إيران تفاقم أزمة العراق الاقتصادية باستقطابها الأموال المحلية
يواجه العراق أزمة مالية بسبب تراجع أسعار النفط أهم مورد مالي للبلاد وارتفاع تكاليف الحرب على الدولة الاسلامية، إلا أن الأزمة آخذة في التفاقم مع نجاح المصارف الايرانية في استقطاب الأموال العراقية وجذب الاستثمارات المحلية.
والظاهرة بحسب تقرير عراقي، بدأت تتسع من خلال منح المصارف الايرانية تسهيلات وفوائد مغرية تمنح لرؤوس الأموال العراقية التي تواجه في الداخل مناخا من عدم الثقة استغله رجال دين وفصائل مسلحة من الشيعة العراقيين لتشجيع رأس المال المحلي على الهجرة الى إيران.
وقد طالبت اللجنة المالية في مجلس النواب بـ"إعادة النظر" بعمل المصارف العراقية والسياسة المصرفية، بينما اعتبر مختصون أن هذه الظاهرة تشكل تهديدا للاقتصاد العراقي المتعثر.
ونشر موقع 'صوت العراق' العراقي الأحد شهادات لمواطنين عراقيين قرروا الانتقال للعيش في ايران واستثمار أموالهم هناك.
ونقل عن مواطن من مدينة الصدر يدعى عدنان كاظم قوله إنه قرر بيع منزله والانتقال للعيش في ايران واستثماره أمواله هناك، مستفيدا من اغراءات المصارف الايرانية.
واضاف أنه باع منزله بنحو 176 ألف دولار، استثمر منها 120 ألف دولار في أحد المصارف الايرانية، حيث يمنح 100 دولار شهريا عن كل 10 آلاف دولار، مشيرا ايضا إلى أن المصارف الايرانية أكثر امنا وثقة من نظيراتها في العراق كما أن الحياة في ايران أقل كلفة وأن 320 دولارا شهريا تكفيه واسرته التي انتقلت معه للعيش في مدينة مشهد الايرانية.
ونقل الموقع العراقي عن مواطن آخر يدعى قرر حسين عباس وهو من أهالي مدينة الصدر أيضا، قوله إنه استثمر 10 آلاف دولار في أحد المصارف الايرانية، مؤكدا أن "قادة الفصائل الشيعية المسلحة هم أول من بادروا باستثمار أموالهم في ايران".
وقال إن مئات المواطنين بادروا ايضا بالاستثمار هناك بعد فتوى من رجال الدين.
وبرر قراره وقرار المئات من أمثاله بأن "المصارف الايرانية تمنح تسهيلات أكثر للمستثمر الأجنبي من دون تعقيدات أو شروط معرقلة".
فتاوى تبيح الفوائد الايرانية
وتابع أن "فتاوى رجال الدين بعدم وجود أي إشكال شرعي بالفوائد التي تعطيها المصارف الإيرانية على اعتبار أن إيران دولة إسلامية لا تتعامل بالربا، مهدت الطريق للاستثمار في تلك المصارف".
وأشار أيضا الى أن "المصارف الايرانية تعد أكثر أمنا وأكثر ثقة من العراقية التي بدأت تعلن إفلاسها بعد أن ضيعت أموال المودعين، من دون أن يحرك البنك المركزي وباقي الجهات المعنية ساكنا".
وقال الخبير المصرفي العراقي عبدالحسن الزيادي إن "فقدان الثقة" بالمصارف العراقية اضطر أصحاب الأموال الى السعي لاستثمارها في الخارج.
وحذر من أن هذه الظاهرة الآخذة في توسع تشكل خطرا على الاقتصاد العراقي، داعيا لوضع حلول سريعة لإعادة الثقة بالمصارف الوطنية وتفعيل القطاع المالي والمصرفي للقضاء على الربا وغسيل الأموال والتحايل.
ويقول الزيادي إن "عدة أسباب أدت إلى خروج رؤوس الأموال العراقية إلى دول الجوار، كإيران، منها أن نشاط القطاع المصرفي العراقي الخاص أصبح شبه معدوم من حيث الفائدة والاستثمار".
