جرعة من "الكريستال ميث" كفيلة بالإدمان والموت السريع

تجارة المخدرات تهديد لا يقلّ خطورة عن الإرهاب والفساد

اجتاح وباء المخدرات في السنوات الأخيرة اغلب المدن العراقية ،وبشكل خاص مدن الجنوب والفرات الأوسط، بسبب التضيق على الحريات ومنع بيع وتدوال المشروبات الكحولية. ويعد "الكرستال" من أخطر الأنواع التي يتم تهريبها وتعاطيها، وهو الاسم المحلي لعقار الميثامفيتامين، إذ كان يجري تهريبه بكميات هائلة. اما في الوقت الحاضر فقد بات يصنّع محلياً بعد دخول الأدوات والمواد التي تدخل في صناعته. وبحسب الشرطة المحلية في مدينة البصرة فإن استهلاك الكريستال يتضاعف عاماً بعد عام، وربما يوما بعد آخر، ان كان بسبب العوامل الاقتصادية وآثارها النفسية على الشباب العاطل عن العمل بشكل خاص او بسبب قلة الوعي في الأوساط الفقيرة التي يتم تسويق المخدرات اليها إضافة إلى انتشارها بين طلبة الجامعات، وفي الآونة الأخيرة وصل الكرستال الى العاصمة بغداد. 

استيراد وتصدير المخدرات

محكمة تحقيق الرصافة اعلنت عن تصديق اعترافات تاجر مخدرات خطير في العاصمة، مشيرة إلى ضبط مواد اولية يستخدمها المتهم في تصنيع حبوب الهلوسة. وقال قاضي المحكمة المتخصص بقضايا المخدرات علي حسن كامل إن جهودا تحقيقية أدت إلى القبض على تاجر مهم للمخدرات في العاصمة، متابعا: أن عملية القبض اسفرت عن ضبط العديد من المواد الأولية التي تستخدم في صناعة المخدرات. لافتاً إلى: أن المتهم اعترف بقيامه بالمتاجرة بالمواد المخدرة عن طريق استيرادها وتصديرها من وإلى الدول المجاورة فضلاً عن تصنيعها بواسطة المواد الأولية التي يتحصل عليها.

الشريط بـ(50) ألف دينار

واضاف كامل ،حسب الموقع الإعلامي للسلطة القضائية، ان محكمة تحقيق الرصافة صدقت اعترافات اثنين من تجار المخدرات بعد القبض عليهما متلبسين في بغداد وبحوزتهما كميات من حبوب "الآرتين." موضحاً: أن جهداً تحقيقياً أدى إلى القبض على احد تجار المخدرات قرب معارض الحبيبية لبيع السيارات شمالي بغداد وبحوزته كميات من اشرطة الحبوب المخدرة. منوهاً الى: أن المتهم اعترف على شريكه الذي قامت القوات الأمنية بنصب كمين له وجرى إلقاء القبض عليه هو الآخر متلبساً وبحوزته أشرطة مخدرات ايضاً. مشيراً إلى: أن "الحبوب المضبوطة مع المتهمين من نوع (آرتين)، يقومان ببيعها بمبالغ تصل إلى 50 الف دينار للشريط الواحد. موضحا: أن المتهمين أقرّا بأنهما يخدعان الزبائن في بعض الأحيان ببيع حبوب مسكّنة للآلام على أنها مخدرة من خلال اعادة تغليفها في اشرطة للآرتين، وقد ضبطت بحوزتهما اسلحة خفيفة.

18 كيلو مخدرات في القرنة

وفي هذا السياق أعلنت إدارة قضاء القرنة، تمكن الأجهزة الأمنية المختصة من إلقاء القبض على (78) متهماً بالمتاجرة وحيازة المخدرات خلال العام الماضي 2016، في حين أصدرت المحاكم المختصة أحكامها بحق (23) متهماً بنفس القضية ، بينما ضبط نحو (18) كيلو من المخدرات المختلفة و(250) حبة في عمليات نفذت بمناطق مختلفة من القضاء.

وقال قائممقام القضاء محمد ناصح الحسن إن عدد القضايا المسجلة خلال العام الماضي بشأن المخدرات بلغ (170) قضية أنجز منها (23) قضية، في حين تجاوزت أوامر إلقاء القبض المنفذة العشرين أمرا وغير المنفذة الـ(45).

