وزير "الطماطة" العراقي
اهمل القطاع الزراعي الى درجة التدمير، بعد ان جرد المزارع العراقي، من وسائل الدعم التي تدفعه الى مزاولة مهنته، ولم يكن تدمير هذا القطاع الحيوي المهم بمحض الصدفة، وانما عن طريق سياسات مدروسة دأبت عليها الحكومات المتعاقبة منذ التغيير الى اليوم، وبشكل ممنهج، اوصل البلد الى استيراد حتى 'الطماطة' والخضروات من الخارج، لينتهي بنا المطاف الى اقتصاد ريعي، يعتمد كلياً على صادرات النفط في موازناته السنوية، بعد ان تم تسوية القطاع الصناعي ايضاً بالارض، عندما اوقفت جميع المصانع عن الانتاج، واعتمد العراق على المستورد بنسبة 99%، وهذا ما جعل اقتصاد البلد عرضة للازمات والنكبات والتقلبات الاقتصادية، التي ممكن ان تطلق رصاصة الرحمة على اي بلد يعتمد كلياً على المنتوج النفطي في موازنته التشغيلية والاستثمارية، وهذا ما حدث، فبمجرد ان انخفضت اسعار النفط العالمية، كان العراق على راس قائمة الدول التي عصفت بها تلك الازمة، لاسيما وانه يخوض حرب استنزاف مفروضة، اثقلت كاهله جاءت متزامنة مع تهاوي اسعار النفط.
وبعدما اثبتت الوقائع بان الحكومة الحالية غير جادة باحياء قطاعي الصناعة و الزراعة ، وان المشاريع التي طرحتها منذ بداية الأزمة 'كصنع في العراق'، ودعم الانتاج الزراعي، ما هي الا اعلانات لم تتجاوز افواه المسؤولين، وما هي الا محاولات لامتصاص زخم الاتهامات الموجهة للقوى السياسية المهيمنة على السلطة ، بتماهيها او دعمها لتدمير اقتصاد البلد لاغراض مرسومة من قبل القوى الخارجية المهيمنة على القرار السياسي، رجع العراق ليستورد الطماطة مجدداً من الاردن، حيث خرج وزير الزراعة فلاح حسن زيدان، واعلنها بوسائل الاعلام من دون خجل، ليؤكد بان العراق فتح باب الاستيراد 'للطماطة' من الاردن بعدما اوقف في السابق كإجراء للتشجيع الزراعة المحلية ، ودعم المزارع، معللاً ذلك الموقف بانه جاء لتعضيد التعاون الزراعي بين البلدين.
كل ذلك السرد يفسر لنا حقيقة ما يجري من تدمير لاقتصاد البلد، ويبين لنا الاسباب التي اوصلت العراق الى استجداء القروض الخارجية، لاننا واقعين تحت معادلة واضحة وهي تعمل على 'تدمير الزراعة +تدمير الصناعة= اقتصاد ريعي+ تخفيض اسعار النفط= اللجوء الى القروض، وتكبيل العراق بالقروض الخارجية ، يعني اخضاعه كلياً لشروط وارادات وسطوة الدول الواهبة للقروض، ولينتهي بدمار البلد كلياً بعد تكبيله با موال طائلة وفوائد كبيرة قد يستغرق العراق لتسديدها عشرات السنوات، ببركة وزير الطماطة ومن خلفه من وزراء، وبركة السياسات التدميرية المتعاقبة منذ اكثر من عشر سنوات.
سلام سعود الزبيدي
الشرقية نيوز |