أيام على الاستفتاء .. قلق وترقب في مدينة كركوك !
تتشكل مدينة “كركوك” من تنوعات عرقية ويسكنها أكراد وتركمان وعرب وآشوريين وأقليات أخرى، أغلبهم انتقلوا للعيش بها بعد اكتشاف النفط في 1927، لكن التوترات في المدينة حولتها إلى قنبلة موقوتة، وكثير من السكان يخشون من أن يسهم ضمها إلى المناطق التي سوف يستفتى عليها في تعقيد الأمور أكثر.
واكتسبت المدينة أهمية خاصة بسبب حقول النفط حيث تزخر بـ10% من الاحتياطي العراقي، كما يعتبرها الأكراد والتركمان مدينة مقدسة لهم، حتى أن بعضهم يصفها بأنها تمثل “القدس” العراقية.
اختلاف على دستورية ضم المناطق المتنازع عليها إلى إقليم كردستان..
تعد “كركوك” واحدة من 15 منطقة متنازع عليها بين الحكومة المركزية وحكومة كردستان، والتي ترفض بغداد ضمها إلى إقليم كردستان، وهي مناطق لا تعتبر تحت سيطرة حكومة الإقليم وفقاً لدستور 2005.
ومن جانبه، صرح محافظ كركوك، “نجم الدين كريم”، لصحيفة “البايس” الإسبانية بأن “كركوك يجب أن تدخل ضمن الاستفتاء باعتبارها جزءاً من كردستان جغرافيًا وتاريخيًا منذ زمن العثمانيين”، ويعتبر “كريم”، العضو في “حزب الاتحاد الوطني الكردستاني”، من أشد المؤيدين لاستقلال كردستان.
وكانت القوات العسكرية الكردية “بشمركة” في 2014، قد تمكنت من فرض سيطرتها على المناطق المتنازع عليها، مستغلة تقدم عناصر “داعش” الإلاهابي، في البلد كله.
القلق يجتاح المدينة قبيل الاستفتاء..
أعرب عدد من سكان المدينة للصحيفة الإسبانية عن قلقهم وتخوفهم بسبب اقتراب موعد إجراء الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق، المقرر في 25 من أيلول/سبتمبر الجاري.
وفي الأسواق بينما لا يجد الأكراد أي عقبات أمام إعلان دعمهم للاستقلال، لا يزال العرب والتركمان يريدون اللجوء إلى حل وسط، وعند سؤالهم عن وجهة نظرهم في استقلال كردستان بعضهم يجيب بـ”لا أعرف” والبعض الآخر لم يقرر بعد إذ ما كان سوف يشارك أو لا.
وبعيداً عن دستورية الدعوة إلى الاستفتاء، الذي صوت البرلمان على رفضه، فإن “كركوك” تعتبر مثالاً للتحديات الضخمة التي تواجه العراق بعد هزيمة “داعش” على يد القوات العراقية مدعومة بالتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
محاولات لتعريب “كركوك”..
شهدت “كركوك” عدة محاولات لتغيير التركيبة الديموغرافية بها وتعريبها، منذ الستينيات على يد حزب “البعث”، ثم أعقبتها عدة إجراءات من جانب نظام الرئيس الراحل، “صدام حسين”، ووفقاً لمنظمة “هيومان رايتس ووتش”، فإنه تم إقصاء حوالي 120 ألف كردي وتركماني وآشوري من المدينة في الفترة ما بين 1991 وحتى 2003.
لكن بعد الغزو الأميركي للعراق، تغيرت الأوضاع وعاد آلاف الأكراد إلى كركوك ومناطق أخرى تم تعريبها بالقوة.
ولا توجد إحصاءات موثوقة لأعداد السكان، إذ أن آخر تعداد سكاني تم إجراءه منذ 1957، وكان مقرراً عمل تعداد آخر بموجد دستور 2005، لكنه لم يُنفذ بسبب التخوفات من إثارة التوترات العرقية.
التركمان والعرب لا يشعرون بالثقة..
يستخدم المتحدثون الأكراد عدة نقاط لتدعيم موقفهم وإعطاء شرعية للاستفتاء، منها عدم إلتزام الحكومة المركزية بحصتهم في الميزانية، وأصبحوا يخطبون ود السكان بوصفهم بـ”الكردستانيون” دون ذكر العرق.
ورغم الدعم الرمزي الذي يمنحه بعض أعضاء الأقليات، لا يزال التركمان والعرب لا يشعرون بالثقة فيما يقولونه بخصوص مصير الإقليم بعد الاستفتاء.
وأوضحت إحدى الممثلين الست عن العرب في مجلس محافظة كركوك، “رملة العبيدي”: “إذا كان صحيحاً أننا سوف نحصل على نفس الحقوق لبدأوا في تعديل القانون لإعطاء العرب والتركمان والأقليات الأخرى الحق في الحصول على وظيفة حكومية وبيع وشراء ممتلكاتهم”.
ومن جانب آخر، قال “تحسيم كاهيا”، العضو بالجبهة التركمانية: “حاربنا ضد نظام صدام على أمل أن التغيير سوف يمنحنا حقوقنا، ولم نحصل على ما انتظرناه حتى بعد مرور 14 عاماً ومع ذلك لا نؤيد تقسيم العراق”.
وأضاف: “لدينا أمل في أن يلغى الاستفتاء في آخر لحظة نظراُ لغياب الدعم الدولي والإقليمي”.
كتابات |