يشطرها الفرات شطرين... لكنها دون جسور..الرمادي بعد التحرير.. انتظار وعود الإعمار والتأهيل

محمود خماس، رب عائلة متكونة من ثمانية افراد، جمعهم في سيارة واحدة مع بعض الحاجيات الضرورية التي يحتاجونها في رحلة الخلاص، حيث استقر بهم المطاف في قضاء شقلاوة / اربيل. ورغم جمال المكان الا ان محمودا وعائلته بقيت عيونهم تربو صوب بيتهم الذي شيدوه قبل فترة قليلة. وهاهي مدينتهم تحرر وتعود للوطن ويعودون اليها، لكنهم هذه المرة يبحثون عن سكن (للايجار) بعد ان نال بيتهم حصته من التدمير جراء العمليات العسكرية ضد داعش الارهابي. لكن ذلك لم يمنع محموداً وعائلته من اعلانهم الفرحة بتحرير مدينتهم وعودتها.

حين تختلط أنقاض البيوت

لم تكن الورود باستقبال اهلها من ويلات عاشوها في المخيمات ومرارة التهجير من جوع وخوف في اصعب الظروف الى عودة الى الديار مستبشرين خيرا بعد الوعود التي سمعوها من المسؤولين في الحكومتين المركزية والمحلية بعد ان تحولت المدينة الى ركام. 

مروان حامد الأنباري ،احد المواطنين الذين يسكنون حي البكر في مدينة الرمادي، يوضح بحديثه لـ(المدى) صدمته عندما وقف امام بيته، اذ لم يستوعب حجم الدمار وبشاعة المشهد بعد ان اختلط ركام البيوت مع بعضه. مردفا: لم اكن اتوقع ان يصل الخراب الى هذا الحجم فقد اختلطت انقاض البيوت مع بعضها ولم يكن بمقدور احد منا تمييز بيته وأثاثه.

واسترسل الأنباري: بعد مرارة التهجير التي كنا نعانيها في المخيمات فرحنا بتحرير المحافظة وكنا نستبشر خيرا في مدينتنا ان لا يطالها الدمار. موضحا: وبعد كل الكلام والتصريحات التي تداولها الإعلام عن عدم المساس بالبنى التحتية والأملاك الخاصة في عملية التحرير، وجدنا ان كل ذلك مجرد كلام وخدعة تم تمريرها على الناس. مضيفا: فلم يقتصر الأمر على البيوت بل وصل الى الدوائر والمستشفيات والمدارس والمعامل والجامعات. مشددا: ان الانبار دفعت ضريبة الساسة والمسؤولين المحليين لما حصل فيها من دمار شامل لم يكن يتوقعه احد. 

الأرض المحروقه ودمار المدن 

يبدو ان استخدام سياسة الارض المحروقه في الحرب ضد داعش اثر كثيرا على مدن الأنبار بشكل عام والرمادي بشكل خاص. هذا ماجعل الكثيرين يتساءلون: ألم يكن بالإمكان استعادة المدينة بحجم دمار أقل بدلا من سياسة الأرض المحروقة؟ ويتكرر السؤال في ظل ما ترتب على ذلك من آثار وانعكاسات وأثمان دفعها أهالي المدينة وسيدفعونها بالضرورة وربما لأجيال مقبلة. المواطن الانباري ،عواد كاظم، ذكر في حديثه لـ(المدى): ان المدينة التي ترقد على ضفتي نهر الفرات باتت بلا جسور ولا مدارس ولا دوائر خدمية، حيث يصعب على من تبقى من أهلها أو من عاد منهم أو من سيعودون يوما ما أن يستأنفوا حياتهم كما تعودوا. مضيفا: ان أحياء سكنية بأكملها تحولت الى ركام، ولم تعد مؤهلة لاستقبال سكانها الذين اضطروا أو أرغموا على مغادرتها. 

واضاف جواد: عاد الآلاف من سكان الرمادي لكنهم فوجئوا بالأوضاع المزرية، الأمر الذي جعل من تبقى في المخيمات او مدن النزوح يفكر بعدم العودة في الوقت الحاضر. مردفا: خاصة بعد اعلان الحكومة المركزية أنها لا تملك الأموال الكافية، سواء لإعمار المدينة أو لتعويض أهلها، وهو ما يعني استمرار الحال على ما هو عليه، وبقاء الرمادي مدينة غير قابلة للعيش ولو في الوقت الحاضر.