نفوذ تجار المخدرات

وحسب مصدر في البصرة ان اغلب تجار المخدرات في البصرة كانوا يعملون مسبقا بتهريب النفط، لكن بعد إحالة أغلب الحقول الى شركات عالمية توقف عملهم. موضحا: ان بعضهم وجد ضالّته في التجارة بالمخدرات وبشكل خاص "الكرستال". مبينا: ان البعض منهم مرتبط بجهات حكومية ودينية تمنع دخول المشروبات الكحولية الى البصرة والمدن المحيطة بها لأجل انتعاش المخدرات.

وعن كيفية البيع والترويج يوضح المصدر : ان بعض الكوفي شوبات باتت مراكز لبيع وتدوال المخدرات. لافتا الى: ان بعض التجار يستغلون الأطفال والأحداث بنقل بضائعهم عبر "الدرجات النارية" وايصال الى المتعاطين الذين تتنوع أعمارهم ومستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية ومن كلا الجنسين. مشددا على: ضرورة ايجاد مراكز تأهيل للمتعاطين الذي اخذت اعدادهم بالتزايد وبشكل خاص الشباب الذين يشكلون عماد المستقبل.

الإدمان 

من جرعة واحدة

يعد الكرستال مادة كيميائية من أخطر المواد المخدرة، تشبه بلورات زجاج السيارات المهشمة، ناصعة البياض، لذا سميت بالكريستال بالإمكان إنتاجها بشكل شخصي ومحلي، لوفرة موادها الأولية .وحسب مختصين فهي تدخل ضمن مواد الامفيتامينات المنشطة لذا يستخدمها الكثير على انها منشطة بدنياً وجنسياً، يتم تعاطيها عن طريق الاستنشاق، أو الحقن بالوريد، أو التدخين، أو البلع، أو التحاميل .وبسبب تاثيرها الكبير يحصل الإدمان عليها من جرعة واحدة، بخلاف بقية المخدرات التي لا يصاب المتعاطي بالإدمان إلا بعد جرعات متكررة ، وفترة تأثيرها تمتد من (12) ساعة إلى ثلاثة أيام حسب الجرعة ، التي ما ان ينتهي مفعولها حتى يصاب يصاب المتعاطي بالخمول والصداع ، الرغبة بالانتحار، والبحث المحموم عن جرعة أخرى .. 

الكرستال في بغداد

الى ذلك، كشف قضاة متخصصون عن تزايد خطير في ملفات المخدرات، مؤكدين أن جانب الرصافة في بغداد يسجّل يومياً نحو خمسين دعوى على صعيد التعاطي أو المتاجرة. وفيما اشار القضاة إلى تجار يسعون حالياً لنقل تجربة صناعة مادة الكريستال المحظورة إلى العراق، لفتوا إلى ورود معلومات عن نيّتهم استحداث مصانع لهذا الشأن بعضها قيد الإنشاء، داعين في الوقت ذاته إلى تعزيز الرقابة على المنافذ الحدودية لمنع عمليات التهريب المتكرّرة للمواد المخدرة.

50 قضية يومياً في الرصافة

ويقول قاضي التحقيق المتخصص بدعاوى المخدرات علي حسن كامل بحسب المركز الإعلامي للسطلة القضائية: إن قضايا المخدرات في عموم البلاد تشهد تزايداً مستمراً وينبغي الوقوف عندها وإيجاد المعالجات اللازمة لها من قبل جميع الجهات ذات العلاقة مضيفا أن: المعدلات على جانب الرصافة من بغداد فقط بلغت بحدود الخمسين قضية خلال اليوم الواحد. موضحا أن: الوقائع المعروضة امامنا تفيد بأن اغلب المتعاطين يتواجدون في المناطق الشعبية الفقيرة المكتظة بالسكان.

تجار متخصصون

وأكد كامل أن اغلب الدعاوى تتعلق بتعاطي مادة الكريستال المخدرة. مبيناً أن: هذه المادة انتشرت بنحو كبير في عموم البلاد مؤخراً. مردفا: أن المشرع العراقي تعامل مع المخدرات ووضعها في قانون واحد ومن بينها نبات القم، وحبة الكوكة، والأفيون الطبي، والخشخاش والحشيشة، إضافة إلى الكريستال وغيرها. مبينا: أن شحنات الكريستال تدخل العراق من دول الجوار بواسطة تجار متخصصين بتهريب المخدرات.

