وجهت القمة العربية التي احتضنت مصر فعالياتها يوم أمس سلسلة من الرسائل إلى المحيط الإقليمي والدولي، وكان أبرزها ما عكسه الحضور القياسي للقادة العرب إلى شرم الشيخ من استجابة جماعية حوّلت مبادرة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز بإنشاء تحالف عربي إسلامي إلى واقع ملموس.
ويهدف التحالف الذي بدأ فعليا عملياته في اليمن ليل الأربعاء الخميس إلى الدفاع عن المنطقة بمواجهة أطماع خارجية وخاصة من إيران التي تدخلت عسكريا في العراق وسوريا، وتعمل على فرض أذرعها الطائفية في لبنان واليمن والبحرين ولو بقوة السلاح.
وجاءت كلمة الملك سلمان أمام القمة العربية لتؤكد أن تدخل التحالف العربي في اليمن، لن يكون لمجرد تسجيل الحضور العسكري عن طريق غارات على مواقع الحوثيين، وإنما سيستمر التحرك العسكري العربي حتى يحقق أهدافه في تحجيم دور الميليشيا الشيعية المرتبطة بإيران، وإن استدعى الأمر خوض معارك برية.
وقال العاهل السعودي “سوف تستمر عاصفة الحزم حتى تتحقق جميع الأهداف وينعم الشعب اليمني بالأمن والاستقرار.”
وأضاف أن “العدوان الحوثي” في اليمن يشكل تهديدا كبيرا لأمن المنطقة العربية، واصفا التحركات الحوثية في اليمن بأنها “انقلاب على السلطة الشرعية واحتلال للعاصمة صنعاء”.
وأشار محللون سياسيون إلى أن القمة العربية أسبغت الشرعية على التحالف العربي الذي قد تلتحق به باكستان وتركيا، من خلال تبنيها لاستمرار العمليات في اليمن، ما يفتح الأبواب أمام “عاصفة حزم” عربية أخرى في ليبيا أو سوريا أو البحرين.
ولفت المحللون إلى أن سقف الخطاب العربي في قمة شرم الشيخ استفاد من استراتيجية الملك سلمان الساعية إلى إنجاح المصالحات العربية البينية والتفرغ لتثبيت الدور العربي في القضايا الإقليمية وعدم انتظار أيّ تحرك من إدارة أوباما.
وبان بالكاشف أن اللقاءات الثنائية والجماعية التي عقدها العاهل السعودي مباشرة بعد تسلم مهامه الملكية أذابت الكثير من الجليد ووظفت بشكل أفضل أجواء المصالحة في خدمة الدور الإقليمي العربي، وخاصة ما تعلق بمواجهة التمدد الإيراني.
وأعلن دبلوماسيون من الخليج أن الحملة العسكرية الجوية التي يشنها التحالف العربي ضد الحوثيين يمكن أن تستمر لفترة تصل إلى ستة أشهر، وقالوا إنهم يتوقعون ردودا إيرانية ليس على شكل عملية عسكرية في اليمن، لكن بشكل أعمال تزعزع الاستقرار في المنطقة.
وقال مسؤول خليجي إن قلق دول مجلس التعاون من نفوذ الحوثيين تزايد في يناير بعدما أظهرت صور للأقمار الصناعية نشر قوات الحوثي صواريخ سكود طويلة المدى في المناطق الشمالية القريبة من الحدود السعودية.
وتتمسك الرياض بالاستمرار في الهجمات الجوية وقد تتبعها عمليات عسكرية برية حتى قبول الحوثيين بشرعية هادي ومنع تحولهم إلى ورقة إيرانية على شاكلة حزب الله في لبنان، وقطع الطريق على تكرار تجربة العراق وسوريا التي تتدخل فيهما إيران عسكريا بشكل علني.
وكانت تقارير قد أشارت الجمعة إلى وصول قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني إلى صنعاء بهدف إعادة تنظيم قوات الحوثيين لمواجهة الضربات العربية، لكن محمد البخيتي عضو المجلس السياسي لجماعة أنصار الله (الحوثيين) نفي ذلك أمس.
وفضلا عن الرسالة القوية الداعمة لمبادرة الملك سلمان بتشكيل تحالف لمواجهة النفوذ الإيراني، أعادت قمة شرم الشيخ مصر إلى واجهة الزعامة العربية، وهو أمر سبقته تحركات خليجية لمساعدة مصر على الخروج من المرحلة الحرجة التي عاشتها أمنيا واقتصاديا، وكان أبرز تلك الخطوات المؤتمر الاقتصادي الأخير.
وناقشت القمة مطلب مصر بتشكيل قوة عسكرية عربية مشتركة تكون مهمتها مكافحة الإرهاب.
ووجد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر نفسه مضطرا إلى القبول بالحضور إلى القاهرة والاعتراف بالدور المصري الذي زادت قمة الأمس في تدعيمه.
ولاحظ متابعون للقمة أن أمير قطر لم يكن قادرا على الغياب في قمة شرم الشيخ لأن ذلك سيثير إزعاج القيادة السعودية التي سبق أن تعهد لها مرارا بتنفيذ تفاصيل اتفاق الرياض التكميلي حول المصالحة الخليجية ودعم مصر.
وتقدم الشيخ تميم في بداية كلمته أمام القمة بالشكر إلى مصر رئيسا وقيادة وشعبا على حسن الضيافة والاستقبال.
وتعد هذه الزيارة الأولى لأمير قطر إلى مصر منذ تولي السيسي مقاليد الحكم.
تعليقات الزوار سيتم حدف التعليقات التي تحتوي على كلمات غير لائقة Will delete comments that contain inappropriate words