أثار نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي السابق وزعيم ائتلاف دولة القانون غضبا واسعا لدى الأوساط السياسية والشعبية خلال حديث متلفز في وقت سابق من هذا الشهر، قال فيه إن السبب الرئيسي لسقوط الموصل (مركز محافظة نينوى شمالي البلاد) بيد تنظيم الدولة في يونيو/حزيران 2014 يعود لكون 90% من الجيش والشرطة هناك كانوا من السنة، وإن انسحاب الجيش يعود لأسباب طائفية.
وتأتي تصريحات المالكي، بالتزامن مع مرور الذكرى الثانية التي حلت في العاشر من الشهر الجاري لتخليص الموصل من تنظيم الدولة بعد عملية عسكرية واسعة وبدعم من التحالف الدولي.
النائب السابق عبد الرحمن اللويزي -وهو من أهالي الموصل وعضو لجنة التحقيق بسقوط الموصل- أكد أن التشكيلات العسكرية ضمن محافظة نينوى قبل سقوطها بيد التنظيم تظهر حجم تكامل القطعات ومعداتها من الضباط والمراتب، وهو ما يدحض ما ذهب إليه المالكي، وأن الأفراد من السنة لم يكونوا الغالبية.
ونشر وثائق على صفحته في فيسبوك تظهر أعداد القادة والعناصر بالجيش مما يثبت تفوقا في أعداد العناصر من الشيعة على السنة بشكل عام مع تقارب النسبة (نحو 41% لكل طائفة) في حين مثل الأكراد ما نسبته 15%، إضافة إلى وجود نسبة بسيطة من التركمان والقوميات الأخرى.
وأشار إلى أن مجموع تعداد الجيش عند سقوط الموصل كان يزيد على 26 ألف شخص، وهو موضح في وثائق تبين موقف القوة العمومية للتشكيلات العسكرية.
وكانت لجنة التحقيق البرلمانية في سقوط الموصل قد رفعت في أغسطس/آب 2015 تقريراً لمجلس النواب بعد تحقيقات استمرت ثمانية أشهر، وخرج بتحميل عشرات المسؤولين السياسيين والعسكريين السابقين -على رأسهم رئيس الوزراء حينها المالكي- ووزير دفاعه سعدون الدليمي، ورئيس أركان الجيش بابكر زيباري، ومساعده عبود قنبر، وقائد القوات البرية علي غيدان، وقائد عمليات نينوى مهدي الغراوي، ومحافظ نينوى أثيل النجيفي. وطالب البرلمان حينها بإحالة التقرير وكامل ملف التحقيق إلى القضاء.
رئيس المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية د. واثق الهاشمي قال للجزيرة نت إن المؤسسة العسكرية العراقية منذ تأسيسها عام 1921 لم تكن تتعاطى المحاصصة الطائفية أو الإثنية أو القومية، غير أن الخلل حدث بعد الغزو الأميركي للبلاد وحله للجيش.
واعتبر أن الخلل يكمن في انعدام العقيدة العسكرية العراقية، وعزا السبب في انسحاب الجيش من الموصل لضعف العقيدة العسكرية وضعف الولاء وتفشي الفساد، وليس لأن الجيش في غالبيته من طائفة دون أخرى.
من جهته اعتبر النائب عن تحالف "سائرون" عباس عليوي أن تصريحات المالكي للاستهلاك الإعلامي، ولم تعد تعني العراقيين خاصة أنها تحث على "النعرات الطائفية".
|
عناصر من الجيش خلال عرض عسكري سابق في بغداد (رويترز) |
تناقض التصريحات
أما الكاتب والمحلل السياسي فلاح المشعل فقد قال إن ما ذكره المالكي يخلو من الدقة ويجافي الواقع، ويخالف الدستور بخصوص مراعاة تمثيل نسب المكونات في المؤسستين العسكرية والأمنية.
وقد هاجم تلك التصريحات كذلك تحالف القرار العراقي بزعامة أسامة النجيفي. وقال في بيان "ما من نكسة أشد ألما وأوسع تداعيات وأعمق معاناة من احتلال محافظة نينوى من قبل تنظيم الدولة، إنها فاجعة كبيرة، وبرغم عمل اللجان فما زالت الحقائق عرضة للتزييف، وآخرها ما صرح به المالكي إذ تناول الموضوع بطريقة من يضع الضحية محل الجلاد".
واعتبر البيان أن تصريحات المالكي الأخيرة ليست صحيحة وتكذبها الأرقام والوقائع المعروفة لدى القوات المسلحة والشعب.
يُذكر أن القوات العراقية استعادت الموصل وبقية ما كان يسيطر عليه التنظيم، والتي كانت تقدر بثلث مساحة البلاد، خلال حرب طاحنة استمرت ثلاث سنوات وانتهت أواخر 2017.