أوكار ومخابئ في جبال حمرين في ديالى ينطلق منها تنظيم «الدولة» لتنفيذ عملياته
على وقع هزائمه المتتالية وفقدانه لأهم معاقله في العراق، لايزال تنظيم «الدولة الإسلامية» يسيطر على مساحات واسعة في سلسلة جبال حمرين ذات المرتفعات والوديان الوعرة الواقعة بين محافظتي ديالى وصلاح الدين.
وقال ضابط في الجيش العراقي، طلب عدم ذكر اسمه، لـ«القدس العربي»: «هناك مناطق حدودية مع محافظة ديالى منها الوديان والسهول في حوض تلال حمرين، مازال المئات من عناصر تنظيم الدولة ومعظم قادته الفارّين من أراضي كركوك والموصل وصلاح الدين يختبئون بها».
عناصر «الدولة»، «يتسللون من خلال هذه المناطق إلى داخل مدن ديالى وقضاء الحويجة، ويشنون عمليات عسكرية تستهدف القطعات العسكرية العراقية النظامية وميليشيات الحشد الشعبي بالأسلحة الكاتمة والانتحاريين»، وفق المصدر، الذي أضاف أن «عناصر تنظيم الدولة يستخدمون أوكار ومخابئ كمعسكرات لتجنيد وتدريب المقاتلين وتفخيخ العجلات وتصنيع الألغام الأرضية المخصصة لاستهداف الدروع المصفحة وصنع الأحزمة الناسفة»، كما يجهزون «الانتحاريبن، لإرسالهم من أجل ضرب المدن العراقية، مستغلين ضعف الجهد الاستخباراتي للقوّات العراقية والتراجع في إطلاق عملية عسكرية كبيرة لتنظيف جبال حمرين من بقايا بؤر مقاتلي الدولة».
وعزا المصدر، اتخاذ نتظيم الدولة جبال حمرين قاعدة انطلاق لاختراق المناطق وشن عملياته القتالية كحرب عصابات منظمة، إلى «وعورة المنطقة وارتباطها بمدن ديالى وكركوك وصلاح الدين وصولا إلى المناطق المحاذية للحدود الإيرانية السورية، الأمر الذي سهل من عملية حركة نقل مقاتليه ومعداته العسكرية من أسلحة ثقيلة ومتوسطة وذخائر ومواد متفجرة بين العراق وسوريا بسهولة».
وأشار إلى أن «التراخي وعدم التحرك السريع ووضع خطط عسكرية للقضاء على تلك الخلايا والجماعات المسلّحة وتدمير معسكراتهم في جبال حمرين وتطهيرها من العناصر الإرهابية الخطرة عن طريق الغارات الجوية المكثفة، وتنفيذ العمليات العسكرية المباغتة ضدهم على الأرض، ربما سيساعد مقاتلي الدولة لمهاجمة المحافظات التي خسرها والسيطرة عليها مرة ثانية».
تفجير وهجوم مسلح
في غضون ذلك، قُتل 3 أشخاص وأصيب 6 آخرون بجروح، بينهم آمر فوج في الشرطة العراقية، أمس الأحد، في تفجير وهجوم مسلح وقعا بمحافظتي صلاح الدين (شمال)، وديالى، شرقي البلاد.
وقال النقيب في قيادة عمليات صلاح الدين (تابعة للجيش) سعد محمد، إن «منزلا مفخخا في منطقة مطيبيجة، شمالي مدينة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، انفجر عندما داهمته قوة من فوج سوات (قوات التدخل السريع بوزارة الداخلية) يقودها آمر الفوج العقيد كريم العبود».
وأشار محمد أن الانفجار أسفر عن مقتل عنصر من القوة وإصابة 6 آخرين بينهم آمر الفوج.
ولفت إلى أنه يشتبه بأن مسلحين من تنظيم «الدولة» قاموا بتفخيخ المنزل.
وفي ديالى شرقي البلاد، أفاد النقيب في شرطة ديالى حبيب الشمري بأن مسلحين مجهولين هاجموا سيارة مدنية يستقلها مدنيون أحدهما محامي على الطريق الرئيسي باتجاه قضاء بلدروز (60 كلم شرق بعقوبة مركز ديالى)، مما أدى إلى مقتلهما على الفور.
