاق مع إيران حول برنامجها النووي . هذه المبادرات التي تبدو متناقضة تجاه إيران تؤدي الى إنتقادات متزايدة لسياسة أوباما الخارجية من قبل الخصوم السياسيين الذين يدّعون بأنه لا يمتلك ستراتيجية واضحة للتعامل مع الأوضاع الأمنية التي تتدهور بسرعة في عموم المنطقة. قال جون بونر المتحدث عن الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ " ليست لدينا ستراتيجية شاملة للتعامل مع التهديدات المتزايدة، الأمر لا يتعلق فقط بداعش أو القاعدة و فروعها، و انما لدينا مشكلة خطيرة تواجه العالم بينما تقف أميركا على الهامش الى حد كبير".
لكن هناك خبراء قريبون من الإدارة دافعوا عن ردود فعلها التي تبدو محددة و مخصصة للأحداث الأخيرة، و أصروا على ان كل بلد له سياسة منفصلة. تقول بربارا بودين السفيرة الأميركية السابقة في اليمن " نعم، السياسة الخارجية عبارة عن فوضى و تناقض. بدلا من ان نراها مخصصة، الأفضل ان نراها متماشية مع الظروف المحلية، و سأكون أكثر قلقا لو كانت لدينا سياسة صارمة جدا . أعتقد ان ذلك لن ينفعنا ". رغم تشديدها على ان الدعم الإيراني للحوثيين يمثّل تطورا جديدا نسبيا في التوترات المزمنة، فقد أقرّت بودين بأن هناك قوى إقليمية أوسع نطاقا في اللعبة. و قالت خلال حوار في مركز سياسة الحزبين الجمهوري و الديمقراطي في واشنطن " يحاول السعوديون إسقاط الحليف الأهم لإيران – الأسد – و ان دعم إيران للحوثيين بأقل كلفة هو وسيلة لتذكير السعوديين بأنهم اذا حاولوا خلع حليفهم المهم في سوريا، فبإمكان إيران ان تجعل حياتهم صعبة على طول الحدود الجنوبية".
يقف الديمقراطيون في الكونغرس حتى الآن مع البيت الأبيض خلال ما يتفق الجميع على أنها فترة صعبة تمر بها سياسة الولايات المتحدة في المنطقة، لا سيما في ظل تهديد منتسبي القاعدة الذين ينشطون في اليمن أيضا. قال آدم شيف عضو لجنة الإستخبارات في مجلس الشيوخ والذي يدعم مساعدة الولايات المتحدة للتدخّل السعودي " ان االثوار الحوثيين الذين سيطروا على أجزاء كبيرة من اليمن يقتربون بشكل خطير من تأجيج حرب أهلية. و نظرا للأهوال التي تمر بها سوريا، فيجب تجنّب مثل هذه النتيجة مهما كان الثمن. القاعدة و داعش هما المستفيد الوحيد من الفوضى التي تعم اليمن الآن".
عن : الغارديان
ترجمة المدى