الأحزاب تجهض محاولة تشكيل مفوضية انتخابات مستقلة في العراق
في إصرار على تمسك الأحزاب العراقية بامتيازاتها، تجري محاولات لترتيب وضع مفوضية انتخابات جديدة تحافظ على مصالح وامتيازات تلك القوى والالتفاف على المطالب الشعبية بإجراء لإصلاحات حقيقية في العملية الانتخابية. وأفادت مصادر برلمانية مطلعة لـ«القدس العربي»، بأن «القوى السياسية تتعمد المماطلة في إكمال اختيار مفوضية انتخابات جديدة، حتى تضمن زرع عناصر مقربة منها فيها».
وأضافت أن «لجنة الخبراء النيابية التي كلفها البرلمان باختيار أعضاء مفوضية الانتخابات التسعة، أخفقت في إنهاء مهمتها التي بدأتها في كانون الثاني/يناير الماضي، بسبب الخلافات على أسس اختيار الاعضاء، وتمسكها بأن يكون لكل كتلة ممثلوها في مفوضية الانتخابات التي يفترض أنها مستقلة».
وتابعت: «لجنة الخبراء وبعد أن فتحت باب التقديم لعضوية المفوضية، تسلمت مئات الطلبات، وأجرت عليها عملية تصفية إذ قلصت العدد إلى 126 مرشحا». ووفق المصادر، «تحرص القوى السياسية المتنفذة إلى ايجاد ممثلين لها ضمن اعضاء المفوضية»، منوهة إلى أن «التوجه حاليا هو أن تقوم تلك القوى باعتماد مبدأ المحاصصة في اختيار الاعضاء الجديد، وهو استمرار لأسلوب تشكيل المفوضيات السابقة منذ 2003، وذلك رغم المعارضة الشعبية والدينية الواسعة التي تطالب أن تكون مفوضية الانتخابات مستقلة بعيدة عن تأثير القوى السياسية، لضمان حياديتها وعدم التلاعب بارادة الشعب في الانتخابات».
وكشفت المصادر، «بعض الأساليب التي يلجأ إليها قادة الكتل لتحقيق هدفهم، من خلال العمل مع أعضاء لجنة الخبراء والضغط عليهم لتمرير مرشحيها في كل مراحل التقييم، إضافة إلى تسريب أسئلة الفحص إلى مرشحيها مع أجوبتها».
وكان مجلس النواب، صوت في نيسان/ أبريل الماضي، بعدم الاقتناع بأجوبة مجلس مفوضية الانتخابات الحالية، وشكل لجنة خبراء، لاختيار مفوضية جديدة، استجابة لضغوط الشارع، لكن الكتل السياسية أرادت من عملية تبديل مفوضية الانتخابات، أن تكون سيناريو مكررا بنتائج متشابهة لضمان استمرار هيمنتها على المفوضية وتوجيه نتائج الانتخابات حسب مصالحها كالسابق.
ويقول عضو اللجنة البرلمانية زاهر العبادي، إن «الايام القليلة المقبلة ستشهد الانتهاء من مقابلة المرشحين»،»مؤكداً «وجود توصيات من بعض الكتل لمرشحين بعينهم».
وقد واجهت لجنة الخبراء النيابية عقدة جديدة في اختيار المفوضية الجديدة عندما أصر الأعضاء الحاليين على الترشح للمفوضية الجديدة، مستغلين عدم وجود فقرة قانونية تمنع ذلك، رغم تصويت البرلمان بعدم القناعة بالمفوضية واعتراض الشارع عليهم.
وهدد هؤلاء الأعضاء، البرلمان باللجوء إلى الطعن أمام المحكمة الاتحادية في حال تم إقصاؤهم من دائرة المنافس. وتجري مساومات ومفاوضات بين الكتل واعضاء المفوضية الحالية لسحب ترشيحهم مقابل امتيازات.
وتعد المطالبات بتغيير مفوضية الانتخابات وقانونها، أحد ابرز المطالب التي يرفعها المتظاهرون في المدن العراقية الذين يخرجون كل جمعة للمطالبة بإجراء الإصلاحات في العملية السياسية، اضافة إلى مكافحة الفساد والفاسدين.
وهدد مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، بمقاطعة الانتخابات المقبلة، إذا لم يتم تغيير مفوضية الانتخابات وقانونها المنحاز للكتل الكبيرة، كما دعم التيار المدني الشعبي والمرجعية الدينية، مطالب الصدر.
ويبدو أن نتائج عمل لجنة الخبراء في اختيار مفوضية انتخابات جديدة، لن ترى النور حتى تضمن الكتل السياسية الكبيرة مصالحها، وستأخذ المهمة وقتا طويلا بسبب الخلافات والصراع بين الكتل.
وطفت على السطح مؤشرات الخلافات، منها إعلان النائب احمد المساري، أن كتلة «اتحاد القوى الوطنية» أبعدته عن رئاسة الكتلة بسبب إصرارها على تعيين مرشح خاص بها ضمن مفوضية الانتخابات.
كما سبق أن قدم رئيس لجنة الخبراء، نائب رئيس البرلمان، آرام الشيخ محمد، استقالته من اللجنة بسبب ضغوط الكتل السياسية على لجنته، وهو ما عده مراقبون من قبل القوى السياسية المتحكمة في السلطة، إحباطا لأي آمال بتغيير قواعد اللعبة السياسية وإجراء الاصلاحات المطلوبة.
القدس العربي |