معمل كرستال

 قيد الإنشاء

يستطرد قاضي التحقيق المتخصص بدعاوى المخدرات: إن الكرستال مادة صناعية وليست زراعية يتم اعدادها قبل دخولها إلى العراق.  وفيما تحدّث عن أن التحقيقات القضائية توصلت إلى تجار يحاولون حالياً نقل التجربة إلى الداخل من خلال اطلاعهم على كيفية تكوين الكريستال. كاشفا عن معلومات مؤكدة تفيد بوجود معامل قيد الإنشاء ستخصص لهذا الغرض مشيرا إلى: أن التجار يستغلون في ادخال الكريستال سهولة نقله، وكذلك ضعف الإجراءات الرقابية في بعض المنافذ الحدودية.

علاج الأمراض المزمنة

كما لفت كامل إلى مواد اخرى لها سوق في مدننا منها الحشيش والهيرويين, لكنه اقرّ بأن نسب تعاطيها قليلة جداً مقارنة بالكريستال كون تلك المواد موجودة في بلدان بعيدة ويصعب نقلها إلى العراق. منوها الى: ان عدداً من الصيدليات تم كشفها بجهود تحقيقية وهي تبيع المواد المخدرة وحبوب الهلوسة وأغلقت وأحيل اصحابها الى المحاكم المختصة وصدرت بحقهم احكام مختلفة. لافتا الى: ان عمليات تحصل ببيع ادوية ذات مؤثرات عقلية دون وصفة طبية. مبيناً: ان هناك من يلجأ إلى تناول علاجات لأمراض مزمنة لكن الغرض الحقيقي هو استخدامها للهلوسة وبالتالي يأتي دور وواجب الصيدليات هنا بإعطائها وفق وصفات طبية ولأصحابها حصراً.

من يصنف المواد المخدرة؟

وفيما يخص العقوبات وحكم القانون ذكر قاضي التحقيق المتخصص بدعاوى المخدرات أن المشرّع فرض عقوبات على من يتعاطى حبوباً وعلاجات بعيداً عن موافقة الطبيب المختص. لافتاً  إلى: أن المحكمة التي تنظر بالدعاوى تتخذ كافة الاجراءات لمعرفة حقيقة هذه الوصفة والغرض من تعاطي المادة العلاجية. مردفا: أن العقوبات لا تشمل المتعاطين فقط، إنما تمتد إلى اصحاب الصيدليات الذين يبيعون هذا النوع من العلاجات دون وصفة طبية. منبها الى: أن تصنيف المواد على أنها مخدرة ولها تأثير عقلي يكون بموجب جدول رسمي، مردفاً أن المشرع خوّل وزير الصحة صلاحيات بإصدار ملحق لهذا الجدول يخصص لإضافة أي مادة يتم التعرف عليها لاحقاً على أنها مخدرة أيضاً.

الحكم بالإعدام

وحول العقوبات المقرّة للمتورطين بجريمة المخدرات، ذكر كامل أنها مختلفة بحسب الفعل المنسوب إلى المتهم سواء أكان تعاطياً أو متجارة، وتابع أن الجزاء يصل بالنسبة للمتعاطي إلى السجن لمدة (15) سنة، وقد يتراجع إلى الحبس لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات بحسب ما معروض والظروف المحيطة. مضيفا: اما اذا كان التعاطي في المعركة وأثناء مواجهة العدو فإن عقوبة المدان هنا السجن المؤبد. مبينا: أن العقوبة قد تصل إلى الاعدام بالنسبة لمن يتاجر بالمخدرات.

الاسم الحركي للكريستال

يتجول ميثاق في ازقة البتاوين واحدا تلو الآخر يسأل هذا ويتحدث مع ذاك، منهم من يرد عليه ومنهم من يتجنبه، حتى وجد ضالته بشاب اصطحبه الى احدى البنايات شبه الفارغة من جهة شارع السعدون، وبعد قرابة ربع ساعة خرج ميثاق بخطوات متسارعة نحو شارع السعدون فيما عاد الشاب الى شارع البتاوين الرئيسي ليسلم المال الى التاجر الرئيسي بعد ان اخبره بالاسم السري او (الحركي) للكريستال: النفط ، نسبة الى التجار الذين امتهنوا المتجارة به.

