تركيا تهدد بعملية برية في العراق وضرب حلفاء واشنطن في منبج وتتهم أمريكا بدعم الإرهاب
في تصعيد غير مسبوق، هددت تركيا بالقيام بعملية برية في العراق في حال حصول أي تهديد إرهابي مباشر لبلادها، كما توعدت بضرب الوحدات الكردية ـ المدعومة من قبل الإدارة الأمريكية ـ في مدينة منبج السورية، وذلك بالتزامن مع اتهام إدارة أوباما بدعم الإرهاب بسبب دعم وحدات حماية الشعب الكردية، والمماطلة في تسليم فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير وقيادة محاولة الانقلاب الفاشلة في منتصف تموز/ يوليو الماضي.
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أكد أن بلاده لن تتردد في القيام بعملية عسكرية في شمال العراق في حال حصول تهديد إرهابي مباشر على الأراضي التركية، بما في ذلك العملية البرية، في تهديد هو الأشد منذ نشوء الأزمة بين تركيا والعراق حول مشاركة الجيش التركي في عملية استعادة الموصل من تنظيم «الدولة».
وقال الوزير في لقاء تلفزيوني على إحدى الفضائيات التركية أمس الثلاثاء: «في حال نشوء تهديد ضد تركيا سنستخدم جميع إمكاناتنا بما فيها إطلاق عملية برية»، واعتبر أن ذلك يمثل «أبسط الحقوق الطبيعية لتركيا»، التي تتهم حكومة بغداد بعدم القدرة على وقف التهديدات الإرهابية التي تواجهها تركيا انطلاقاً من الأراضي العراقية.
جاويش أوغلو الذي أعاد التذكير بعملية «درع الفرات» التي ينفذها الجيش التركي في سوريا، أشار إلى أن بلاده على استعداد لشن عملية مماثلة في العراق، قائلاً: «إذا اشتد خطر تنظيم الدولة سواء في سنجار أو في مناطق أخرى (من العراق)، عندها سنستخدم كل قوتنا للقضاء عليه».
وعلى الرغم من الرفض المتكرر للحكومة العراقية، تقول تركيا إن الآلاف من الحشد العشائري الذين دربتهم تركيا يشاركون في عملية الموصل، كما تشارك عدد من الطائرات الحربية إلى جانب طائرات التحالف، وقال الجيش التركي إن مدفعيته قدمت دعماً نارياً لقوات البيشمركه التي هاجمت مواقع الدولة في بعشيقة قرب الموصل.
وحسب أنقرة فإن أبرز التهديدات الإرهابية التي تواجه بلادها من العراق تتمثل في استخدام «العمال الكردستاني» لمناطق في إقليم الشمال كمواقع عسكرية خلفية له، وتخشى أن يسيطر التنظيم على مواقع جديدة خاصة في سنجار، بالإضافة إلى خشيتها من أن يفر عدد من عناصر تنظيم الدولة إلى أراضيها ضمن عشرات أو مئات آلاف النازحين الذين توقع تركيا وصولهم إلى أراضيها من الموصل.
وفي هجوم جديد على السياسية الأمريكية في سوريا، قال جاويش أوغلو: «أبلغنا الولايات المتحدة أكثر من مرة أن تعاونها مع «ب ي د» يعني دعماً للإرهاب»، وهدد بأنه في حال لم تخرج الوحدات الكردية من مدينة منبج (شمالي سوريا) «فإننا نعرف كيف نخرجهم بوسائلنا وقلنا ذلك للأمريكيين».
وتساءل الوزير التركي: «لماذا لا تفي الولايات المتحدة بتعهداتها؟»، وقال: «على رئيس الدولة أن يفي بوعده، كما أن على وزير خارجيتها أن يلتزم بوعوده»، وأضاف: «هل تحاولون خلق مجال لمنظمة إرهابية، هل تحاولون إقامة دولة إرهابية أو إقليمًا إرهابيًا، وضحوا لنا ذلك.. إذا كانت منظمة إرهابية صديقة لكم، فإننا سنصفكم بدولة تدعم الإرهاب».