وذكر أن قوة من الجيش والشرطة فتحت تحقيقا بالحادث، ونقلت جثتي الضحيتين إلى دائرة «الطب العدلي» في المحافظة. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجومين في محافظتي صلاح الدين وديالى، لكن مسؤولين عراقيين يوجهون أصابع الاتهام عادة بالوقوف وراء مثل تلك الهجمات إلى تنظيم «الدولة».
وفي الموازاة، استأنفت القوّات العراقية، في ناحية العظيم شمال بعقوبة، مواصلة العمليات العسكرية لملاحقة بؤر عناصر تنظيم «الدولة» في إطار الصفحة الثانية من العمليات التي انطلقت قبل عدة أسابيع.
مصدر عسكري آخر، رفض الكشف عن اسمه، قال في اتصال مع «القدس العربي»، إن «القوّات الأمنية المشتركة وبدعم من مسلّحي ميليشيات الحشد الشعبي وبغطاء جوي من طائرات عراقية، مستمرة بعملياتها لتطهير أراضي قرى حاوي العظيم، التي تقع بموازاة حدود ديالى وصلاح الدين من جهة ناحية العظيم شمال بعقوبة».
وأضاف أن «محاولة القوّات العراقية لاستئصال وتعقب خلايا الدولة في العظيم جوبهت بمقاومة شرسة واشتباكات عنيفة من عناصر التنظيم المتحصنين داخل الأنفاق والمخابئ، استخدموا فيها الكمائن بالعجلات الملغة وسلاح المدفعية والقصف بقذائف الهاونات».
وكان رئيس مجلس ديالى علي الدايني، قد أعلن عن قيام عصابات مسلحة، لم يسمها، برمي قصاصات سوداء تهدد وتتوعد الأهالي شمال شرقي بعقوبة، فيما دعا المؤسسة الأمنية إلى الحزم في إنهاء أي محاولة لعودة العنف والطائفية.
وبين، في تصريح صحافي، إن «عصابات مسلّحة قامت، في ساعة متأخرة من مساء يوم الخميس برمي منشورات تهدد وتتوعد أهالي قرية بابلان البزاني في المحيط الشرقي لقضاء المقدادية، (35 كم شمال شرقي بعقوبة)، بالاستهداف المباشر.
وأضاف أن توزيع القصاصات السوداء تطور خطير في منطقة تشهد استقرارا أمنيا منذ أشهر، محذرا من أن تكون الحادثة بداية لعودة القصاصات التي تثير القلق والرعب في نفوس الأهالي.
ودعا، المؤسسة الأمنية إلى اعتماد الحزم في إنهاء أي محاولة لنشر الذعر والخوف في نفوس الأهالي والعمل على دعم السلم الأهلي لأن هناك من يريد عودة العنف والطائفية.
زيارة أمريكية
إلى ذلك، وصل نائب وزير الخارجية الأمريكي جون سوليفان، أمس الأحد، إلى بغداد في إطار زيارة رسمية، غير معلنة المدة، للقاء كبار المسؤولين العراقيين، وترؤس وفد بلاده في اجتماع لجنة التنسيق العليا بين البلدين.
وقال روبرت ميركل المتحدث باسم السفارة الأمريكية في العراق، إن «سوليفان وصل بغداد اليوم على رأس وفد حكومي للمشاركة في اجتماع لجنة التنسيق العليا لتعزيز الشراكة طويلة الأمد بين الشعبين العراقي والأمريكي».
وأضاف أن «نائب وزير الخارجية الأمريكي سيبحث أيضا تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين وزيادة الاستثمارات الاجنبية لتسهيل إعادة إعمار العراق».
وذكر ميركل، أن «سوليفان سيجتمع مع كبار المسؤولين العراقيين لبحث الجهود الرامية لضمان هزيمة داعش بشكل كامل، إضافة إلى الاستراتيجيات الإقليمية والتقدم الحاصل مع إقليم شمالي البلاد».
واللجنة العليا المشتركة، هي لجنة دائمة تضم مسؤولين من كلا البلدين مهمتها تطبيق بنود الاتفاقية الإطارية الموقعة عام 2008.
وعام 2008، وقّعت بغداد وواشنطن، اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» التي مهّدت لانسحاب القوات الأمريكية من العراق نهاية 2011 بعد ثمان سنوات من الاحتلال والإطاحة بالنظام السابق.
وتنظم الاتفاقية العلاقات بين البلدين فيما يخص الجوانب العسكرية والاقتصادية والثقافية.
القدس العربي |