ريبورتاج: التجاوزات والأزمات تفقد شارع فلسطين أناقته

 المدى

حتى وقت قريب كان من اجمل شوارع ومناطق بغداد السكنية والتجارية، اذ تتميز احياؤه بسعة مساحة الدور والحدائق الزاهية التي كانتت تتقدمها وتحيط بها، كذلك الحدائق العامة والجزرات الوسطية التي كانت مضرباً للأمثال في جماله وأناقته، حتى المحال والأسواق التجارية التي يقصدها المتبضعون من شتى انحاء ومناطق بغداد. إلا أن كل ذلك بات من الماضي الجميل، فالتجاوزات زحفت الى الشارع وخربت أناقته وعبثت بجمال حدائقه.

قد تكون التجاوزات على ارصفة الشارع بداية لفتح باب الاختراقات، فعلى جهتي الشارع ثمة مئات البسطيات والعربات الثابتة والجوالة. ميثاق كريم ،صاحب بسيطة لبيع الملابس الرجالية، أوضح ان الوضع الاقتصادي اجبره على هذا العمل، موضحا: انه خريج كلية التربية 2013 ولم يحصل على فرصة تعيين ملائمة، منوها الى: انه يحاول قدر الامكان ان لايضايق حركة السير في الشارع المعروف بحركته التجارية الكثيفة.

ولكن رغم كل محاولات ميثاق بعدم مضايقة الناس، إلا أن الحاجّة ام سعد شكت وامتعضت كثيرا من تزايد البسطيات والعربات وصعوبة حركة السير خاصة وقت المغرب، لافتة الى :ان شارع فلسطين فقد الكثير من خصائصه وتحول الى منطقة اشبه بالشعبية بسبب التجاوزات وازمة السكن التي قسمت بيوته الواسعة. مشددة على: ضرورة تخصيص ساحة للباعة الجوالين والبسيطات من اجل انسيابية حركة السير.

إلا أن محسن راهي ،صاحب مكتب دلالية، يوضح ان ازمة السكن اثرت كثيرا على بيوت شارع فلسطين وقسمت الكثير منها الى مشتملات مثلما حولت حدائق بيوت اخرى الى شقق واسواق ومحال تجارية. مشيرا الى: ان الحلول الحكومية بهذا الشأن ترقيعية ولاترتقي الى حساسية المشكلة. موضحا: ان زيادة عدد الدور والمشتملات ترك اثره السلبي على جانب الخدمات وبشكل خاص الماء والكهرباء والمجاري.

بالقرب من مكتب الدلالية، يقف ابو حسام الممتعض من طفح المجاري في جهة الشارع المقابلة، الامر الذي اجبره على استئجار تاكسي لمشوار عمل حيث ذكر: للأسف كل يوم يفقد الشارع بعضاً من رونقه وجماله. مضيفا: ان الحال في السنين الثلاث الاخيرة وصل الى مرحلة الانفجار دون ان تتخذ الجهات المعنية اي اجراء. متابعا: سواء أكان ذلك في جانب الخدمات المتردية او التجاوزات التي حولت الشارع الرئيسي الى سوق هرج ،حسب وصفه.

ولفت الموظف المتقاعد مهدي حسين (ابو حسام) الى ان فوضى السكن التي جزّأت البيوت الى مشتملات صغيرة ارهقت الخدمات المقدمة في الحي. مشيرا الى: ان احد البيوت القديمة الذي اشتراه مقاول من منطقة اخرى وهدمه وهو الآن بطور تقسيم البيت الى اربعة مشتملات، خاتما حديثه: لك ان تتصور كيف سيكون الحال في بيت يتحوا الى اربعة مشتملات تضم اربعة عوائل وربما اكثر.

الأمر لايتوقف عند هذا الحد من التجاوزات بل يتعداه، فحال شارع المشاتل يرثى له بسبب التجاوزات وتحول الكثير من منها الى مقاهٍ وكوفي شوبات تثير استفزاز الأهالي الذين قدموا العديد من الشكاوى ،حسب قول المدرس فاضل حسن الذي اشار الى هذا الموضوع ولفت الى مشكلة القمامة وتركها في بعض الأزقة. منوها الى: طفح المجاري المستمر رغم الشكاوى المقدمة من قبل اهالي الشارع لأجل تنظيم حملة قبل موسم الأمطار.

بقي ان نذكر ان الكثير من أزقة الشارع تحولت الى أحياء صناعية تضم ورش تصليح السيارات ومحال حدادة ونجارة وسباكة تسبب الفوضى والأرق للساكنين بالقرب منها، مثلما تعاني المدارس من الدوام الثنائي والثلاثي ومحيط بعضها الذي تم الاستيلاء عليه من قبل بعض المتحاوزين ... عسى ان تلتفت الجهات المعنية للشارع وتعيد شيئاً من أناقته وجماله.