90 % من المداس والمنشآت الحكومية مدمرة 

حال المنشآت العامة من مستشفيات ومدارس وجامعات ومرافق حكومية ليس أفضل من حال المنازل، فالمدينة غدت بلا مرافق تقريبا. حيث اكدت عضو مجلس محافظة الأنبار ابتسام محمد الدرب في حديث لـ(المدى) ان (90%) من مناطق الرمادي دمرت بالكامل اثناء العمليات العسكرية حيث لا توجد مقومات للحياة. منوهة الى: ان العديد من الأحياء السكنية دمر بنسبة بلغت 100% . مضيقة: كما شمل التدمير البنى التحتية من مدارس ومستشفيات ودوائر حكومية. 

وبشان واقع التعليم وكيفية استيعاب الطلاب بينت النائبة الدرب: ان اعضاء مجلس محافظة الانبار بالكامل صوتوا على شراء 400 كرفان لتربية الانبار في محاولة لتعوض الطلاب عن المدارس. مردفة: ان هذا حل مؤقت لحين إعادة تأهيل وبناء المدارس التي دمرت. مستدركة: ورغم صدر القرار منذ فترة طويلة إلا أن المحافظة عاجرة عن نقل تلك الكرفانات من منطقة الرحالية الى الرمادي وضواحيها. مسترسلة: ان هنالك عدة اجتماعات عقدت مع ممثلين عن وزارة التربيه والوزير لكنها لحد هذه اللحظة دون جدوى في حل مشكلة المدارس ..

الرمادي مؤمّنة بالكامل 

شهدت مدينة الرمادي دماراً كبيراً نتيجة معركة التحرير ما أدى إلى تخريب ٨٠% من البنية التحتية وأكثر من ٣٠٠٠ بيت و٥٨ مسجدا و٨٥ مدرسة حسب المصادر الحكومية والمبلغ المطلوب لإصلاح هذه الأضرار يبلغ نحو ٥ مليارات ونصف المليار دولار حسب ما أعلنت هيئة الأمم المتحدة. ولكن السبب المباشر لتدمير المدينة هو القصف الذي نفذه طيران التحالف اذ بلغ ٢٥٠٠ ضربة جوية ٧٠٠ منها كانت لطيران الجيش العراقي حسب بعض المصادر التابعة لوزارة الدفاع الامريكية ووزارة الدفاع العراقية وعلى لسان وزير الدفاع الامريكي ستيف ورن...

الشباب والرياضة الأكثـر نشاطاً رغم الدمار 

بعد العودة التي شهدتها محافظة الانبار كان لوزارة الشباب والرياضة دور فعال في تفعيل الجانب الرياضي، فسرعان ما بدأت البطولات الرياضية رغم دمار العدد الأكبر من ملاعبها من بينها اكبر ملعب بالانبار (ملعب الرمادي الكبير) الذي فجره تنظيم داعش الارهابي. د.مجهد فهد الدليمي مدير عام الشباب والرياضة في الانبار ذكر بحديثه لـ(المدى) ان مديرية الشباب والرياضه في الانبار كانت من اولى الدوائر التي عادت الى مركز محافظة الانبار وبدات نشاطها رغم الكثير من المعوقات التي واجهتها. متابعا: من اليوم الاول للعودة اعلن عن انطلاق البطولات الرياضية والدورات التدريبية في خطوة اولى لاعادة دورة الحياه واستمرارها. مضيفا: ان هنالك خطة افتتاح مدارس تخصصية للكثير من الالعاب بالمحافظة.

خمس سنوات لإعمار الرمادي

في بيان للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أنه في الرمادي لاتزال هناك مناطق غير آمنة وتنتشر عبوات ناسفة إضافة إلى الدمار الكبير في المباني العامة والمنازل والدمار الذي تعرضت له خدمات الماء والكهرباء. وشدد البيان على ضرورة التأكد من الظروف من أجل ضمان العودة لأهالي المدينة. عن ذلك، قال قائممقام الرمادي إبراهيم العوسج أن دمارا كبيرا لحق بمدينة الرمادي جراء العمليات الإرهابية والعسكرية والتي أدت حسب التقديرات الأولية، إلى تدمير أكثر من 3000 وحدة سكنية بشكل كامل كما تعرضت آلاف الوحدات السكنية إلى أضرار متفاوتة بسبب العمليات ذاتها. مضيفا: إن جميع المشاريع، من ماء وكهرباء ومجارٍ وبنى تحتية وجسور ومبانٍ حكومية ومستشفيات ومدارس، دمرت بشكل كبير بسبب العمليات الإرهابية والمواجهات العسكرية. مبينا: أن الرمادي بحاجة إلى أكثر من أربعة مليارات دولار وأعمال تمتد لأكثر من خمس سنوات لإعادة إعمار ما خربته العمليات الإرهابية والمواجهات.

