مفاوضات شيعية سنّية استغرقت شهرين لانضاج قانون أموال النظام السابق
استغرقت المحادثات بين الشيعة والسنّة نحو شهرين كاملين لكي تتوصل الاطراف إلى اتفاق على تمرير قانون يرفع الحجز والمصادرة عن العقارات العائدة لأركان النظام السابق، وإعادتها الى ما كانت عليه قبل عام 2003.
وصوّت مجلس النواب، السبت الماضي، على قانون حجز ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة لأركان النظام السابق، الذي ألغى قراري مجلس الحكم المرقمين(76 / 88) الصادرين في نيسان من العام 2003.
وفي ضوء هذا التشريع الجديد سيصدر مجلس الوزراء تعليمات لتسهيل تنفيذ احكام هذه القانون لتسهيل عمل اللجنة الوزارية المشكلة من وزارة المالية والعدل والأمانة العامة لمجلس الوزراء وهيئة المساءلة والعدالة. وستتولى اللجنة البتّ بمصير كل العقارات الشمولة بقراري مجلس الحكم رقم (76و88).
وتكشف لجنة المصالحة البرلمانية شمول أكثر من 300 محافظ و400 قيادي في حزب البعث المنحل، و3000 ممن هم بدرجة عميد أو مدير عام فما فوق في الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والمخابرات ، مشمولين بقرار حجز الاموال المنقولة وغير المنقولة. وستقوم اللجنة الوزارية بالنظر بمصير العقارات المحجوزة بعد التحقق منها وصحة وثائقها وسنداتها.
وحول الاجواء التي صاحبت إقرار القانون الاخير، يقول رئيس لجنة المصالحة ان "الاعتراضات تسببت بسحب القانون من جلسة السبت الماضي لكننا اضطررنا إلى جمع تواقيع لأكثر من تسعين نائبا تمكنا من إدراجه مرة أخرى على جدول اعمال الجلسة".
وينص قرار 76، الذي اصدره مجلس الحكم في 28 / 10/ 2003، على مصادرة أموال رئيس النظام السابق وأفراد عائلته حتى الدرجة الثانية، بالاضافة الى قائمة الـ(55)، الى جانب المحافظين وقادة الفرق العسكرية والأجهزة الأمنية (المخابرات، الأمن القومي، الأمن الخاص، الاستخبارات العسكرية، فدائيي صدام، الأمن العام وغيرها) بدرجة عميد أو مدير فما فوق ممن يثبت امتلاكه للأموال بطريقة غير شرعيّة.
ويعترف النائب هشام السهيل، في تصريح لـ(المدى) امس، ان هذا القانون الاخير مرّر في مجلس النواب بصعوبة بالغة".
وتقدر عقارات الدولة بنحو 600 ألف عقار، جزء كبير منها يعود لاركان النظام السابق، تستغلها كتل وأحزاب ترفض فتح هذا الملف لاسيما مع استخدام نفوذها لشراء عقارات مهمة بأسعار زهيدة .
ويؤكد القانون، الذي صوّت عليه البرلمان مؤخرا، على مصادرة الأموال المنقولة وغير منقولة، وتسجل عائديتها لوزارة المالية، كل من الأموال العائدة لصدام حسين وزوجاته وأولاده وأحفاده وأقربائه، والقائمة التي تضم (55) من أركان النظام السابق.
لكن المادة الثانية من القانون سمحت لعوائل قائمة الـ 55 بامتلاك دار سكنية واحدة لا تزيد مساحتها على (400م)، وما زاد على تلك المساحة يدفع ثمنها بسعر السوق السائد.
ويؤكد رئيس لجنة المساءلة والمصالحة ان "بعضا من هذه العقارات تم التصرف بها من قبل أصحابها الشرعيين وقسم أخر استحوذت عليها بعض الجهات والأشخاص بطرق الابتزاز مما جعل أصحابها يتنازلون عنها بطريقة غير قانونية"، لافتا إلى أن "هذه القضايا مررت بعد رفع الحجز عنها بطرق ملتوية وغير قانونية".
