نيويورك تايمز تكشف ما هو "أسوأ" من فضائح أبو غريب
وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في افتتاحيتها، تقرير مجلس الشيوخ حول التحقيقات، التي أجرتها وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي أيه"، مع السجناء الذين احتجزتهم وعذبتهم بشكل غير قانوني، بعد الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر (أيلول) 2001، بأنه يكشف صورة من الفساد التي يصعب فهمها وقبولها.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التقرير يطرح مجدّداً السؤال، بشأن عدم محاسبة من يقف وراء هذه الجرائم حتى الآن، سواء كبار المسؤولين الذين وضعوا هذه التحقيقات، أو المسؤولين الذين قاموا بعمليات التعذيب، أو أولئك الذين قاموا بالتغطية عن طريق تدمير أشرطة الفيديو، التي تبين الانتهاكات وعرقلة التحقيق، الذي تجريه لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ حول هذه الممارسات.
ورأت الصحيفة أن ما يصفه التقرير، يبدو أسوأ مما جرى في أبو غريب، حيث قامت وكالة المخابرات المركزية ومحققيها بأفعال "أكثر وحشية وأسوأ بكثير"، مما صرحت به للجمهور ووزارة العدل والكونغرس وحتى البيت الأبيض، ونجم عن ذلك وفاة معتقل واحد على الأقل بعد تقييده بأرضية خرسانية وهو شبه عار،ٍ في مركز احتجاز سري لوكالة المخابرات المركزية، يديره ضابط صغير بدون خبرة أو كفاءة، ويقول التقرير إنه "ليس من الواضح حتى الآن كم عدد السجناء المحتجزين، في هذا المركز أو ما جرى لهم".
وألقى التقرير الضوء على بعض أكثر أساليب التعذيب عدوانية، في مثل هذه السجون السرية ومنها الحرمان من النوم "بحيث يظل المعتقل مستيقظاً لمدة تصل إلى 180 ساعة، وهو واقف عادةً أو في وضع مجهِد، وفي بعض الأحيان تكون يديه مقيدتين فوق رأسه"، وكان يتم اقتياد السجناء وهم عرايا ومكبلين، مع تغطية رؤوسهم في الغالب، خلال ممر طويل حيث يجري لكمهم وصفعهم.
ورأت افتتاحية الصحيفة، أن كون المعتقلين رجالا خطرين للغاية لا يبرر تعريضهم لمعاملة غير مشروعة، جلبت العار على الولايات المتحدة، وهي القصة التي أعطت زخماً للجماعات الإرهابية.
وقال التقرير إن مما زاد الطين بلة أن 26 على الأقل من السجناء الـ119 المعروفين لوكالة الاستخبارات، زُج بهم ظلماً في السجون، وخرج بعضهم بعد عدة أشهر، بعد أن قررت الاستخبارات، أنه لم يكن يتوجب سجنهم منذ البداية.
وزعمت الوكالة وأعضاء من إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، بضرورة القيام بهذه الأعمال الوحشية للتعامل مع تهديدات تشبه "القنابل الموقوتة" ووصفوها بالفعالة، ولا يزال نائب الرئيس السابق ديك تشيني، وهو المروج المتحمس لتلك التقنيات، يصرح بهذا الإدعاء.
وأوضح التقرير أن برنامج التعذيب لوكالة الاستخبارات الأمريكية، لم يكن ذي فاعلية "على الإطلاق"، فكل المعلومات التي نسبتها الوكالة لما يسمى "تقنيات الاستجواب المحسنة"، قد تم الحصول عليها قبل الاستجوابات الوحشية من مصدر آخر، أو مجرد أكاذيب صرح بها المعتقلين نتيجة التعذيب على الأرجح.
ويروي التقرير تعاقد وكالة الاستخبارات المركزية مع اثنين من علماء النفس "لتطوير وتشغيل وتقييم" برامج الاستجواب، وكانت خبرتهم الوحيدة في برنامج للقوات الجوية، يهدف إلى تدريب الموظفين على مقاومة أساليب التعذيب، التي استخدمها خصوم أمريكا في عقود سابقة، ولم يكن لديهم خبرة في الاستجواب، "ولا معرفة متخصصة في تنظيم القاعدة أو خلفية في مكافحة الإرهاب أو أي خبرة ثقافية أو لغوية ذات صلة"، قام العالمان النفسيان بتحديد السجناء، الذين يمكنهم تحمل المعاملة الوحشية، ثم قاموا بتقييم فعالية البرنامج اللذين وضعاه.
واختتمت الصحيفة افتتاحيتها، بالقول بأن "تلك الأساليب الوحشية وانعدام القانون وغياب المساءلة، تعد بمثابة تذكير لمدى فظاعة القرار الذي اتخذه الرئيس أوباما في بداية إدارته، بإغلاق هذا الفصل من التاريخ الأمريكي، حتى مع التبرؤ من استخدام التعذيب، فلا يزال المسؤولين الذين دمروا الأدلة بدون عقاب، وأُغلقت كل المحاولات لاقتياد هذه الأعمال إلى قاعة المحكمة بادعاء كونها أسرار وطنية، ومن الصعب الاعتقاد بأي جديد في هذا الصدد، والجمهوريون على وشك السيطرة على الكونغرس، بحسب الصحيفة.
شفق نيوز |