سكان بغداد يصنعون أفراحهم الصغيرة في النوادي العائلية بعد الإفطار
في محاولة للفرار من المعاناة اليومية وصعوبات الحياة القاسية يبحث أهالي العاصمة العراقية في ليالي رمضان عن لحظات من الراحة والمتعة والأمل من خلال التوجه بعد الإفطار إلى النوادي العائلية ومراكز التسوق (المولات). وتشهد النوادي الاجتماعية المعدودة في بغداد، بعد وقت الإفطار، إقبالا كبيرا لموجات من العائلات الفارة من أخبار المعارك والانفجارات والحرارة التي وصلت إلى 50 درجة في النهار. وخلال جولة لـ»القدس العربي» في بعض تلك النوادي و»المولات» التقت خلالها مع عائلات بغدادية قال عمار السعدي، من وزارة التربية، إنه يستغل فترة العطلة الدراسية الصيفية، التي بدأت الآن، فجاء بعائلته إلى نادي اليرموك غرب بغداد لتناول طعام الإفطار والبقاء في النادي حتى بعد منتصف الليل. وأكد السعدي ان حرارة الجو هذه الأيام التي تجاوزت 50 درجة وعدم انتظام الكهرباء في البيوت جعلهم يبحثون عن مكان يستطيعون فيه تناول الإفطار في أجواء مكيفة وسط بعض الفعاليات البسيطة لتغيير مزاج العائلة المتعكر بسماع أخبار الحروب والتفجيرات ومشاهدة معاناة النازحين على شاشات التلفزيون العراقية. من ناحيته قال قاسم عبد، الموظف في نادي اليرموك، إنه رغم ظروف البلد الأمنية إلا أن هناك اقبالا واسعا للعائلات البغدادية خلال شهر رمضان على المجيء إلى النادي الذي يقوم بتقديم برامج ترفيهية منوعة لتشجيع العائلات للحضور إليه وقضاء بعض الوقت بعيدا عن أجواء الحياة القاسية المليئة بالمنغصات. وذكر عبد أبرز الفعاليات التي يقدمها النادي ومنها تقديم وجبات الإفطار وإقامة ركن للتسوق وعروض من الفرق الفنية الشعبية والأغاني البغدادية التراثية مع مسابقات مثل لعبة المحيبس (الخاتم) وتقديم جوائز للاطفال والعائلات وإطلاق الألعاب النارية وبالونات نارية في الهواء، كما توجد قاعات مكيفة لإقامة الأعراس والاحتفالات. وأكد الموظف أن إدارة النادي سمحت بحضور العائلات إلى النادي سواء كانوا من الأعضاء فيه أو من غير الأعضاء لاستيعاب أكبر عدد من الناس، وأن بقية النوادي في العاصمة العراقية فعلت الشيء نفسه. وفي أحد مراكز التسوق الكبيرة (مول المنصور)، تجولت «القدس العربي» وسط حشود كبيرة من العائلات والشباب الذين تجمعوا لمشاهدة الفعاليات المقدمة مثل الاحتفالات بإطلاق الألعاب النارية في الهواء وحفلات الغناء والمسابقات التي ينقل التلفزيون المحلي بعضها. وذكرت أم علي للصحيفة أن زوجها عسكري في مواقع القتال ضد تنظيم «الدولة» قرب الموصل ولكنه اتصل بهم وطلب منها ان تأخذ العائلة إلى أحد المولات للترفيه عن أنفسهم لأنه لا يستطيع ان يفعل ذلك بسبب طبيعة عمله. وأشارت إلى أن الحضور إلى مثل هذه الأماكن والتجمعات رغم ما فيها من مخاطر وقوع حوادث أو تفجيرات، ولكن العائلة بحاجة إلى كسر الروتين اليومي خاصة وأن الحياة في البيوت مع انقطاع التيار الكهربائي صعبة، إضافة إلى الابتعاد عن مشاهد العنف ومعاناة النازحين في معظم برامج القنوات العراقية، لذا يحضرون إلى المولات بعد الإفطار لقضاء بعض الساعات فيها. وأكدت أم علي أن العراقيين، وبسبب طول معاناتهم وحجم مأساتهم، أصبحت لديهم قدرة عجيبة على انتزاع أوقات للفرح والحرص على مواصلة الحياة الطبيعية حتى في أشد الأوقات صعوبة. ويحمد أهالي العاصمة العراقية الله على ان حدة أعمال العنف والخطف خلال أيام رمضان خفت في المدينة بسبب الإجراءات الأمنية المشددة وخاصة في أماكن التجمعات كالنوادي والمولات والشوارع المهمة، على أمل أن يستمر ذلك إلى ما بعد الشهر الكريم، وان يعود رمضان المقبل وقد انزاح عن صدورهم كابوس تنظيم «الدولة» والإرهاب والفساد.
القدس العربي
تعليقات الزوار سيتم حدف التعليقات التي تحتوي على كلمات غير لائقة Will delete comments that contain inappropriate words