ويلفت النائب هشام السهيل الى ان "المسؤولين الحاليين الذين استولوا على بعض هذه العقارات مقابل إثمان بخسة وزهيدة لا تنسجم مع أسعار السوق"، مبينا ان أن "سعر متر البيع لهذه العقارات يتراوح بين 30 - 50 ألف دينار، رغم انها عادة ما تكون في المناطق الراقية في بغداد والمحافظات". وأصدر مجلس الحكم قراره رقم (88)، في 4/ 11 / 2003، الذي ينص على "حجز الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة إلى المسؤولين في النظام السابق وكبار أعضاء حزب البعث المنحل والأجهزة الأمنية وزوجاتهم وأولادهم وأقاربهم وأقاربهم ووكلائهم".
ويؤكد رئيس لجنة المساءلة البرلمانية أن "الفئة المشمولة بقرار 88 لانتملك عنهم قاعدة بيانات واضحة بسبب اعدادهم الكبيرة"، مشيرا الى ان "هيئة المساءلة تعمل على جرد هذه العقارات وإكمالها من اجل تقديمها إلى اللجنة الوزارية التي ستشكل لمراجعة هذه الملفات".
ويتساءل النائب هشام السهيل عن الأسباب التي دفعت أو منعت الحكومة من تنفيذ هذه الإجراءات بشكل واضح وعادل على الفئات التي شملها القانون؟". وكشف عن "وجود مئات الشكاوى التي وصلت إلى لجنة المساءلة من عوائل حجزت أموالها وعقاراتها بسبب تشابه أسمائهم مع المشمولين بهذه الإجراءات التي نفذت قبل أربعة عشر عاما".
وبحسب القانون الجديد فإن الفئات التي لن يرفع الحجز عن اموالها المنقولة وغير المنقولة هم "المحافظون، ومدراء الأمن والأمن الخاص والحرس الخاص ومدراء الأمن في المحافظات ورؤساء أقسام التحقيق في الأجهزة الأمنية".
وتلزم المادة 5 من القانون الجديد، الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة بأعداد قوائم تفصيلية خلال (90) يوما من تاريخ نفاذ هذا القانون تتضمن اسماء المشمولين وتبليغها الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة.
ويقول النائب هشام السهيل انه "بعد تشريع القانون سيرفع الحجز عن آلاف المشمولين بقرار رقم 88 ولا نحتاج العودة الى اللجنة الوزارية"، لافتا الى أن القانون الجديد سيشكل لجنة وزارية من المالية والعدل والأمانة العامة لمجلس الوزراء للنظر بالشكاوى المقدمة من المشمولين بقرار 88".
وحددت (المادة 3 / ثالثا) عمل اللجنة الوزارية بستين يوما لحسم الموضوع من تاريخ تقديم الطلب، وبخلافه تحال اللجنة المشكلة إلى لجنة تحقيقية يشكلها رئيس مجلس الوزراء وتحال ملفاتها غير المنجزة إلى القضاء.
ويكشف رئيس لجنة المصالحة ان "ما يقارب 300 محافظ مشمولون بقرار الحجز ينتظرون قرارات اللجنة الوزارية، إضافة إلى 400 من القيادات القطرية، واكثر من 3000 عميد في الأجهزة الأمنية والأمن والمخابرات
الاستخبارات".
ويؤكد السهيل أن "كل هذه العقارات ستعود الى ما كانت عليه قبل عام 2003 وتحديدا من تاريخ صدور هذا القرار من قبل مجلس الحكم".
بالمقابل يقول النائب فارس السنجري، عضو لجنة المساءلة والعدالة البرلمانية، ان "الحكومة ارتأت إرسال هذا القانون لتوضيح المشولين بقرارات بريمر ومن هم غير المشمولين"، مشيراً الى حجز اموال وعقارات مواطنين غير مشمولين بهذه القرارات .
وأوضح السنجري، في حديث لـ(المدى) امس، ان "التحالف الوطني ركز في اجتماعاته الأخيرة على مناقشة قانون مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة"، لافتا الى ان "هناك مفاوضات جرت بين التحالف الوطني واتحاد القوى العراقية استمرت لمدة شهرين متواصلين بحثت بعض النقاط الخلافية".
وأضاف عضو لجنة المساءلة أن "من أكثر النقاط الخلافية التي ركزت عليها المفاوضات بين السنّة والشيعة تتمثل يإعفاء دار سكن واحدة لاصحاب قائمة الـ(55) وكذلك الاستثناء الذي منح في بداية الامر الى رئيس مجلس الوزراء الا انه فشل في التصويت".
المدى
|