أكثر من 4 آلاف متهم بالإرهاب ينتظرون قرار القضاء في الموصل
بعد انتهاء العمليات العسكرية وإعلان تحرير مدينة الموصل بالكامل تتجه الحكومة العراقية إلى محاكمة المتورطين بالانتماء لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، إضافة إلى البحث عن المفقودين والكشف عن مصيرهم. وينتظر أكثر من أربعة آلاف وخمسمئة متهم بالانتماء للتنظيم في الموصل، صدور الأحكام القضائية بحقهم، فيما أدان القضاء أكثر من 300 آخرين.
قائد عمليات نينوى اللواء نجم الجبوري قال لـ «القدس العربي» إن «هناك أشخاصاً متهمين، ولم يصدر بحقهم أمر قضائي سواء أكانوا مدانين أو غير مدانين. لدينا مشتبه بهم وننتظر قرار القاضي داعشيين كانوا أم لا».
وطبقاً لحديث القائد العسكري فإن «أعداد هؤلاء تقدر بنحو خمسة آلاف شخص»، مشيراً إلى أن «قسماً منهم تمت إدانتهم، وهؤلاء يقدر عددهم بنحو 300 شخص، أما العدد المتبقي فينتظرون صدور الأحكام القضائية بحقهم، أما بريء أو مدان».
وعن المخاوف من حدوث عمليات «ثأر» للعائلات التي ينتمي أحد أفرادها إلى التنظيم، والتي عادت إلى مدينة الموصل بعد انتهاء عمليات التحرير قال الجبوري: «لم تشهد مدينة الموصل عمليات ثأر ضد العائلات التي ينتمي أحد أفرادها إلى تنظيم الدولة الإرهابي، لكن هناك بعض الحالات حدثت ضد أفراد، وهي قليلة جداً ومحصورة، ولا تتعدى أصابع اليد».
وتابع «نحن ملتزمون بقرار الحكومة العراقية، الذي يفيد بأن الإرهابي المنتمي لتنظيم داعش هو المطلوب، أما عائلته وذووهم فهم غير مطلوبين وفقاً للقانون»، لافتاً «نحن نعمل وفقاً لهذه التوجيهات. نحن ملتزمون بتنفيذ قرارات القضاء».
كما أشار القائد العسكري إلى عدم وجود إحصائية لعدد المفقودين في مدينة الموصل، عازيا السبب في ذلك إلى أن «هناك عدداً من المفقودين قبل عمليات التحرير، وهناك من خرج من المدينة نحو بغداد أو إلى أماكن أخرى، لذلك لا نمتلك إحصائية دقيقة عن هذا الملف».
انتشال جثث
تصريحات الجبوري أكدها أيضاً النائب عن محافظة نينوى، أحمد الجربا، الذي أوضح إن «ذوي القتلى والمفقودين بدأوا في الفترة الأخيرة بتثبيت المعلومات عن ذويهم في المدينة القديمة في الجانب الأيمن من الموصل، أو في بقية المناطق».
وقال لـ «القدس العربي» إن «الرقم الوحيد الرسمي بشأن عدد المفقودين هو ما ثبتته فرق الدفاع المدني، حيث بلغ نحو ألفين و640 شخصاً تم انتشال جثثهم».
وأضاف: «عمليات انتشال الجثث لا تزال مستمرة ولم تنته حتى اللحظة. لا يمكن التكهن بالعدد الكلي، لحين تشكيل غرفة عمليات لإحصاء المفقودين».
وأشار النائب عن نينوى، إلى أن «أقارب المفقودين بدأوا بتثبيت المعلومات عن ذويهم منذ نحو شهر، بكونهم كانوا يتوقعون أن يكونوا متواجدين في مخيمات النازحين، لكن بعد تفتيش المخيمات ولم يجدوهم هناك، قاموا بتثبيت معلوماتهم». وطبقاً للمصدر «لا يمكن لجهة حكومية أو شخص أو منظمة مدنية إعطاء إحصائية دقيقة لعدد المفقودين»، مشيراً إلى أن «هناك أكثر من جهة مسؤولة عن تثبيت معلومات المفقودين وليست جهة واحدة».
وحسب المعلومات المتوفرة لدى الجربا فإن «أعداد المفقودين في فترة سيطرة تنظيم الدولة على مدينة الموصل تقدر بألف و400 شخص»، أما عن عدد الموجودين لدى الأجهزة الأمنية فأوضح أن «لا يوجد رقم دقيق عنهم».
وتابع: «هناك أكثر من جهة تتعامل مع المعتقلين، منها استخبارات الشرطة ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي والجيش العراقي والشرطة الاتحادية»، مبيناً إن «كل مديرية تتعامل مع الموضوع على حدة، ولا يوجد هناك سجن مركزي يعود لجميع تلك الجهات».
ووفقاً للنائب عن نينوى، «في بعض الأحيان، عندما تذهب للسؤال عن معتقل لدى إحدى الجهات، يقولون لك بأن المفارز التابعة لهذه الجهة لم تعتقله، وهذا ما يضعنا في مشكلة جديدة».
وتساءل «في حال تم اعتقال شخص، سواء كان مجرماً أو متهماً، فلماذا لا يتم إبلاغ ذويه بأنه معتقل لدى الجهة المعنية ومتى ما يتم التحقق من أنه بريء سيتم الإفراج عنه، وفي حال كان مذنباً سيعرض على القاضي وينال جزائه العادل؟».
وكشف عن معلومات تفيد بأن «تنظيم الدولة لم يبق على أي من المفقودين في فترة تواجده بالموصل على قيد الحياة، لكن عائلاتهم لا تزال تنتظر، بكونهم لم يبلغوا من قبل داعش عندما كان مسيطرا على المدينة بقتل أبنائهم».