وقال "العراقيون باتوا لا يثقون بالمصارف الخاصة ما اضطرهم لتشغيل أموالهم في دول أخرى. المصارف الإيرانية تمنح فوائد نسبتها أكثر من 15 بالمئة لاستقطاب المستثمرين وأصحاب الأموال، مما شجع الكثير من العراقيين على بيع ممتلكاتهم وتحويل أموالهم إليها".
وأضاف أن السبب ذاته دفع العراقيين لاستثمار أموالهم في الأردن بسبب استقراره المالي والأمني وما يمنحه من تسهيلات ومزايا".
وقال "المصارف العراقية كانت في السابق تستقطب الكثير من المواطنين، لكنها فقدت ثقتهم بسبب طبيعة عملها".
وعزا المصدر ذاته "صعوبة استرجاع المواطن العراقي أمواله من المصارف الإيرانية، كونها لن تسمح بذلك كما لن تسمح به أي دولة أخرى لأن إخراج تلك الأموال يعني انهيارها"، موضحا أن "إخراج الأموال من العراق أمر سهل لكن إعادتها إليه سيكون بالغ الصعوبة".
وطالب الخبير المصرفي العراقي الجهات الحكومية بضرورة "ملاحقة ومحاسبة كل من يروج لاستثمار الأموال في المصارف الإيرانية أو أي دولة أخرى"، مشددا على ضرورة "وضع حلول سريعة لتفادي أي خطر يهدد الاقتصاد العراقي نتيجة انتشار تلك الظاهرة السيئة ومكافحتها"، بحسب الموقع الاخباري العراقي.
ودعا أيضا إلى إعادة الثقة للمصارف العراقية وتشجيعها على منح فوائد مناسبة للمودعين وتفعيل القطاع المالي والمصرفي للقضاء على الربا وغسيل الأموال والتحايل".
فشل السياسات المصرفية العراقية
ورأت اللجنة المالية في مجلس النواب أن تفاقم الظاهرة يعود بالأساس الى "فشل" السياسات المصرفية العراقية"، محذرة من أن تلك الظاهرة ستكون لها تداعيات خطيرة على الاقتصاد العراقي.
وقالت ماجدة التميمي العضو باللجنة إن "فقدان الثقة بالمصارف العراقية بعد إفلاس العديد منها وعدم إعادتها أموال المودعين، اضطر الكثير من أصحاب الأموال إلى اللجوء للمصارف الايرانية".
وفي ما تتوسع ظاهرة استثمار رؤوس الأموال العراقية أموالهم في ايران ودول مجاورة، تضطر الحكومة العراقية للاقتراض من البنك الدولي.
وفي يوليو/تموز اتهم عدد من الخبراء العراقيين، المصارف المكلفة بمنح القروض الحكومية بـ"الالتفاف" على ضوابطها و"عرقلة" منحها.
وكان البنك المركزي العراقي قد أعلن في منتصف يوليو/تموز عن إمكانية تعويض المودعين من المواطنين في المصارف "الخاسرة" في حال عملت شركة "ضمان الودائع"، في حين برر مصرفيون تلكؤ المصارف الخاصة بـ"شح السيولة".
وأعلنت رابطة المصارف الخاصة في مارس/اذار أن العراق يعاني بالفعل من شح في السيولة بفعل تراجع الايرادات النفطية بعد موجة انخفاض الاسعار منذ يونيو/حزيران 2014، لكن اللجنة المالية بمجلس النواب العراقي نفت وجود شحّ في السيولة النقدية.
واشارت أيضا إلى أن الحكومة العراقية قادرة على دفع رواتب موظفي القطاع العام في ما تبقى من 2016.
ويعمل في العراق 54 مصرفا إلى جانب البنك المركزي، سبعة منها حكومية و23 تجارية خاصة من ضمنها 9 مصارف إسلامية و15 فرعا لمصارف أجنبية.
وكان رئيس مجلس النواب سليم الجبوري قد طالب في يونيو/حزيران بتشكيل محكمة مالية تكون قادرة على حسم المشاكل الخاصة بالمصارف والجهات المعنية. كما دعا إلى تعديل قانون المصارف الخاصة بما يتلاءم مع تطورات المرحلة.
|