وزارة المالية تقاضي البرلمان العراقي لإرهاقه ميزانية البلد
رفعت وزارة المالية العراقية، دعوى قضائية لدى المحكمة الاتحادية، ضد البرلمان، بسبب إصداره قوانين تترتب عليها أعباء مالية كبيرة دون سند قانوني، في وقت تعاني فيه الميزانية من عجز كبير.
وذكر مصدر في وزارة المالية العراقية لـ«القدس العربي» أن «تشريع مجلس النواب للعديد من القرارات التي يترتب عليها أعباء مالية كبيرة، قد سبب عجزاً لدى وزارة المالية في تسديد الرواتب والمستحقات الأخرى».
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن «وزارة المالية رفعت دعوى قضائية لدى المحكمة الاتحادية على مجلس النواب بسبب تشريع قانون مؤسسة السجناء، بدون أخذ موافقة وزارة المالية ومجلس الوزراء، وبما يتعارض مع القوانين والتعليمات المعمول بها حالياً»، مؤكداً أن «القانون المذكور يحمل الميزانية أعباء مالية هائلة في وقت تعاني منه من عجز كبير».
وحسب المصدر فإن «الدعوى التي رفعتها وزارة المالية قضت بتعارض قانون مؤسسة السجناء السياسيين مع صلاحيات البرلمان الذي أقر القانون دون الرجوع إلى الحكومة، وفيما إذا كانت لديها القدرة المالية لتنفيذ القانون المذكور، إضافة إلى الاعتراض على شمول اللاجئين في مخيم رفحاء بالامتيازات التي أعطيت للسجناء والمعتقلين».
وبين أن «الدستور ينص على أن تشريع القوانين يتم من قبل رئاسة الوزراء أو رئاسة الجمهورية، ويكون دور البرلمان المصادقة على القوانين أو رفضها أو تعديلها».
وكانت هيئة التقاعد العامة، قد حذرت مؤخرا من تزايد الأعداد الكبيرة من المستفيدين الذين تتم إحالتهم على التقاعد لنيل الراتب التقاعدي دون أن يكونوا ضمن موظفي الدولة، مثل شريحة «شهداء» الإرهاب والتفجيرات و«شهداء» الحشد الشعبي والسجناء السياسيين خلال النظام السابق وغيرهم. ونوهت بأن «منح هذه الشرائح رواتب تقاعدية سيؤدي إلى إفلاس صندوق التقاعد الذي يمول رواتب المتقاعدين، خلال السنوات المقبلة».
وتشير مؤسسة السجناء السياسيين في موقعها الالكتروني، إلى أن قانون المؤسسة الصادر بعد 2003 خصص سلسلة من الامتيازات المالية التي تمنح لعائلة المعدومين أو السجناء السياسيين في عهد النظام السابق بسبب انتماءاتهم السياسية.
وتتمثل هذه الامتيازات، بمنحة تتراوح بين 82 و124 مليون دينار، وقطعة أرض سكنية، وقرض يدفعه نصفه فقط أو دفع بدل إيجار لحين منح الأرض، وتخصيص راتب تقاعدي لعائلة الشهيد (والديه وزوجته وأبنائه) ومنحهم الأولوية في التعيين بالوظائف العامة أو القبول في الجامعات والمنح الدراسية في الخارج والإعفاء من أجور النقل في وسائل النقل العامة.
حسين اللامي، من مدينة الصدر، قال لـ«القدس العربي» إن لديه شقيقا أعدم من قبل النظام السابق عام 1985 لانتمائه إلى حزب «الدعوة» المحظور آنذاك. وبين أن عائلته قد حصلت على امتيازات مالية كبيرة بعد سقوط النظام عام 2003 ساعدتها في بناء بيت والحصول على راتب تقاعدي لوالديه، إضافة إلى وظيفة حكومية لشقيقه، كما ساعدت ابنتهم على القبول في الدراسة الجامعية بدون مراعاة لشرط المعدل المعتاد للطلبة الآخرين.
ووفق المحامي حماد الدليمي، فإن «الامتيازات التي حصل عليها السجناء السياسيون السابقون وعائلات المعدومين خلال النظام السابق، لا مثيل لها في أي بلد في العالم من حيث تنوع العوائد المالية والمعنوية».
وأوضح أن «الاحزاب الشيعية كالدعوة والمجلس الأعلى وغيرهم، الذين يتحكمون بالسلطة، عملوا على مكافأة عناصرهم التي عانت خلال النظام السابق، كما سعوا إلى كسب الشارع الشيعي من خلال منح الرواتب والامتيازات تحت مختلف الأغطية».
وتابع: «الكتلة الشيعية تشكل الأغلبية العددية في مجلس النواب، لذا فهي تستطيع تمرير أي قانون دون الحاجة لموافقة بقية الكتل كالسنة والكرد».
وكشف أن «الكثير من القوانين التي تخدم المكون الشيعي قد تم تمريرها في البرلمان ضمن تسابق الأحزاب والقوى الشيعية لكسب الشارع الشيعي وضمان رضاه في الانتخابات، حتى وإنْ كان ذلك على حساب مصلحة الاقتصاد والميزانية وقانون مؤسسة السجناء السياسيين وقانون الحشد الشعبي وغيرهما، أمثلة على هذه الحقيقة».
وطبقاً للمراقبين، فإن الامتيازات المالية الكبيرة الممنوحة للسجناء والمعارضين للنظام السابق في العراق، شكلت أعباء كبيرة على ميزانية الدولة.
واعتبروا أن منح الشريحة المذكورة، امتيازات، لا اعتراض عليها كتعويض عن معاناتهم السابقة، عندما تكون معقولة وغير مبالغ فيها، وأن لا تتسبب في تحميل الميزانية والمواطنين الآخرين أعباء فوق قدرات البلد الذي يعيش الآن وسط ضائقة مالية صعبة جدا.
القدس العربي |