تقرير اسرائيلي يكشف أهداف استماتة نتنياهو في الدفاع عن انفصال كردستان
يرى د. إيدي كوهين وهو باحث إسرائيليّ، ومحاضر في جامعة بار إيلان، أنّ الدول الداعمة لإعلان دولة كردستان المستقلة هي قليلة، وإقليم كردستان الذي لا يمتلك أيّ منافذ بحرية له حدود مع العراق وتركيا وإيران وسوريّة، وهذه الدول، وخصوصًا تركيا وإيران، تقف وبشدّةٍ ضدّ إعلان دولة كردستان، وهم يخافون من أنْ تكون كردستان “إسرائيل الثانية”.
أمّا بالنسبة لإسرائيل، فبالرغم من عدم وجود تصريحاتٍ رسميّةٍ حول هذا الموضوع، إلا أنّه لا يوجد أيّ شك بأنّ تل أبيب تدعم استقلال إقليم كردستان، فقبل ثلاثة سنوات، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأنّ إسرائيل تدعم إنشاء دولة مستقلة في الجزء الذي ينعم به الأكراد بحريتهم، وقال: يجب أنْ ندعم تطلعات الأكراد المطالبين بالاستقلال، فهم يستحقون الاستقلال، بحسب تعبيره.
ولذلك، أوضح د. كوهين، تُحاول إيران وتركيّا زرع التفرقة بين الإطراف الكردية، إلّا أنّ إسرائيل ستستفيد اقتصاديًا وأيضًا امنيًّا من دعمها لدولة كردستان المستقلة، فهي ستضع حدودًا لتحركات الجهاديين في سوريّة والعراق، وعلى تل أبيب أنْ يكون لها دورها في التغييرات بإقليم كردستان، ولهذا فمن مصلحة القوات الإسرائيلية أنْ تقوم بتدريب قوات بيشمركة دولة كردستان، ويمكنها أنْ تقوم بفتح مقرٍّ عسكريٍّ لها في كردستان، لكي يتمكّنوا من حماية دولة كردستان، علاوةً على ذلك، شدّدّ الخبير الإسرائيليّ على أنّ إعلان دولة كردستان سيُساعِد بعودة اليهود الذين كانوا يسكنون هناك أوْ في العراق لمناطقهم ومنازلهم التي أخذتها الدولة العراقيّة، وقد يؤثر هذا الأمر أيضًا على اتفاقات السلام مع العرب.
ولكن، كما يُستشّف من الأبحاث التي تقوم بنشرها المراكز المُختصّة في تل أبيب، فإنّ الهدف الإستراتيجيّ لإسرائيل من دعمها لإقامة دولة كردستان في العراق، هو الردّ على اقتراب الجيش الإيرانيّ من الحدود مع إسرائيل، عبر تمركزه في الأراضي السوريّة، والتقارير التي أفادت بأنّ الحرس الثوريّ الإيرانيّ بصدد إقامة قاعدةٍ عسكريّةٍ بحريّةٍ وأخرى جويّة على الأراضي السوريّة، الأمر الذي اعتبرته الدولة العبريّة تهديدًا إستراتيجيًا لها، وأعلنت مرارًا وتكرارًا أنّها ستُعارض هذه الخطوة جملةً وتفصيلاً، ولكن السؤال الذي لم تُجب الحكومة الإسرائيليّة عليه، كما قال المُحلل في صحيفة (هآرتس)، تسفي بارئيل: هل ستقوم إسرائيل بشنّ حربٍ في حال إقامة إيران القاعدتين العسكريتين على الأراضي السوريّة؟.
وبرأي المُحلل للشؤون العربيّة في القناة الثانية بالتلفزيون العبريّ، إيهود يعاري، فإنّه من غير المُستبعد بتاتًا أنْ يكون الدعم الإسرائيليّ لإقامة دولةٍ مُستقلّةٍ في كردستان هو مُواجهة إيران، والاقتراب منها أكثر فأكثر، ذلك أنّ الدولة التي يسعى رئيس الإقليم، مسعود البرزاني لإقامتها سيكون لها الحدود مع الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، بما أنّ إسرائيل ستقوم بدعمها عسكريًا، فإنّها ستسمح لها بأنْ تكون على مقربةٍ من الحدود مع إيران، تمامًا كما فعلت إيران في سوريّة باقتراب قوّاتها العسكريّة من الحدود مع إسرائيل، في الجزء المُحرر من هضبة الجولان العربيّ السوريّة.
وفي السياق عينه، قال مسؤولون في تل أبيب إنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعمل على حشد دعم القوى العالميّة لمنع تعرض كرد العراق لمزيد ٍمن الانتكاسات مع فقدانهم الأراضي أمام الجيش العراقي. وأضاف المسؤولون أنّ نتنياهو أثار المسألة في مكالمةٍ هاتفيّةٍ مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأسبوع الماضي، وفي اتصالٍ آخر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الأربعاء الماضي.
وتابعوا قائلين إنّ هذا الأمر أثير أيضًا في اتصالات نتنياهو مع فرنسا، وأشاروا إلى أنّ مستشار الأمن القوميّ الإسرائيليّ مئير بن شبات تطرّق إليه في حديثه مع مسؤولين بالإدارة الأمريكيّة في واشنطن هذا الأسبوع.
وزير المخابرات والمُواصلات الإسرائيليّ، يسرائيل كاتس، وهو من صقور حزب الليكود الحاكم بقيادة نتنياهو قال من جهته للإذاعة الإسرائيليّة شبه الرسميّة إنّ المهم في الوقت الحالي هو منع حدوث هجوم على الأكراد ومنع إبادتهم، ومنع أي أذىً يلحق بهم وبحكمهم الذاتي ومنطقتهم، وتابع قائلاً في معرض ردّه على سؤالٍ إنّ هذا الأمر تريده تركيا وإيران والقوى الشيعية في الداخل وقوى أخرى في العراق وكذلك جانب في الحكومة العراقية، على حدّ زعمه.
من ناحيتها، قالت البروفيسور عوفرا بينجو، وهي باحثة كبيرة في مركز بيغن-السادات في تل أبيب، إنّ الأكراد حاربوا بقوّةٍ وشراسةٍ وبسالةٍ ضدّ تنظيم “الدولة الإسلاميّة”، لافتةً إلى أنّ علاقاتهم مع إسرائيل قديمة جدًا، وشهدت تحسنًا كبيرًا في الفترة الأخيرة، والآن، تابعت قائلةً، على ضوء المُتغيّرات التي تحصل في الشرق الأوسط يتحتّم على إسرائيل فحص سياستها اتجاههم باعتبارهم القوّة الأكثر تأييدًا وانسجامًا مع الغرب، على حدّ تعبيرها.
وكانت وسائل إعلام عبريّة نقلت عن نتنياهو قوله لأعضاء في الكونغرس الأمريكي قبل الشهر الماضي إنّ السبب وراء تأييد استقلال الأكراد هو كون هؤلاء يشكلون ذخرًا استراتيجًا لإسرائيل التي تعتبر الداعم العلنيّ الوحيد لاستقلال إقليم كردستان.
كتابات |