الأبناء الذكور عبء على العراقيين
لدته قادرين على العيش بشكل طبيعي. بسببه، باتت حياتنا عبارة عن قلق دائم. فكّرت أن أرسله إلى بلد آمن، لكنّ والدته رفضت أن يبتعد عنها ابنها الوحيد". يتابع: "لأنّه الابن الوحيد، هذا يجعله أكثر عرضة للخطف. يعرف الخاطفون مدى تعلّق الأهل بابنهم الوحيد، الأمر الذي يزيد من قلقنا". الوالد يخشى أيضاً أن يحمل ابنه السلاح، كما فعل شباب آخرون، "لا نحتمل أن نسمع خبراً سيّئاً".
أمّا أم وائل، فتقول لـ "العربي الجديد": "حتّى لا يخرج ابني يوسف (10 أعوام) إلى الشارع، أشتري له كلّ ما يطلبه. مع ذلك، سرعان ما يشعر بالملل". تضيف أنه بعد تردّي الوضع الأمني، وبدء ظاهرة خطف الأطفال، خصوصاً الذكور، والمساومة على أرواحهم، بات همّ العائلات الوحيد هو كيفيّة حماية أبنائها. حتّى أنّ بعضهم طلب من أبنائهم ترك المدارس والجامعات علّهم يحمونهم، ولا يتردّدون في تأمين كلّ ما يحتاجون إليه من أجهزة إلكترونيّة وألعاب وغيرها، لحثّهم على البقاء في المنزل. تتابع أنّ هذا الأمر لا يجدي نفعاً لأنّ الأبناء الذكور يتذمرون بسرعة، ويرفضون المكوث في البيت على غرار الفتيات.
إلى ذلك، تقول الباحثة الاجتماعيّة، ليلى مجيد، لـ "العربي الجديد": "من الطبيعي أن يقلق الأهل على أبنائهم. فما يمرّ به العراقيّون أمر ليس عادياً، وهذا يولّد لديهم مخاوف كثيرة. خسرت بعض العائلات أبناءها بسبب العمليّات الإرهابية التي تحدث، في وقت التحق فيه البعض بالعصابات والمليشيات، ولم يعودوا قادرين على السيطرة عليهم. هذه الحوادث باتت تدفع الأهل إلى تفضيل إنجاب الفتيات فقط، بسبب كلّ ما عانوه خلال العقد الماضي".
وتبيّن مجيد لـ "العربي الجديد" أن "الخوف بات مكتسباً وبنسبه 70 في المائة. ويظهر ذلك بسبب الواقع الذي نعيشه". وتلفت إلى أنّ الخوف وكيفيّة السيطرة عليه يختلف من شخص إلى آخر. إلّا أنّ الخوف مثل كابوس مزعج لا يعرف صاحبه كيفيّة التخلّص منه. وفي بعض الأحيان، قد يكون مربكاً إلى درجة يمنع صاحبه من عيش حياته كما يجب أو القيام بمهامه، حتّى أنّ بعض الأهل باتوا يتمنّون لو أنّهم لم ينجبوا ذكوراً، خصوصاً أولئك الذين يعيشون في مناطق النزاع، كوسط العراق. فسوء الأوضاع الأمنية وكثرة عمليّات الخطف والقتل والاستهداف المباشر للشباب، يجعل الأهالي في حالة من القلق والخوف على الأبناء.
تلفت إلى أنّ العصابات تعي جيداً خوف الأهل على أبنائها، وبالتالي بات خطف أي شخص سهلاً، من دون أن يكون هناك حساب وعقاب. وهذا يولّد خوفاً أكبر لدى المواطنين لعدم شعورهم بالأمان. ويدرك الأهالي جيّداً أنّ الدولة لن تتحرّك في حال تعرّض أبنائهم للأذى من قبل المليشيات والعصابات. وترى أنّ الخوف المفرط يؤدّي إلى نتائج عكسية، داعية الأهل إلى التحلّي بالحكمة، والأخذ بالأسباب، والبحث عن حلول ممكنة تجعلهم أكثر اطمئناناً على أبنائهم، سواء الذكور أو الإناث.\
"العربي الجديد" |