على الرغم من أنها التي ساعدت في وصوله لمنصب رئيس الوزراء، إلا أن أمريكا لم تعد بوسعها حماية العبادي من التوتر السياسي الجامح في بغداد، حتى مع وجود قواتها البرية على الأرض.
وفي الساعات المبكرة الأولى من الصباح وعلى الطريق السريع في اربيل،عاصمة اقليم كردستان العراق، رجال يجلسون القرفصاء، يظللون على اعينهم من الشمس بأيديهم، ناظرين لعربات النقل المارة أملا في التقاط أحدا منهم من الطريق للعمل بالأجرة اليومية، يحصلون على مبلغ ليس كبير ولكن وظائف اليوم الواحد أصبحت تؤمن لهم عشاء اليوم على الأقل، على خلاف موظفي الحكومة في المدن الذين أصبحوا يعملون فيها بلا تقاضي اجر منذ 6 أشهر.
بهذا الوصف إفتتحت صحيفة إنترناشونال بيزنس تايمز الأمريكية تقريرها - الذي ترجمه كتابات نيوز- بعنوان "أمريكا تسعد الجيش العراقي، ولكن التوترات الطائفية تهدد مستقبل العبادي"، حيث قالت أن العراق تحولت من اغنى الدول النفطية لدولة تصارع من أجل تأمين الغذاء لشعبها، حيث انحدر الإقتصاد بإقليم كردستان العراقي منذ عامين وهذا الإنحدار أدى إلى توتر سياسي مع بغداد، وفقا لمحللين.
وقال الخبير بشؤون العراق بمعهد الشرق الأوسط بواشنطن، دانيال سيروير، أن "بغداد تقع تحت ضغط الحرب ضد تنظيم داعش، ومحاولات الأكراد للإستقلال وعدم رضا السنة في العراق".
وحاليا تترنح الحكومة العراقية عل الحافة، في ظل محاولات حيدر العبادي رئيس الوزراء لإجتثاث الفساد، وتطهير حكومته علاوة على مطالبات البرلمان المتباينة من محاولات استبعاده من منصبه والضغط عليه لاجراء الإصلاحات.
ويؤكد جيمس جيفري السفير الأمريكي الأسبق للعراق أن عدم قدرة العبادي على الحكم بطريقة مناسبة أدى بالعراق للوضع الحالي، وبالرغم من أن أمريكا ساعدته في الصعود إلى الحكم إلا أنه يقول أنها "لم يعد بوسعها مساعدته الأن"، لان السياسات التي أرساها المسؤولين الأمريكين في غزو العراق لم تأخذ في الإعتبار الإحتقان الطائفي.
وأوضحت الصحيفة أن الأيام الأولى من حرب العراق عملت أمريكا على فتح الأبواب امام شركات الطاقة في مجال النفط بأجزاء من كردستان العراق عن طريق الخصخصة، ما أدى إلى حدوث صدع كبير بين القيادة في بغداد والأكراد، لن كل منهما كان يسعى لإقتسام سوق النفط.
واكد التقرير أن العراق عانى من تعيين قادة الحكومة لأقربائهم في مناصب عليا، وظنت الولايات المتحدة أنها قادرة عل تحويل ذلك الفشل بإختيار قائد جديد للحكومة لكن كل قائد جديد يفشل في تلافي التوترات الطائفية منذ سقوط صدام.
فقد ترك الإنسحاب الأمريكي العراق في مواجهة مع نظام سياسي قائم على السقوط، وبالتالي "فشل في الأخذ بالإعتبار الإنقسامات الدينية والعرقية"، وفقا لما أكده السفير الاسبق.
وتؤكد الصحيفة أن مراهنة أمريكا على العبادي لرأب الصدع الطائفي لم تكن في محلها، وأنه فشل في خلق إقتصاد أقل اعتمادا على النفط وأكثر إعتمادا على صادرات القمح، وأصبح يشبه أداء نوري المالكي.
وبالرغم من أن العبادي يحاول إستئصال الفساد بتغيير مناصب كبار المسؤولين في الدولة إلا أن الأحزاب السياسية بدأت تستغل هذا التغيير، حيث رفض كثير من مرشحي العبادي قبول المناصب الحكومية وهو محاولة لتشويه الإقتصاد من أجل مكاسب شخصية.
يضيف إلى المشهد الحالي في العراق، تهديدات القائد الشيعي مقتدى الصدر، الذي كان يؤيد العبادي، بالإطاحة بالحكومة وبه، إذا لم تتم الإصلاحاتن حيث رأى معهد دراراسات الحرب الأمريكي، في أخر تقييماته عن الحرب في العراق، أن "الأزمة السياسية الحالية تهدد إستقرار العراق بشكل غير مسبوق وتنذر بإنهيار الحكومة".
أمريكا حاليا غير قادرة على ممارسة اي نفوذ سياسي بالرغم من إرسال قوات برية للعراق، ومع إستمرار المظاهرات أصبح مستقبل العبادي غامضا، "حيث أن ليس كل ما يحدث الأن في العراق نتيجة لما تفعله أمريكا"، وفقا للمحلل الأمريكي سيروير.