وسيطرت قوات سوريا الديمقراطية في 12 آب/ أغسطس الماضي على مدينة «منبج» بعد انسحاب تنظيم «الدولة» منها، وتعهدت الولايات المتحدة لتركيا بخروج القوات الكردية من المدينة عقب طرد «الدولة» منها، إلا أن ذلك لم يتم إلى اليوم، وتهدد تركيا بتوسيع عملية «درع الفرات» لتشمل مدينة منبج.
وخلال الأيام الأخيرة أعلن الجيش التركي أنه استهدف الوحدات الكردية في شمالي سوريا بمئات الضربات المدفعية والجوية بعد أن حاولت هذه الوحدات التوسع على حساب المناطق الذي سيطر عليها الجيش الحر المدعوم من تركيا، وقالت رئاسة الأركان التركية إنها قتلت المئات من العناصر الذي تقول إنهم امتداد لحزب العمال الكردستاني الإرهابي.
في سياق آخر، اعتبر وزير العدل التركي، باكير بوزداغ، أن فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بقيادة محاولة الانقلاب يمثل لتركيا ما يمثله أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة لأمريكا، على حد وصفه.
وقال في تصريحات صحافية قبيل توجهه إلى واشنطن لبحث قضية تسليم غولن إلى تركيا: «فتح الله غولن بالنسبة لنا مثل أسامة بن لادن بالنسبة لأمريكا»، مضيفاً: «طالبنا أمريكا أكثر من مرة بتوقيف غولن مؤقتاً تحسباً لهروبه إلى أي دولة أخرى»، مؤكداً على أن «إصرار واشنطن على عدم تسليم غولن سيؤثر بالسلب على العلاقات بيننا».
وحسب وكالة الأناضول، يعتزم بوزداغ تقديم أدلة جديدة للسلطات الأمريكية من أجل إعادة فتح الله غولن، إلى تركيا حيث من المقرر أن يبحث مسألة إعادة غولن مع نظيرته الأمريكية «لوريتا لينش» مساء الأربعاء.
وأوضحت الوكالة أن الوزير التركي سيقدم خلال لقائه لينش معلومات بخصوص أربعة ملفات أرسلتها تركيا سابقاً للولايات المتحدة من أجل إعادة غولن، وذكرت أن بوزداغ سينقل للجانب الأمريكي معلومات ووثائق جديدة في إطار التحقيقات المرتبطة بالملفات الأربعة.
ولفتت المصادر إلى أن بوزداغ سيطلع نظيرته الأمريكية على وثائق ومعلومات متعلقة بتزعم وقيادة غولن لمحاولة الانقلاب الفاشلة منتصف تموز/ يوليو الماضي في تركيا، إضافة إلى إنه سيطرح مجددًا طلب تركيا اعتقال غولن بشكل مؤقت، الذي تقدمت به في 10 أيلول/ سبتمبر الفائت.
وفي سياق متصل، رصدت وزارة الداخلية التركية مكافأة مالية قدرها 4 مليون ليرة تركية (1.3 مليون دولار) لمن يدلي بمعلومات تفيد في القبض على «عادل أوكسوز» الذي تقول إنه أحد قيادات «تنظيم غولن الإرهابي»، والمعروف باسم «إمام القوات الجوية».
وكانت قوات الأمن التركية قد ألقت القبض على أكسوز بالقرب من قاعدة أقينجي الجوية التي استخدمت كمقر لقيادة المحاولة الانقلابية الفاشلة منتصف تموز/ يوليو الماضي. وأخلي سبيله بعدها بساعات بقرار من أحد القضاة المنتمين للتنظيم، تم توقيفه لاحقاً.
كما رصدت الداخلية التركية مكافآت مالية لمن يدلي بمعلومات عن مطلوبين هاربين متهم بالمشاركة في محاولة الانقلاب منهم المدعي العام السابق «زكريا أوز» ورجل الأعمال الهارب «أقين إيبك» المتهم بتمويل التنظيم. إذ رصدت الداخلية مكافأة قدرها 750 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تفيد بالقبض على أي منهما، كما أضافت الداخلية 37 اسماً جديداً على لائحة «الإرهابيين الفارين والمطلوبين للعدالة»، من أتباع غولن.
القدس العربي |