مقاطعة الانتخابات تزيد رصيد الكتل من المقاعد ولا تُفشل الاقتراع
عبثاً يحاول مروّجو فكرة مقاطعة انتخابات 2018 تحقيق هدفهم، فيما تؤكد القوى السياسية أن ذلك يصب في صالحها للحصول على مقاعد أكثر في البرلمان المقبل.
المعارضة، بحسب ناشطين، تخشى سرقة أصواتها من خلال نظام توزيع المقاعد”سانت ليغو المعدل”، وإعادة تدوير بعض الوجوه السياسية.
ويدير الفريق مقاطعته للانتخابات من خلال منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت وسم”#لن_أنتخب”، فيما تحاول”#لاتكعد_بالبيت”وهي حملة إلكترونية مضادة، التشجيع على الانتخابات.
ولا يتحدث الدستور وقوانين الانتخابات التشريعية التي عُدّلت عدّة مرات منذ 2005 عن نسبة مشاركة بخلافها تعتبر الانتخابات غير شرعية، فهي تمضي بأي نسبة كانت.
وخلال التجربتين السابقتين في 2010 و2014، بلغت نسبة المشاركة بالانتخابات بين 62% الى 60%، لكن بعض المعارضة تعتقد أن تدني النسبة سيفتح الباب أمام تدخل دولي لإلغاء نتائج الانتخابات.
ويؤكد جمال الأسدي، وهو خبير قانوني مختص في شؤون الانتخابات لـ(المدى)، أن التعويل على تدخل المجتمع الدولي في إلغاء نتائج الانتخابات وتغيير الخارطة السياسية، أمر صعب ولم يحدث سابقاً في العراق.
وقبل انتخابات 2014، كانت منصات التظاهر في محافظات شمال بغداد وغربيها تدعو الى مقاطعة الانتخابات، متوقعة أن يتدخل المجتمع الدولي، إذا ما تراجعت نسبة المشاركة بشكل كبير.
لكنّ القوى السياسية لم تلتفت إلى تلك الأصوات، وخاض مرشحو تلك المناطق الانتخابات، وشاركوا في ما بعد بتشكيل الحكومة.
ويعتقد الأسدي، أنّ هناك جهات سياسية تستفيد من تدنّي نسب المشاركة لترتفع حظوظ أحزابها بالمقابل. ويتابع قائلا”حين تنظم أحزاب حملات لمقاطعة الانتخابات وتتأكد أن جمهورها سيصوت لها، فهذا يعني أنها ستحصل على أكبر المقاعد في البرلمان”.
وبعد انتخابات 2014، اشتكت عدد من القوى السياسية”السُنية”من ضياع أصواتها لصالح قوى أخرى. وعزت ذلك الى عزوف جماهيرها عن المشاركة بسبب الأوضاع الأمنية التي كانت قد تزامنت مع بداية ظهور تنظيم داعش.
“الانتخابات لاتمثّلني”
في غضون ذلك، يؤكد الفريق المعارض لإجراء الانتخابات، أنه ينطلق من مواقف شخصية لرفضه المشاركة وغير مدعوم من جهة سياسية.
ويقول علي رياض، ناشط مدني ومشارك في حملة”لن أنتخب”لـ(المدى): إنه”خلال الـ 15 سنة الماضية، دارت الانتخابات في روتين مغلق صنعته أو فرضته التكتلات الحزبية منذ الانتخابات الأولى بنسق مذهبي – إثني.. هذا النسق لا يمثلني”.
من جانب آخر، يرى رياض، أن نظام الانتخابات في العراق يسرق صوته كناخب. ويتابع:”قد أنتخب مثلا قائمة (د) لأني ضدّ فوز (س) أو (ص) في الانتخابات، لكن بعد انتهاء الانتخابات أجد أنّ (د) تحالفت مع قائمة أعارض فوزها، وبهذه الطريقة أكون قد خُدعت وأنا لا أحب أن يخدعني أحد”.
وفي عام 2010 بتّت المحكمة الاتحادية، بقرار أثار الجدل حينها ينص على أن الكتل السياسية الأكبر هي التي تتشكل بعد الانتخابات وفي الجلسة الأولى للبرلمان.
ودفع ذلك القرار الى أن تبدأ القوى السياسية بترتيب تحالفات جديدة بعد ان تظهر نتائج الانتخابات.
من جهته يدعو حسن خلاطي، نائب عن تيار الحكمة، الى أن تذهب الاحزاب لطمأنة الشارع المحبط من التجارب الانتخابية السابقة.
ويجد خلاطي في حديث مع (المدى) أمس، صعوبة في تحديد جهة سياسية تقف وراء دعوات مقاطعة الانتخابات، لكنه يقول:”رفض المشاركة في الانتخابات سيذهب لصالح القوى السياسية، لأن الدستورلايحدد نسبة معينة للمشاركة”.
ورغم ذلك يطمح النائب عن تيار الحكمة لأن تشهد الانتخابات المقبلة نسبة مشاركة عالية، لأنه يعتقد ان المشاركة الواسعة”تعطي مؤشراً على ارتفاع الوعي الشعبي والتفاعل السياسي”.
تغيير الوجوه
بالمقابل يعتزم فريق”لاتكعد بالبيت”، المؤيد لإجراء الانتخابات، عقد ندوات شعبية للتوعية بالانتخابات، والحديث مع شيوخ العشائر في القرى والارياف لدعوة أبنائهم إلى المشاركة بالاقتراع.
ويقول أحمد كريم، وهو طالب في كلية القانون بجامعة كربلاء وعضو في تنسيقية المحافظة للحراك المدني المستقل، لـ(المدى) انه لا ينتمي الى أي حزب أو تنظيم سياسي، لكنه يدعو الى المشاركة بالانتخابات”لتغيير الوجوه القديمة”.
ويدافع كريم عن الحملة قائلا”بحسب فهمنا لن تتغير تلك الوجوه إلا عن طريق صناديق الاقتراع بعد أن فشلت الإرادة الشعبية عن طريق التظاهرات بذلك”.
ويرى فريق مناصرة الانتخابات، أنّ المقاطعة تنفع الأحزاب الحاكمة، لأن جمهورها سيخرج لاختيار ذات الوجوه ويعيد تشكيل الحكومة بنفس الشخصيات السابقة.
بدوره يقول نديم الجابري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد لـ(المدى)، إن”الانتخابات في كل العالم حق، وليس واجباً يستطيع الناخب استخدامه أو رفضه”.
وكان ناشطون قد بثوا مقطع فيديو لأحد نواب ائتلاف دولة القانون، وهو يتحدث عن رفضه ضياع العملية السياسية بسبب المقاطعة.
وظهر موفق الربيعي، في المقطع التسجيلي ضمن لقاء تلفزيوني وهو يقول إنهم مستعدون”لجرّ الناس بالقوة الى الانتخابات”.
ويمثل تدني مستوى المشاركة بالانتخابات الى أقل من 50%، بحسب ما يقوله الجابري، وهو عضو سابق في مجلس النواب،”عدم شرعية الانتخابات على المستوى الشعبي، لأن القوى السياسية أخفقت في إقناع الناخب”.
ويرى الجابري، أنّ ذلك الاهتمام بنسب المشاركة موجود فقط في دول العالم الثالث، فيما لا يهتم السياسيون كثيراً بتلك النسبة في الدول المستقرة سياسياً.
ويعتبر النائب السابق، أن أغلب دعوات المقاطعة جاءت من”إحباط الشارع من التجارب السابقة، واعتقادهم بأن نتائج الانتخابات ستكرر نفس الوجوه”.
الوثيقة |