ألمانيا تعيد تأهيل 100 مدرسة

واسترسل العوسج إن منظمة المانية تعهدت بإعادة اعمار 100 مدرسة متضررة جراء العمليات العسكرية والارهابية في مدينة الرمادي، وهي منظمة المانية خيرية ضمن حملة اعادة اعمار البنى التحتية للأبنية المدرسية والتي اعلنت منظمات انسانية دولية اعادة اعمارها بالتزامن مع بدء العام الدراسي الجديد. مضيفا: أن نسبة الاضرار في الأبنية المدرسية جراء العمليات العسكرية في مدينة الرمادي تتراوح من 80 الى 85 % نتيجة قيام عناصر من عصابات داعش الاجرامية باتخاذ الأبنية المدرسية مكاناً لأوكار عناصره اثناء سيطرته على مناطق مختلفة من مدن الانبار. وأشار العوسج إلى أن العديد من المنظمات الانسانية التابعة للأمم المتحدة زارت مدينة الرمادي واطلعت على نسبة الدمار الذي لحق بالبنى التحتية ومنازل المدنيين. موضحا ان العقد مع المنظمة الالمانية ابرم بحضور عدد من ممثلي المنظمة والجهات المعنية في مدينة الرمادي.

لامكان للشرطة في المدينة

لايمكن لحياة ان تستمر دون الخدمات خاصة الماء والكهرباء والمستشفيات، بهذا الشأن بين رئيس لجنة الخدمات في مجلس محافظة الأنبار راجع بركات العيساوي إن شبكات توزيع الماء والكهرباء والمجاري مدمرة بالكامل والطرق الداخلية والفرعية مدمرة كذلك جراء المواجهات والقصف الجوي. مشيرا إلى :قيام التنظيم بتفجير جميع مقرات الشرطة والدوائر الحكومية وجميع الجسور وشبكات الاتصالات وشبكات توزيع الكهرباء والماء. داعيا: الأمم المتحدة والدول المانحة والدول العربية لمد يد العون لإعادة إعمار الرمادي للإسراع بعودة أهلها.

تدمير المدارس بنسبة (80%)

مدير عام تربية الانبار نافع حسين الدليمي، اعلن عن المباشرة بإعادة تأهيل واعمار (60) مدرسة متضررة جراء العمليات العسكرية والإرهابية في مدينة الرمادي. ضمن حملة اعادة اعمار البنى التحتية للابنية المدرسية بالتزامن مع عودة العوائل النازحة الى مناطق سكناها. موضحا: ان نسبة الاضرار في الأبنية المدرسية جراء العمليات العسكرية في مدينة الرمادي تتراوح من 80 الى 85 % نتيجة اتخاذها من قبل عناصر داعش الاجرامية اوكاراً لعناصرهم.

واشار الدليمي إلى أن عملية تأهيل الابنية المدرسية تأتي ضمن خطة اعدتها وزارة التربية بالتعاون مع مديرية تربية الانبار والجهات المعنية في المحافظة تقضي بالاسراع بعملية اعادة اعمارها بعد عودة الاف العوائل النازحة الى مناطق سكناها في مدينة الرمادي والمناطق المحيطة بها.

مدينة مقطعة الأوصال

تعد الجسور أبرز البنى التحتية التي لحقها الدمار في محافظة الأنبار، الأمر الذي تسبب بتعطيل حياة السكان فهي تربط مدنهم بالمناطق والقرى المحيطة بها. وبحسب مسؤولين عراقيين، فإن 85 جسراً في الأنبار تعرض للدمار نتيجة تفجيرها من قبل التنظيم الإرهابي او نتيجة المعارك والضربات الجوية.

وقال مدير الطرق والجسور بمحافظة الأنبار مهدي عبد فرحان في حديث صحفي سابق إن أكثر من 85 جسرا في الأنبار مدمر، قسم منها يستخدم لعبور الأنهار والقسم الآخر للوديان. مضيفا: أن تلك الجسور دمرت نتيجة العمليات العسكرية وقسم منها فجرها التنظيم. مستطردا: أن محافظة الأنبار تحتاج إلى مبالغ كبيرة لإعادة بناء وتأهيل الجسور، تقدر بـ 175 مليون دولار، إضافة إلى أنها بحاجة إلى وقت ربما يستغرق خمسة أعوام متواصلة إذا توفرت الأموال اللازمة لذلك. مشيرا الى: أن مديرية طرق وجسور الأنبار، تمكنت من تأهيل جسري "القاسم" و"البوعيثة" في مدينة الرمادي وباشرت في إعادة تأهيل جسر "الحوز" بالمدينة، وجسر "الفلوجة الكونكريتي الجديد" في مدينة الفلوجة.

المدى