العمود الثامن السعادة على مقياس محمود الحسن علي حسين
نشر موقع" هافينغتون بوست" الأميركي تقريراً عن مملكة الدانمارك، باعتبارها أسعد بلد في العالم لعام 2016، ، كما أنها تُعدّ أقلّ الدول فساداً. نحن خارج هذه الحسابات فقد حصدنا المراكز الاولى في الفساد والبؤس ودرجات متأخرة في الفرح والسعادة ، لايهم فمثل هذه التقارير تضعها منظمات تتآمر على تجربتنا " الجهادية " ، لا نقرأ في الاخبار عن خطب المسؤولين في الدنمارك ولانعرف ان حجم اقتصاد ها يتجاوز اقتصاد دول الخليج مجتمعة.
من هو رئيس وزراء الدنمارك؟ أنا متأكد أنّ الكثيرين لا يعرفون هل هو امرأة أم رجل، إنه يا سادة " لارس لوك راسموسن " ، الرجل الذي يؤمن بأنّ الليبرالية ليست شعارات ترفع في ساحات التظاهرات ، ثم يذهب أصحابها مساء كل يوم إلى عشيرته ، وليست آيديولوجيا تُقرأ في الكتب، ولا حرب باردة بين واشنطن وموسكو، إنها عدالة اجتماعية ورقيّ إنساني ونزاهة وطمأنينة، هل تعرفون كم عدد العراقيين الذين يعيشون في ظل اشتراكية السيد راسموسن؟ تجاوزوا الثلاثين ألفا، لم تشملهم والحمد لله إنجازات دولة محمود الحسن " الإسلامية" .
قرأت الاستطلاع في الوقت الذي كنت أقرأ فيه تعميما حكومياً يمنع الموظف من الكتابة في مواقع التواصل الاجتماعي عن أولياء نعمته " الصالحين " و تساءلت: هل نحن مجتمع سعيد، كيف.. ؟ وحولنا مظاهر الحزن التي يحاول سياسيّونا إحياءها وتعميمها عبر ممارسات تعيد العراق إلى زمن العصور الوسطى ؟
سياسيون يفرضون من خلال عملهم كثيرا من الكآبة على الحياة الاجتماعية معززين ثقافة الظلام، يبددون الأمل ويحاصرون التفاؤل، يأمرون الناس بالكف عن ممارسة الفرح الذي لم يعد مهنة العراقيين بعد أن سادت مهن جديدة مثل العصابات والميليشيات وفرق الموت والعلاسة والحواسم وأمراء الحرب الطائفية والسياسيين المأجورين .وكل هؤلاء يتبارون في كيفية ذبح السعادة والفرح ووأدهما في مقبرة الظلام.
كم ضاع من زمن على هذا الشعب الذي يريدون له أن يظل بائسا خانعا خائفا ذليلا تحت أقدام الساسة، وأن يجرَّد من إرادته وخياراته.. كم ضاع من أعمارنا في ظل حكومة وبرلمان صوّرا للناس أنّ الفرح والسعادة، إنما هي خروج على سلطة الدِّين وإرادة "القائد المنقذ"، وأن الضحك والفرح "اختراع إمبريالي" بدليل أنّ العميل الأممي بان كي مون قرر أن يجعل للسعادة يوماً عالمياً ؟
يتشابه البؤس مع الخراب، وتختلف أرقام وأحجام خسائر الوطن والمواطن، فيما الناس تدفع ثمن ما تجمّع عليها من دراويش وروزخونيّة ارتدوا زيّ الساسة، خطفوا كلّ شيء، المال والقانون، والرفاهية، والأمل. تجمَّعوا وخرجوا في خطاب كريه، ففي اللحظة التي يخرج فيها العالم كل يوم إلى السعادة والعدالة الاجتماعية والمستقبل... يصرّ " مجاهدو العراق " على بناء سواتر تمنع الفرح عن الناس، ألم يحذّرنا عباس البياتي يوماً من معصية الاحتفال بعيد الحبّ، لأنه
بدعة وكل بدعة ضلالة؟
المدى |