رغم العادات والتقاليد.. نساء ذي قار يكسرن حاجز الذكورية بقيادة السيارات
بعد أن كانت تقتصر سياقة السيارات على الرجال في محافظة ذي قار بدأت اليوم العديد من النساء يكسرن حاجز الذكورية بقيادة السيارات، فالعادات والتقاليد التي فرضت على النساء بإلزام بيوتهن أخذت تنحصر شيئا فشيئا، حتى باتت المرأة تشاطر الرجل في الحياة وأصبحت موظفة وصاحبة أعمال حرة، بل أنها حققت نجاحات تفوق الرجال في الكثير من الميادين، فمنصب المدير في بعض الدوائر الحكومية أصبح لا يقتصر على الرجال فقط، فضلا عن تأسيس شركات برئاستهن للاستيراد والتصدير، هذا الحال لم يقف عند حدود العمل فالقيادة النسوية بدأت تفرض حالها في شوارع بشكل متزايد يوما بعد آخر.
وتقول المواطنة سحر عباس لـ"الغد برس"، إن "سياقة السيارة في شوارع ذي قار كانت بالنسبة لي تجربة صعبة، لاسيما ان المرأة في الجنوب عادة ما يكون موقعها البيت وليس الشارع، مضيفة أن أكثر ما يجعل المرأة تتهرب من قيادة السيارة الحوادث المرورية، مبينة غالبا ما يكون الرجل ذات صوت عالي فضلا عن صعوبة لمس المرأة لإخراجها أو علاجها عند تعرضها لحادث مروري ما يجعل الأهل أو الزوج يرفضون قيادة المرأة للسيارة".
أما المواطنة نهاد كاظم، فتقول لـ"الغد برس"، "رغم ما أتعرض له من التحرش من قبل بعض الشباب، لكن هذا لم يمنعني من قيادة السيارة، لان أولادي يحتاجون الى من يوصلهم الى مدارسهم والبيت يتطلب الكثير من الاحتياجات واغلب الأسواق تكون ذات مسافة بعيدة عن بيتي".
وتؤكد أن "قيادة المرأة للسيارة هو حال واقع طبيعي في ظل قدرة المرأة على السير وفق الأنظمة المرورية"، مبينة ان "الكثير من النساء بدأن بقيادات السيارات بمفردهن خاصة وإن محافظة ذي قار تتمتع ببحبوحة من الاستقرار الأمني".
افتتاح معاهد تعلم سياقة السيارات للنساء في محافظة ذي قار أخذت تزداد بشكل ملحوظ نتيجة لإقبال النساء ورغبتهن في التعلم للحصول على شهادة تدريب، ويوضح مدير احد معاهد تعليم السياقة في الناصرية، حسن الطائي لـ"الغد برس"، أن "دورات تعلم النساء على السياقة بدأت تشكل إقبالا ملحوظا لمختلف الأعمار".
ويضيف أن "اعداد المتدربات ضمن معهدهم وصل الى خمسين امرأة خلال منتصف العام الجاري"، موضحا ان "الورشة التدريبية تقام كل شهر من خلال استضافة عشر نساء يتلقن المتدربات خلال الورشة دروس نظرية وعملية".
ويشير إلى أن "التدريب العملي للنساء هو الأهم في الورشة، كونه يعمل على تقوية مهارتهن ومن ثم كسر حاجز الخوف لديهن من الطرق المزدحمة والخارجية على حد سواء"، مبينا ان "اغلب المتدربات في البداية يشعرن بالحرج لكن من خلال بث الأفلام للدورات السابقة لكيفية تعلم المتدربات وقيادهن للسيارة في الشوارع يعطي الحافز لهن بالممارسة".
ويتابع الطائي أن "اغلب المتدربات يكونن من الموظفات وصاحبات الإعمال التجارية الحرة فإعدادهن إذا ماقورنت بربات البيوت، فليس هناك نسبة مقارنة ففي كل ورشه تكون من بين المتدربات واحدة أو اثنين ربت بيت".
من جانبه، يقول مدير قسم حيازة الإجازات المرورية في مديرية مرور ذي قار العميد كامل حسين، لـ"الغد برس"، إن "المديرية عملت على تخصيص ساحة خارج مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار لتعليم النساء على قيادة السيارات" مضيفا أن "الغاية من إنشاء هذه الساحة لتشجيع النساء الراغبات بتعلم السياقة والحفاظ عليهن من الحوادث المرورية".
ويوضح أنه "تم بالاتفاق مع معاهد تعلم السياقة للنساء باستخدام هذه الساحة في أي وقت ضمن الورش التعليمية"، مؤكدا ان "مديرية المرور خصصت أقسام خاصة لمنح النساء إجازة سوق بعد عبورهن الامتحان المخصص".
ويشير حسين إلى ان "رجال المرور خلال عملهم الميداني يبدون المساعدة قدر المستطاع الى النساء لتجنب وقوع الحوادث المرورية"، مشددا على ان "الشخص الذي يتعرض الى النساء بمضايقتهن، فان رجال المرور يستقدمونه الى أقرب مركز الشرطة لمخالفته الضوابط المرورية بإزعاج المواطنين في الشارع العام".
فيما، ترى الناشطة في حقوق الإنسان زينب هادي، ان "سياقة السيارات من قبل النساء أصبحت اليوم واقعا يفرض حاله ليكسر العادات والتقاليد التي فرضت على النساء دون ذنب سوى رغبة الرجال بالسيطرة على مجريات الحياة"، موضحة ان "تعزيز دور المرآه في المجتمع لا يقتصر على الوظيفة الحكومية، بل لابد من مشاطرة الرجل بحقوقها".
وتبين هادي أن "قيادة السيارة حق نسائي في ظل تطور الحياة بمختلف مجالاتها واتساع المدن"، مضيفة "استأجر سيارة تكسي ربما يعد أكثر خطورة من قيادة المرأة للسيارة في ظل الظروف الأمنية التي تعيشها البلاد".
وتؤكد ان "قيادة المرأة بنفسها أكثر أمنا وسلامة لها، ولعل هذا ما يتناسب مع العادات والتقاليد التي فرضها المجتمع في الجنوب لاسيما بعدم اختلاط المرأة مع الرجل".
وبالرغم من ان محافظة ذي قار تمتاز بطابعها العشائري والديني المحافظ ، إلا أنها كانت في ستينات وسبعينات القرن الماضي تعد واحدة من المدن التي تنشط فيها الحركة الثقافية والفنية.
الغد برس |