الغارديان: نازحون من الموصل لم يعودوا لمنازلهم بعد أشهر من التحرير
وثقت مراسلة صحيفة الغارديان سالي وليامز، خلال مشاهداتها في الموصل ومخيمات النازحين برفقة مؤسسة اوكسفام الخيرية البريطانية حالات كثيرة من طلاب وأساتذة وأفراد عوائل اخرين قد ضاعت منهم فرص كانوا يريدون تحقيقها في دراستهم وطموحاتهم قبل دخول داعش لمدينتهم في حزيران 2014 .
وعندما تحررت الموصل، في تموز الماضي، كانت زينب إسماعيل تبعد عن مدينتها حوالي 50 ميلاً في مخيم بهاركا القريب من أربيل، وكانت في السابعة عشرة من عمرها عندما هربت مع عائلتها عند سماعهم تحذيرات بان مسلحي داعش قد وصلوا منطقتهم في 26 آب 2014.
كانت العائلة تعتقد بانها ستقضي أشهراً قليلة في المخيم ثم تعود الى بيتها ولكن بعد قضاء ثلاث سنوات ماتزال زينب ووالديها وإخوانها وأخواتها الخمسة يعيشون بين صفوف طويلة من الخيام المنتشرة في المخيم. كانت زينب على وشك إكمال امتحاناتها لتذهب الى كلية الطب .
في هذا الشهر أصدرت مؤسسة أوكسفام البريطانية تحذيراً عن العواقب طويلة الأمد لجيل كامل من عراقيين قضوا حياتهم في الحرب. واستنادا لاحصائيات 2014 فإن الشباب يشكلون الشريحة الأكبر من تعداد نفوس العراق حيث أن 61% منهم دون الـ24 من العمر و20% منهم بين 15 و24 سنة من العمر. وتضمن تقرير أوكسفام عن شباب العراق قائمة طويلة من المشاكل التي واجهوها خلال مرحلة احتلال داعش لمدنهم تراوحت بين تعثر تعليمهم الى فقدان الحرية والتعرض لصدمات نفسية وخوف وصعوبة العثور على فرصة عمل بعد هذه المعاناة .
وحذر التقرير من مغبة تجاهل معالجة هذه المشاكل بالقول إن "مع المشاكل المترتبة على عدم إيجاد حلول مناسبة لمشاكل الشباب التربوية سيكون من الصعوبة إيجاد حلول لمشاكلهم الاجتماعية الاقتصادية والنفسية على مدى أجيال".
وأضاف التقرير إن "إدراك هذه الامور المهمة مع آمال وطموحات الشباب هذه أمر حيوي لاستقرار البلاد على المدى
البعيد ."
وتقول مراسلة الغارديان إنها التقت بزينب في المرة الاولى في مخيم بهاركا في أيلول عام 2014 وعندما سألتها الآن عن الشيء الذي تفتقده قالت: "كتب مدرستي". ثم انجرت باكية.. كنت على وشك دخول الامتحان ومتيقنة باني سأدخل كلية الطب .
ثم مضت زينب في حديثها قائلة "خلال الأسبوعين الأولين في المخيم لم أكن استطيع تناول الطعام أو الحديث مع أي شخص ." وخلال شهر تشرين الثاني الماضي تمكنت العائلة من تسجيل ابنتهم بمدرسة حكومية للنازحين خارج المخيم للاعمار من 12 الى 18 عاماً وكان على العائلة دفع مبلغ 30 دولاراً شهريا مصاريف نقل وكتب .
وقالت زينب لمراسلة الغارديان "لا يمكنني أن أصف لكِ كم كنت فرحة، ولكن في الوقت نفسه أنا خائفة حقاً، مضى علي وقت طويل وأنا خارج المدرسة ومن الصعب الدراسة خلال الوضعية التي نعيشها الآن في المخيم. ولهذا فلا استطيع عن أحصل على الدرجة التي تؤهلني الدخول لكلية الطب والتي تتراوح من 95 الى 100، كنت أريد أن أصبح طبيبة لكي يفخر بي والدي ولكن لا استطيع الآن تحقيق هذا الهدف لقد فقدت ثلاث سنوات من حياتي. داعش دمر كل شيء. لقد فقدت تعليمي ولا يمكنني استرجاعه. ونسيت ما هي السعادة ."
بالنسبة لكثير من الشباب كان حلمهم الذهاب الى جامعة الموصل، التي كانت تعتبر من أكبر وأفضل الجامعات في الشرق الاوسط، باحتوائها على أكثر من 32 ألف طالب واكثر من 4.200 منتسب فعلي .
وتقول مراسلة الغارديان إن استاذ علوم الهندسة عبد الامير علي، أطلعها على بقايا أبنية محروقة في الجامعة كانت محاطة بأشجار على طول ضفة نهر دجلة .
وعلى امتداد الاثنين والثلاثين شهرا التي قضاها داعش في حكمه لمدينة الموصل بدأت الجامعة بإغلاق أبوابها تدريجياً .
ويقول البروفيسور علي "في البداية أجبروا الاساتذة والمدرسين على مواصلة الحضور، والذين يرفضون تتم معاقبتهم، أما أن تقطع رؤوسهم أو يتم دهسهم بتمرير السيارة فوق جسدهم"، مشيراً الى أن تنظيم داعش أغلق اقسام مثل الفلسفة والعلوم السياسية ولكنه أبقى على أقسام الطب وطب الأسنان والصيدلة مفتوحة .
ومضى البروفيسور علي قائلا "كانوا بحاجة لاشخاص متدربين على هذه العلوم". وبحلول العام 2015 تم استخدام مختبرات الجامعة كورش لتصنيع القنابل الكيمياوية وصناعة الأحزمة الناسفة. وتم منع النساء من المجيء الى الجامعة إلا إذا كن يدرسن الطب .
وقام داعش بتنفيذ سياسة الإحراق والتدمير عند انسحابه حيث حرق بنايات الجامعة ومن ضمنها المكتبة التاريخية التي تضم ما يقارب من مليون كتاب ونسخة قديمة من القران تعود للقرن التاسع .
وقال البروفيسور علي "لقد وضعوا إسفلت وزيت في أوعية بلاستيكية وعند ذوبان الحاوية يسكبونها على الارضية ويحرقونها وانتشرت الحرائق في كل البنايات"، مشيرا الى ترك التنظيم عبوات ناسفة داخل قاعات المحاضرات وفي الممرات، قائلا "كانت هناك 12 عبوة ناسفة في غرفة المختبر فقط" .
عن: صحيفة الغارديان
المدى
|