إستقلال الأكراد عن العراق سيزيد وضع الطرفين سوءا
تساؤلات كثيرة حول استقلال اقليم كردستان العراقي، الذي يتمتع فعليا، بالحكم الذاتي المستقل عن حكومة بغداد، ولكن على ما يبدو لم يحن الوقت المناسب لإنفصال تام عن العراق، لأن الحرب مع داعش، انخفاض أسعار النفط، الحكم المتصلب، وقرب الإفلاس، تسببوا جميعًا بحالة من الاضطراب السياسي والاقتصادي أقسى من أي ظروف مر بها الإقليم، وفقا لمجلة فورين بوليسي الأمريكية.
تركيا تهدد بقاء كردستان العراق
وأكدت المجلة ان انفصال الأكراد عن العراق شيئا ليس في صالحهم، حيث ان الإقتصاد الكردي العراقي يقوم على تصدير الموارد الطبيعية، من خلال تركيا وأن إقليم كردستان إذا إنفصل عن العراق، سيؤدي ذلك إلى إعتماد الدولة الكردية المستقلة على دعم أكبر من تركيا، وطالما استمر العنف في تركيا، ستبقى أنابيب النفط والغاز، التي تشكل العمود الفقري للعلاقات الاقتصادية ما بين إقليم كردستان وتركيا، واقعة تحت التهديد والخطر، ومن هذا المنطلق لن تعمل الأداة الرئيسية للملاءة الاقتصادية لإقليم كردستان العراق، إلا من خلال تلطيف العلاقات المستمر مع حزب العمال الكردستاني.
واشارت المجلة أن سر إعتماد أكراد العراق على أنقرة أكثر من بغداد هو نتيجة تدهور العلاقات سعي الأكراد للإستقلال بالتنقيب عن النفط والغاز وبيعهما، إذ أن حكومة بغداد تتحكم في تلك العملية مقابل 17% أرباح من ميزانية الدولة سنويان إلا أن العلاقات الكردية العراقية تظل متوترة بسبب تضييق نوري المالكي الخناق على جماعات الأكراد، برفضه تمويل قوات البيشمركة وتقليل حصة الأرباح وووقف عمل شركات النفط العالمية في اقليم كردستان، ولذلك كان يتولى الشريك التركي بيع النفط الكردي عن طريق ميناء جيهان.
وفي حين كانت العلاقات الكردية مع العراق، تتقوض، كانت تقوى على الجانب الأخر مع تركيا، حيث تعمقت العلاقة بين مسعود بارزاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث عملا على تطوير العلاقات الاقتصادية منذ عام 2007، ومن قبيل ذلك كان حضور أردوغان لافتتاح القنصلية التركية في كردستان العراق وافتتاح مطار أربيل الدولي في عام 2011، فضلًا عن الزيارة التاريخية المشتركة لأردوغان والبارزاني في عام 2013 لولاية ديار بكر، في الوقت الذي أُعيد فيه إحياء المفاوضات بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني.
وعلى صعيد اخر، تشارك أنقرة الأكراد نفس وجهة النظر بالمعارضة لحزب العمال الكردستاني في سوريا، حيث يشعر مسعود بارزاني حيث يشعر حزب البارزاني بالتهديد من دعم الولايات المتحدة لحزب الاتحاد الديمقراطي، الأمر الذي يهدد، وفقًا لنظرة البارزاني، الموقع المتفوق لكردستان العراق باعتبارها الكيان الكردي الوحيد الذي يتمتع بعلاقة إستراتيجية مع الولايات المتحدة.
ورغم العلاقة الوثيقة مع أمريكا، لم يكن ذلك كافيا لتفادي كردستان العراق أزمة انخفاض أسعار النفط التي أثرت على العالم في 2014، ونتيجة لعدم تدارك كردستان العراق لواقع اعتمادها المفرط على عائدات النفط، تخفيض نفقات القطاع العام الباهظة، ومعالجة نظام المحسوبية السياسية الفاسد، انحدر الإقليم نحو حافة الإعسار، وولّدت التأخيرات في دفع المستحقات والتخفيضات التي فُرضت على رواتب موظفي القطاع العام استياءًا شعبيًا واسعًا، مما أدى إلى قيام احتجاجات دورية في شوارع السليمانية، تحولت إلى أحداث عنف في أكتوبر الماضي.
تحديات تواجه الإستقلال
ورأت المجلة أن إستقلال الأكراد عن العراق سيخلق تحديدات جديدة، لأن هناك قائمة طويلة من الأزمات التي تواجه الأكراد على رأسها فالمناطق والموارد المتنازع عليها، تداول السلطة العراقية والمسؤولية، وإعادة تعريف العلاقة مع بغداد، علاوة على أن العلاقات المتوترة فعليا بين أربيل وبغداد ستزداد بالحواجز الداخلية الذي سيشكلها الإستقلال، وسينخفض عدد مستهلكي المنتجات الكردية من 35 مليون عراقي إلى 6 مليون فقط، تعداد سكان اقليم كردستان.
أوضحت المجلة أن استقلال كردستان العراق يعتبر مرهونا بالتصالح بين حزب العمال الكردستاني وتركيا، ولكن إستثمار العلاقات فقط في الجنب التركي من ناحية الحزب، جعل كرستان العراق يقلل من أي محاولات توسط لإنهاء العنف الدائر، واضافت أنه في سبيل تحقيق استقلال ناجح، يجب أن أن تقر حكومة بارزاني بتفوق حزب الاتحاد الديمقراطي في كردستان السورية للحد من عدم الثقة بين الطرفين، والتوسط بين تركيا وحزب العمال لإنهاء الصراع، وإستعادة العلاقات مع بغداد.
وإختتمت المجلة بأن بارزاني يسعى منذ فترة طويلة لأن يكون قائدا ملهم وكاريزمي الشخصية كوالده الملا مصطفى بارزاني، الأب المؤسس للقومية الكردية، إلا أن أفضل طريقة لذلك تكمن في إبرام اتفاقيات بين تركيا وحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي ولكن البارزاني يطارد حلم متسرع وغير محسوب للإستقلال بإقليم كردستان العراقي.
كتابات |