“بيت المقدس” ومستقبل حل الدولتين الغامض .. سياسي إيراني : ترامب فجر مفاوضات السلام اللاحقة والقادمة !
دوافع الرئيس “دونالد ترامب” لنقل السفارة إلى “القدس” لا تحوز الأهمية بقدر تبعات هذا القرار الفردي؛ لأنه يزيد من التوتر في مفاوضات السلام ويقوض مشروع حل الدولتين.
ويسأل المعارض الإيراني، “أبوالفضل آزاد”، هل يقدم هذا الوضع غير المتوقع فكرة جديدة للحل يقضي بإنشاء دولة واحدة لا تركز على “الهوية اليهودية” وتراعي الحقوق المدنية للأقليات ؟
ربما لم تكن لحظة إعلان “دونالد ترامب”، (أورشليم عاصمة إسرائيل)، مهمة بالنظر إلى تصديق الكونغرس الأميركي عام 1995؛ على قرار الإعتراف الرسمي بالقدس عاصمة لإسرائيل. لكن هذه التصريحات سحبت الكثير من المعترضين الغاضبين إلى شوارع الشرق الأوسط وتركيا، بينما أثارت السرور والسعادة في إسرائيل. لأن الأهم من القرار تبعاته، وهي أن أميركا لا تهتم لمطالب فريق المفاوضات الفلسطيني بشأن الإعتراف بالقدس عاصمة لفلسطين.
دوافع “ترامب” لمثل هذا القرار..
ينقل (راديو زمان) الإيراني المعارض، عن “مارك لندر” بصحيفة (نيويورك تايمز): “قرار ترامب بشأن نقل السفارة الأميركية إلى بيت المقدس، إنما يرتبط أساسً بالدعم المالي الإسرائيلي – الأميركي لمعركة ترامب في الأراضي الأميركية. إذ بدأ كل شيء بلقاء التاجر والمليادير الأميركي (شلدون غيري آدلسون) المرشح للرئاسة دونالد ترامب، حينها حصل آدلسون، الذي ساعد الحملة بقيمة 25 مليون دولار، على أخبار سارة من ترامب قبيل عشرة أيام من انتخابه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، وهو أن الأخير يعتزم نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس”.
يضيف “لندر”: “أتخذ الرئيس ترامب قرار بالتضامن مع متطلبات أنصاره”. ويستطرد “أبوالفضل آزاد”: “الأهم من الإعتراف الرسمي بأورشليم عاصمة لإسرائيل؛ أو دوافع ترامب من هذا الإجراء، هو موضوع حل الدولتين. إذ علق (صائب عريقات)، كبير المفاوضين الفلسطينيين، بمجرد أن أنهى ترامب إعلانه قائلاً: “رسالة ترامب واضحة، لقد انتهى حل الدولتين”. والسؤال الآن: ماذا عن حل الدولتين ؟.. وإذا كان حل دولتين مستقلتين قد مات، فما هو البديل المقترح ؟”.
بيت المقدس وحل الدولتين..
أربتط حل تعايش الإسرائيليين إلى جوار الفلسطينيين في دولتين منفصلتين مستقلتين، بمصير بيت المقدس، على الأقل خلال مفاوضات السلام على مدى العشرين عاماً الماضية، لأن كلا الشعبين يريد إتخاذ هذه المدينة عاصمة لدولته.
وفي الجولة الأخيرة من المفاوضات عام 2014، تحت رعاية “جون كيري”، وزير الخارجية الأميركي آنذاك، والتي باءت بالفشل، كان وضع بيت المقدس أحد القضايا الأساسية بين فريقي المفاوضات. والمجتمع الدولي، (عدا الولايات المتحدة)، مقتنع أن الإعتراف الرسمي بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل يهدد مفاوضات السلام.
لكن أي مفاوضات ؟.. إنها المفاوضات التي كانت تجرى على أساس حل الدولتين. وعليه ليس مستغرباً أن نتقبل إستدلال “عريقات” بشأن قضاء “ترامب” على الأمل في إحياء المفاوضات على أساس حل الدولتين. لقد ألقى “ترامب” بمساعي عشرين عاماً، لإثبات إمكانية التصالح من الشباك، دون إلتفات إلى تعقيدات المواجهات الإسرائيلية الفلسطينية، وهو يعلم جيداً تكلفة وجهات النظر الأخرى.
فإذا تم القضاء على حل الدولتين، فالتكلفة التي لا يريد الفلسطينيون تقديمها هي رفضهم لأن يكونوا مواطنيين إسرائيليين في دولة تراهم مواطنيين من الدرجة الثانية. وهم يرون هذا المشهد يومياً عبر الإنتهاكات القانونية والإنسانية لما يقرب من مليوني مواطن عربي إسرائيلي.
حل الدولة الواحدة يتطلب تحديث كل شيء..
أختلف الرئيس الإسرائيلي، “رؤوفين ريفلين”، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتنياهو”، على خلفية الحقوق المدنية لموطني عرب إسرائيل. وهو يعتقد أن “نتنياهو” بصدد القضاء على حل الدولتين، بالإنتهاك المنظم لحقوق العرب والفلسطينيين، ويقضي على الآمال في إقرار نموذج دولتين وشعبين، أي حل دولتين مستقلتين.
لكن كان هناك الكثير من المعارضين لنموذج “ريفلين” لحل الدولتين، سواء من العرب الفلسطينيين أو تيار اليمين الإسرائيلي، لأنه يعترف في النهاية بإسرائيل كدولة يهودية ذات أقليات تتمتع بالحقوق المدنية طبقاً لمبادئ الديمقراطية. في حين يتخوف اليمين الإسرائيلي من قيام دولة ذات أكثرية فلسطينية وإسرائيلية بخلاف الأقليات الأخرى، كيف ستكون الدولة يهودية إذ لم يكن اليهود أغلبية ؟.. ولذلك فإن أصلاً طرح مسمى الدولة الواحدة، يثير إضطراب الكثير من الإسرائيليين والفلسطينيين على السواء. بل إن النسخة اليسارية من هذه الفكرة، (التي طرحها البعض أمثال إدوارد سعيد)، لم تتجاوز مجرد كونها فكرة مثالية في الكتب.
موقف عرب إسرائيل..
الإنتهاك المنظم للحقوق المدنية للعرب من قبل إسرائيل موثق بشكل كبير. والسؤال لماذا يترك فلسطيني الحصول على دولة مستقلة ويتحول إلى مواطن منتهك الحقوق تحت العلم الإسرائيلي ؟..
ويختم “أبو الفضل آزاد” مقاله قائلاً: “يحيط الغموض بمستقبل مفاوضات السلام. فإذا كان تحليل (صائب عريقات) صحيح فلابد من بديل. لكن هذا لا يعني أن حل الدولة الواحدة لن يواجه مشكلات أيضاً. فإذا كانت القدس خط أحمر في مفاوضات حل الدولتين، فإن يهودية الحكومة الإسرائيلية ستكون خطاً أحمر في أي مفاوضات على أساس حل الدولة الواحدة.. على كل حال حتى الآن لم تقترح أي من أطراف مفاوضات السلام السابقة حل الدولة الواحدة حتى الآن. وقد وصفت فرنسا قرار ترامب بالأحادي، وأكد الاتحاد الأوروبي ثبات موقفه من قضية القدس، وأتهمت بريطانيا ترامب بعرقلة السلام، فيما أكد (آنطونيو غوترش) أمين عام الأمم المتحدة على حل الدولتين”.
كتابات
تعليقات الزوار سيتم حدف التعليقات التي تحتوي على كلمات غير لائقة Will delete comments that contain inappropriate words