قادمون يا كراسي .. بقرارات أو توافقات
تداولت وسائل الإعلام خبرا مفاده إن أمين بغداد السابق المهندس نعيم عبعوب سيعود لممارسة مهام منصب وكيل أمانة بغداد للشؤون البلدية خلال الأيام القليلة المقبلة ، وأشار خبرا نشره موقع ( كتابات ) ، إن السيد عبعوب بانتظار صدور قرار من المحكمة الإدارية خلال الأيام القادمة لعودته لإشغال منصب وكيل أمانة بغداد للشؤون البلدية ، بعد أن رفضت هيئة التقاعد إحالته للتقاعد لعدم إكماله سنوات الخدمة المطلوبة أو بلوغه السن القانوني الخاص بالتقاعد ، وأضاف عبعوب انه ما يزال يشغل ( من الناحية القانونية ) هذا المنصب كونه مثبت بشكل رسمي بتصويت من مجلس النواب العراقي ومصادقة هيئة رئاسة الجمهورية ، معاهدا أهالي بغداد على الاستمرار بنفس الهمة والعطاء لتقديم أفضل الخدمات لهم والمساهمة الجادة في وضع المعالجات السريعة لمشكلاتهم ورفع جزء من معاناتهم ، يذكر أن عبعوب تولى، في تشرين الثاني 2013 منصب أمين بغداد وكالة بدلاً عن الأمين الأسبق عبد الحسين ألمرشدي ، بعد أن كان وكيل الأمانة للشؤون البلدية، ليتم إقالته فيما بعد وتكليف الأمين الحالية الدكتورة ذكرى علوش بدلا عنه.
وقد جاء هذا الخبر في صبيحة اليوم الثاني للخبر الذي أعلنه النائب مشعان الجبوري في لقاء مباشر على قناة الشرقية الفضائية ، وجاء فيه إن الأيام القليلة القادمة ستشهد عودة وزير الدفاع الدكتور خالد ألعبيدي الذي تمت إقالته بتصويت مجلس النواب ، وقال بان العودة ستتم بناءا على قرار قضائي باعتبار إن النائب الذي استجوبه لديه خصومة قضائية معه وبما لا يسمح باستجوابه قانونيا ، وان ألعبيدي قد قدم طعنا قانونيا ومن المؤمل البت فيه لصالحه بما يسمح بعودته دون حاجة لإعادة التصويت عليه من قبل مجلس الوزراء ، وهاتين الحالتين ليستا الحالات الوحيدة التي ربما تسمح بعودة من تم إخراجهم من مناصبهم ، فقد سبق وان عاد السادة نواب رئيس الجمهورية بعد أن اتخذت المحكمة الاتحادية قرارا ببطلان قرار رئيس مجلس الوزراء بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ضمن حزمة الاصلاحات التي اقترحها الدكتور العبادي وصوت لصالحها مجلس النواب ، كما سبق لجهات معنية وان أيدت عودة البعض لمناصبهم على وفق الطعون التي قدمت ومنهم النائب مشعان الجبوري حول الشكوك بصحة الوثائق الثبوتية بدخول البرلمان .
ويبدو إن شغور المناصب والمواقع في سلطات الدولة لفترات طويلة هي من تسمح بالعودة إلى المناصب بالتوافقات أو القرارات القضائية ، فلو تم الاسترسال بالموضوع لتم تحديد العديد من الحالات التي تم من خلالها العودة إلى المواقع السابقة أو ما يوازيها في المكانة والامتيازات ، واغلب حالات العودة لا تمثل خرقا للقانون وإنما استثمارا وتطبيقا للنصوص التي تتضمنها التشريعات السارية ، فبعض الذين يتم إخراجهم من الممكن إعادتهم بعد تمييز القرار الإداري أو القضائي فيعودون بكامل امتيازاتهم من تاريخ اتخاذ القرار الأول بحقهم باعتبارهم مهيئين للعمل وقد تم إيقافهم قسرا ولا يمكن للمصادفة أو غيرها هي التي تجعل المنصب العائدين له شاغرا أو يدار بالوكالة ، فالمواطن يشهد بعد كل انتخابات خروج أعداد كبيرة من المواقع التنفيذية ليكونوا في مجلس النواب من خلال المقاعد التعويضية للكتلة الانتخابية وبذلك تتم العودة السلسة بكامل الغطاء الدستوري وبدون أية تجاوزات ، وبعض الذين يتعذر إعادتهم بأغطية قانونية يتم تعيينهم كمستشارين أو خبراء في مواقع حساسة في الدولة باعتبارهم من بناة العملية الديمقراطية وليس من المفيد أن يتم التفريط بخبراتهم في هذا الخصوص ، وفي التعديل الأخير لقانون الخدمة الجامعية رقم 23 لسنة 2008 تم وضع نصا في القانون يلزم رؤساء الجامعات بتعيين أعضاء البرلمان المنتهية ولايتهم من حملة الدكتوراه كتدريسيين في الجامعات .
