خريجون يعانون الابتزاز المالي مقابل وظائف وهمية
لا تقتصر التجارة في العراق على التبادل التجاري فقط، فالحصول على درجة وظيفية تعد هي الأخرى تجارة مربحة كما يراها البعض لطرفي صفقة بطلها الفساد ويخسرها من لا يملك المال، فأمنية الحصول على وظيفة بعد مسيرة دراسية طويلة لم تعد تعتمد على الكفاءة الدراسية فحسب، بل على مقدار العمولة المالية أيضاً.
يقول المواطن ليث زهير ،وهو خريج كلية التربية بجامعة بغداد، ان "من المسلمات في بلادنا أن لا تعيين إلا مقابل مبلغ مالي باهظ لا تملكه الا العوائل الميسورة إلى حدٍ كبير جداً"، مضيفاً "لذا نرى أن كثيراً من الخريجين يمارسون اعمالاً حرة في سبيل إيجاد قوتهم اليومي خصوصاً بعد حالة التقشف التي نعاني منها".
ويضيف زهير لـ(المدى): "بدأنا نشعر بالعجز ،نحن الخريجين الجدد، جراء ما يجري وذلك كله بفعل سرقات اصحاب الرؤوس المتنفذة في السلطة"، مطالباً بـ"حل إنقاذي للقضاء على سرطان الفساد المستشري في دوائر الدولة".
أما المهندس حسين يعقوب فيؤكد لـ(المدى) أنه "يتنافس وأقرانه على الوظائف في الشركات الأهلية كونها تعطي مرتبات عالية، لذا ندفع المال في سبيل الحصول على الوظيفة في هذه الشركات"، مشيراً الى أن "الزملاء الآخرين حينما يخسرون المنافسة معنا في القطاع الأهلي يبحثون عن وظائف في القطاع الحكومي ويدفعون المال ايضاً في سبيلها لأن تعيين خريجي كلية الهندسة ليس مركزياً".
وتابع يعقوب أن "الكثير من الوظائف ايضاً تخضع لمقاولات الأحزاب السياسية، والكثير من زملائي اضطروا لأن يندمجوا في تلك الأحزاب من اجل الحصول على ضمان مستقبلي لهم مالياً"، مشيراً الى أن "الحزب المستحوذ على هذه الوزارة او تلك في حالة تعيينه لشخصٍ ما بالتالي سيضمن ولاءه وعائلته وأصواتهم في الانتخابات".
من جهته، أكد محمد ضياء وهو خريج المعهد التقني لـ(المدى): "سعيت للحصول على وظيفة فني طيران في القوة الجوية عندما أعلنت وزارة الدفاع حاجتها لموظفين بحسب الاختصاص عبر موقعها الالكتروني"، مبيناً أنه "عمل على التقديم عبر الموقع ولكن دون جدوى".
وتابع ضياء "أحد الأشخاص المعنيين في الوزارة أكد لي إمكانية الحصول على وظيفة مقابل 2500دولار وطالبني بالانتظار لمدة عشرة ايام حتى يصدر لي الأمر الإداري ليتم زجي في إحدى الدورات التأهيلية للوزارة"، مبيناً أنه "منذ عام ينتظر أمر التعيين وكلما أحاول الإتصال بالمعني يؤكد لي أن الأمر ليس بيده أنما بيد ضباط مسؤولين أعلى منه، لتذهب أموالي في جيوب مقاولي الوظائف".
وفي دائرة تربية الرصافة الثانية رصدت محليات (المدى) المواطن علاء سعد وهو يسعى لتقديم أوراقه الرسمية لنيل وظيفة من الوظائف التي أطلقتها وزارة التربية مؤخراً.
وقال سعد أن "وزارة التربية كل مرة تطلق تعيينات وأذهب لتقديم أوراقي الرسمية ولكن دائماً ما اُصاب بالخيبة حينما أكون خارج النتائج النهائية"، مبيناً "ذات يوم فكرت بشراء وظيفة لكن السعر كان عالياً حيث بلغ لوظيفة المدرس، 9000 دولار أمريكي"، مضيفاً " لو كان لدي مثل هكذا مبلغ لفتحت مشروعاً بدلاً من هذه الذلة".
و أكد سعد أن "تأثيرات بعض النواب في استحصال أوامر التعيين لفئات محدودة ساهم بشكل فعال في تطبيق سرقة احلامنا إذا ما علمنا أن الحصول على الوظيفة هو حلم مطلق بالنسبة للخريجين".
وكانت وزارة التربية أعلنت ،أول أمس الأحد، عن اطلاق 838 درجة وظيفية لتربية الرصافة الثالثة في العاصمة بغداد.
وقالت الوزارة في بيان صحفي إن "وزير التربية محمد اقبال الصيدلي وافق على إطلاق (838) درجة وظيفية ضمن حصة تربية الرصافة الثالثة”، مبينة ان "إطلاق التعيينات يأتي من اجل سد النقص الحاصل في المدارس".
المدى |