وأوضح أن «في بعض الحالات أبلغ داعش عائلات المغدورين بقتل أبنائهم، لكن أكثر من ألف و400 شخص لم يبلغ التنظيم ذويهم عن مصيرهم، وبدأت بعد ذلك عمليات التحرير». وأضاف: «بعد انتهاء عمليات التحرير، بدأت مافيات تتاجر بمصير هؤلاء المفقودين. هذه المافيات على نوعين سياسية ومالية».
النوع الأول، وفق المصدر «يقول إن هؤلاء كانوا محتجزين في سجون تابعة للتنظيم الإرهابي، وعند اقتحام القوات المسلحة المشتركة المدينة القديمة سيطرت على تلك السجون، ونقلتهم إلى بغداد للتحقيق معهم، وهذا كلام عارٍ عن الصحة، لكن المافيات السياسية تتاجر بمعاناة أهالي الموصل لأمور انتخابية، وتدعي بأن هؤلاء ما زالوا على قيد الحياة ويجري متابعة أمرهم والتواصل مع الحكومة لاطلاق سراحهم». وأضاف: «لا يوجد أي معتقل كان لدى تنظيم الدولة وسيطرت عليه القوات الأمنية».
ولفت إلى أن النوع الثاني من المافيات هم «عصابات تتواصل مع ذوي المفقودين وتطلب منهم مبالغ مالية تتراوح بين (500 ـ 1000 دولار أمريكي) لإرسال مقطع فيديو للمفقود، وبالفعل يتم إرسال المبلغ لتقوم العصابة بإغلاق الهاتف، وشراء آخر للاتصال بعائلة أخرى وهكذا».
كذلك، كشف المصدر، عن صعوبة عودة عائلات تنظيم «الدولة» إلى مدينة الموصل في الوقت الحالي «حتى وإن سمحت الحكومة بذلك»، عازيا السبب إلى صعوبة «كبح غضب ذوي القتلى والمغدورين».
وتابع: «في حال لم تكن هناك عمليات تصفية وثأر بصورة علنية، فسنشهد عمليات سرية».
في الأثناء قال رئيس المنظمة المتحدة لحقوق الإنسان فرع نينوى، سامي الفيصل، في تصريح صحافي، إن «أكثر من 6200 شخص فقدوا في حقبة سيطرة تنظيم الدولة على الموصل»، مبينا أنهم «توزعوا بين 2000 معتقل لدى تنظيم داعش و850 اختفوا في منطقة بزيبز قرب بغداد، و3320 في حفرة الخفسة جنوب الموصل، فضلا عن 520 جثة بقيت تحت أنقاض المدينة القديمة»، حسب موقع «السومرية نيوز».
وأضاف أن «أهالي المعتقلين في محافظة نينوى يطالبون الجهات الحكومية وحقوق الانسان بالكشف عن مصير أبنائهم الذين فقدوا بعد تحرير الموصل».
حقوق ذوي القتلى والمفقودين
ووافق رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، على مقررات منح حقوق وامتيازات لذوي القتلى، والجرحى والمفقودين، وكذلك، تشكيل لجنة لمتابعة إنجاز المعاملات التقاعدية لهم. وقال مكتب العبادي في بيان إن «رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي واستنادا لصلاحيات القائد العام للقوات المسلحة وافق على اعتبار حالات الوفاة خلال الخدمة ومن جرائها في ساحة العمليات العسكرية والعمل أو بسببه استشهادا»، مبينا أنه «حصلت موافقة رئيس مجلس الوزراء على محضر قرارات وتوصيات لجنتي الشهداء والجرحى التي تضمنت قرارات عديدة وتوصيات تفصيلية لتنفيذها».
وطبقاً للبيان فإن العبادي «وافق على تفعيل العمل بمنح المتطوع رتبة ضابط أو رتبة أعلى من رتبته على حالات الاستشهاد، والجريح بنسبة 100٪ باعتبارها حالات بطولية مشرقة لقوات الجيش والأمن الداخلي وتوفيق العمل بتلك المواد لمقاتلي هيئة الحشد الشعبي»، مشيرا إلى أنه «تمت الموافقة على ترويج معاملات منتسبي هيئة الحشد الشعبي المسجلة وفياتهم وإرسالها إلى هيئة التقاعد الوطنية للنظر بمنحهم الرواتب التقاعدية وفق القانون».
وتمت الموافقة أيضاً، وفقاً للبيان، على «تشكيل اللجنة الثلاثية وفق قانون هيئة الحشد الشعبي وقانون تعويض المتضررين لمتابعة إنجاز المعاملات التقاعدية للشهداء والجرحى، وحصر جهة متابعة منح امتيازات ذوي الشهداء (قطعة الأرض ومقاعد الحج والدراسة والأوسمة) بمؤسسة الشهداء»، لافتا إلى أنه «تمت الموافقة على أن تباشر وزارتا الدفاع والداخلية وهيئة الحشد الشعبي بترويج معاملات المفقودين والمخطوفين بغية منحهم الرواتب التقاعدية».
وحسب المكتب «حصلت موافقة رئيس مجلس الوزراء على أن تباشر دائرة التقاعد العسكري في وزارة الدفاع الخاصة بشهداء الحشد الشعبي غير المسجلين بترويج معاملاتهم التقاعدية».
كما «تمت الموافقة أيضاً على تفعيل العمل بقانون تقاعد قوى الأمن الداخلي والفقرة الخاصة بتأسيس جمعية تعنى برعاية ذوي الشهداء والجرحى والمعاقين ومنحهم الهويات وتوثيق إحصائياتهم وتوفير احتياجاتهم».
القدس العربي |