ومن الأمور التي باتت بحاجة إلى إصلاحات حقيقية هي إيجاد نصوصا ملزمة وآليات وسياقات لا تسمح بإبقاء المواقع الوظيفية شاغرة أو إشغالها بالوكالة لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر غير قابلة للتجديد من درجة مدير عام فما فوق ، فاغلب المواقع الوظيفية في الدولة يتم إشغالها منذ سنوات بالوكالة وبشكل يفتح الشهية للتشبث بها و( حلبها ) والعودة إليها أو حدوث خروقات فيها تتعلق بالفساد الإداري واللجوء إلى الشللية والمجاملة وتمشية الأمور مما يهدر الوقت والأموال والتستر على الأخطاء والفساد ، ولا نعلم ما هي الأسباب التي تدعوا لوجود شواغر في المواقع الوظيفية رغم وجود عشرات أو مئات البدائل التي يمكن ولوجها لغرض التعيين بدلا من التكليف ، كم لا نعلم أسباب الإصرار على بقاء المناصب تدار بالوكالة وليس أصالة حتى وان كانت تتعلق بنصف مجموع الوزراء رغم إن القضية من صلاحيات مجلس الوزراء أو مجلس النواب ، والبعض يقول إن السبب هي المحاصصة الطائفية أو ما تسمى التوازنات ، ولو كانت القضية تتعلق بدولة المؤسسات لامكن حلها من خلال مباشرة وتفعيل مجلس الخدمة الاتحادي والذي لم يبصر النور رغم تشريع قانونه منذ سنوات .
ورغم انه من الصعب الأعمام بدون سند علمي إلا إن الكثير يستطيع أن يقول إن اغلب حالات التخلف والتراجع والفساد والتقاطع يمكن معالجتها من خلال العمل بالتعيين بالأصالة والابتعاد عن التعيين بالوكالة اوخارج التوصيف الوظيفي ، فبلدنا زاخر بالكفاءات التي يمكن التعويل عليها في بناء البلد وإدارته بعيدا عن المحاصصة وغيرها ، ومن المعيب فعلا أن تبقى مواقع وظيفية عليا يتم أشغالها بالوكالة رغم الملاحظات بخصوص النزاهة والكفاءة أو إنها لا تتمتع بالخبرة الكافية والقدرة في الحفاظ على المال العام ، أوان يتم تكليف كفاءات عالية الأداء ولكنها تبقى مهددة ومحدودة الصلاحيات لأنها بالوكالة وبما يتيح للبعض إخراجها أو إعفائها لأسباب ذاتية أو غير موضوعية ، وفي مفاهيم الإدارة والقيادة الكفوءة والفاعلة فان الاستقرار الوظيفي والشعور بالأمان والاستقلالية واحدة من عوامل النجاح ، أما الأداء في حالة من عدم التأكد وفقدان معايير التقويم فانه كفيل بتأخير التقدم ووأد روح المبادرة والإبداع ، ونتمنى أن ينجز هذا الموضوع بعد 14 سنة من التغيير فليس من المعقول أن يتم التعويل على حلول خارجية كالبنك الدولي أو توصيات صندوق النقد الدولي وفنادق دول الجوار ، والقضية بتفاصيلها وحلولها واضحة للعيان بخبرات محلية 100% فمن لا يعرف تفاصيل بلدنا ربما يعتقد بان عدد الذين يمكن الاعتماد عليهم لإشغال المناصب لا يزيد عن 1000 في العراق لان عدد الأسماء التي يتم تداوالها محدود إلى حد كبير .
باسل عباس خضير
كتابات |