صحفيون يخوضون معركة إعلامية ضد «داعش» ويبتكرون طرقاً للمواجهة
في ٤٨ ساعة فقط، انتبه مغردون عراقيون في "تيوتر" إلى وسيلة مبسطة للسيطرة على تغريدات مسلحي "داعش"، ومن يؤيدهم ويناصرهم. كانت العمليات في تكريت تستعر، من دون معلومات مؤكدة، أو في الأقل متضاربة ومشتتة، ازدحم موقع "تويتر" بـ"هاشتاك": ولاية صلاح الدين. بالطبع هو الهاشتاك المتعارف عليه بين صفوف "داعش"، فمن يجرب البحث عنه في تويتر، ستظهر له مئات آلاف الحسابات الداعشية التي تنقل أخبار التنظيم في محافظة صلاح الدين. لكن، خلال اليومين الماضيين، سقط هذا الحصن الداعشي، حين كتب مغردون مناهضون للتنظيم "الهاشتاك" ذاته، ومعه خبر قصير عن قتلى التنظيم، أو انسحابه أو اندحاره في هذه البلدة أو تلك، داخل تكريت. تفيد إحصاءات وتقديرات تقترب إلى حد ما من الدقة، أن تنظيم "داعش" يغرد في اليوم الواحد نحو ٢٠٠ ألف تغريدة، وهو ما لا يضاهيه من تغريدات من جماعات منظمة تستهدف التنظيم في مواقع التواصل الاجتماعي. واستغلت المجاميع المتطرفة وسائل الإعلام الاجتماعية ورقة أساسية لها في الحرب، إذ تعتبر هذه المواقع مرتعاً خصباً لنشر أفكارها وحمل مفاهيمها من خلال الاتصالات والعلاقات العامة إلى أبعد نقطة. وتحوز شبكات التنظيم الإعلامية على فروع متشعبة تمتد عبر خلايا تضم عدداً هائلاً من المؤيدين الذي ينظمون عملهم بشكل متواتر، وينشرون أفكارهم بطريقة موحدة، وفي توقيتات غاية في الدقة. والحال، أن المؤسسة الأمنية العراقية لم تبتكر ترسانتها الإعلامية ضد التطرف والإرهاب حتى مع سقوط ثلث مساحة العراق بيد جيل وحشي جديد من الإرهابيين. وفي المقابل، فضلت مؤسسات إعلامية حكومية، أو شبه حكومية، اعتماد الآليات الكلاسيكية التي كانت متبعة في الحروب القديمة. لقد انتج المحررون ومعهم مئات المدونين العراقيين، قوالب كتابية تعبوية ضد التنظيم فيها الكثير من البلاغة والسذاجة، بينما يتصاعد عدد الذين يلجون مواقع ومدونات تنظيم "داعش" داخل وخارج العراق. لقد نشر موقع إعلامي "عربي"، خلال الأسبوع الماضي، شريط فيديو لتنظيم داعش يظهر جنوداً من قوات "البيشمركه" وهم في أقفاص حديدية في محاكاة لشريط فيديو حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، فيما لم يجر حرق الجنود أو قتلهم. وكان من الواضح أن الشريط دعائي يبعث رسائل تهديد للإقليم، لأغراض المساومة. لكن المواقع الإعلامي نشر الفيديو تحت عنوان، "داعش يبث مقطع حرق الجنود البيشمركه". لكن كان مضمون الخبر لم يشر إلى ذلك، كما هي حال مضمون المقطع المرئي.. لقد كان تعاطياً غير مهني مع مواد يبثها "داعش". في أكتوبر ٢١٠٤ اجتمع صحفيون عراقيون، في ضيافة الأكاديمية الألمانية، في مدينة أربيل الشهر الماضي لمناقشة طرق تعامل الصحفي مع "داعش". فوقع الجميع في فخ التناقض بشأن الهدف من العمل الصحفي. قال أحد المشاركين في اللقاء، "علينا في المؤسسات الصحافية أن نتوقف عن نشر مقاطع الفيديو التي تبثها داعش". كان اقتراحاً غريباً، لأن إعلام "داعش" تفوق على المؤسسات التقليدية، وفي حال حجْب الفيديو، فإنه ينال ملايين المشاهدات في "يوتيوب" و"تويتر". لكن، ومن دون شك، فإن نشر مقاطع الفيديو لن تنشر بطريقة الموقع الذي نشر مشهد "البيشمركه". كان الأمر الوحيد الذي لم يختلف عليه الجميع هو أن "الدولة الإسلامية تتفوق إعلامياً. ولديها فريق محترف في مؤسسة "الفرقان". ثمة طاقم محترف من المصورين والمنتجين ومهندسي الصوت، قدموا في السنوات الماضية سلسلة وثائقية تحت عنوان "صليل الصوارم"، فاقت نسب مشاهدتها أهم مادة صحافية عراقية كتبت عن "داعش". في نهاية المطاف، فإن رحلة الحرب ما بين شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام التقليدي، بين الصحافة المكتوبة والإعلام المرئي، تكشف الحاجة الماسة إلى ابتكار طريقة أكثر ذكاء في الحرب الإعلامية ضد "داعش".
الغد برس
تعليقات الزوار سيتم حدف التعليقات التي تحتوي على كلمات غير لائقة Will delete comments that contain inappropriate words