يقول الطبيب النفسي ضياء حسن: ما ان تنتهي جرعة الكريستال حتى يبحث المدمن عن جرعة جديدة تعيد له الطاقة الجسدية الكبيرة، والشعور بالثقة، والفخر بالنفس، وهوس العظمة. مبينا: ان الشعور بالاضطهاد  يدفع به الى الرغبة بالجرائم وبشكل خاص الاغتصاب بسبب الطاقة الجنسية الكبيرة التي يولدها الكريستال. موضحا: ان المدمن يسمع أصواتا غريبة وغير موجودة ،مثلما يشعر بأن هناك حشرات تتحرك تحت جلده ، ما يجعله يخدش جسده بقوة. لافتا الى: ان تلك علامات نهاية مفعول الجرعة. 

الأحياء المكتظة..البيئة الأفضل

من جانبه، رأى نائب المدعي العام في قضايا المخدرات القاضي فؤاد فاضل أن تعاطي المخدرات أصبح ظاهرة أخذت بالانتشار بين اوساط الشباب. مضيفا أن: اعداد الدعاوى في جانب الرصافة اخذت بالارتفاع ووصلت إلى العشرات خلال اليوم الواحد، متفقا مع القاضي المختص بأن الأحياء السكنية المكتظة بالمواطنين تعد البيئة الاكثر انتشاراً للمخدرات. فيما ذكر ان عدداً من العصابات تم القبض عليهم في (الكراجات) الرئيسة في بغداد كالنهضة والعلاوي كونها مكاناً لاستقبال المسافرين من مختلف المحافظات.

خلال ثلاثة أيام فقط .. وإلا 

وفيما يخص الصعوبات التي تواجه عمل الأجهزة المختصة ذكر نائب المدعي العام ان عدداً من الصعوبات تواجه عمل الأجهزة القضائية المكلفة بمتابعة هذا الملف اهمها اجراء التحليل الطبي للمتهمين وإرساله إلى المستشفيات لاقتفاء حقيقة التعاطي من عدمه. مشددا: أن عملية ارسال المتهم والحصول على نتيجة التحليل الطبي يجب أن تحصل خلال ثلاثة أيام؛ لأن انقضاءها قد يفضي إلى ضياع معالم الجريمة. مؤكدا: أن اهم اسباب تعاطي المخدرات وفقاً للدعاوى المعروضة تكمن في التفكك الأسري واصدقاء السوء والفقر والانحراف وحب الاستطلاع لدى المراهقين المقترن بعدم متابعة الاهالي لهم. 

تكثيف رقابة المنافذ الحدودية

وبيّن فاضل: أن المحاكم المختصة تفرّق في توجيه العقوبة بين من تعاطى المخدرات لأول مرة ومن أدمن عليها، كما أنها تفرّق بين متناولها وهو يعرف طبيعتها وآخرين قد يجهلون بأنها تترك مؤثرات عقلية لاسيما المصابين بأمراض تستوجب الحصول على ادوية معينة. محذرا من انتشار هذه الظاهرة في الاوساط الشبابية، خصوصاً وان بعض المدمنين يتورطون في وقت لاحق بعمليات ارهابية نتيجة للمؤثرات العقلية لأن المدمن تكون لديه رغبة في ارتكاب الجريمة. داعياً إلى: تكثيف رقابة المنافذ الحدودية لتقليل فرض دخول المخدرات إلى العراق.

اسطبل الخيول 

في الطوايل

فيما ذكرت وزارة الداخلية أنه تم إلقاء القبض على مجموعة "إجرامية" تقودها امرأة لترويج المخدرات في منطقة أبو غريب غربي بغداد. وقال الناطق باسم وزارة الداخلية، العميد سعد معن، إن معلومات وردت عن وجود مجموعة إجرامية تقوم بترويج المخدرات والحبوب المخدرة في بغداد والمحافظات وتشغل أحد إسطبلات الخيول في منطقة الطوايل في منطقة أبوغريب لتقوم بجرائمها، وتقود هذه المجموعة امرأة. ووفقا للبيان فإن المديرية العامة لمكافحة الجريمة المنظمة قامت بوضع المجموعة تحت المراقبة طيلة فترة شهر كامل وبعد أن تجمعت خيوط المجموعة "الإجرامية" نفذت مداهمة لوكر المجموعة ضمن المنطقة وبعد مصادمة بالأسلحة الخفيفة تم القبض على المجموعه وتتألف من 6 أشخاص (أنثى مع خمسة ذكور )، وتم ضبط أكياس من مادة الكرستال وحبوب مخدرة متنوعة و"حشيشة".

المدى