حفلات التخرج الجامعية .. حنة وتنكر وزفة وطقوس غريبة
حين تمر سياراتهم المزينة بالشرائط والبالونات والازهار وتعلوها قبعة التخرج في الشوارع يبتسم البعض لهذا الطقس الجميل وربما يرفع يده مهنئا الخريجين باتمامهم دراستهم الجامعية ، أما البعض الآخرفيهز يده استهجانا اواستهزاء فلماذا يفرح الخريجون بتخرجهم وما الذي ينتظرهم غير بطالة وحسرة على أيام لن تتكرر في حياتهم الرتيبة المقبلة ..
رغم ذلك ، صارت فترة التخرج بالنسبة للخريجين مؤخرا اجمل فترة لأنها تشمل عدة فقرات ترفيهية واجتماعية تزيد من الالفة بين الطلبة ويودعون بها ايام الدراسة لتبدأ بعدها مرحلة لاتشبهها بالتأكيد ...
فرصة للفرح
يرى الطالب سيف حميد رشيد / كلية العلوم السياسية ان فترة التخرج هي احلى فترة عاشها خلال ايام الكلية فطوال اربع سنوات كان الوقت مخصصا للمحاضرات او العطل العديدة ولم يكن الطلبة يجدون وقتا للقيام بنشاطات جماعية كالحفلات والسفرات لالتزام اغلب الطلبة والطالبات بمواعيد خطوط النقل لذا تسهم فترة التخرج في توطيد العلاقات بين الطلبة وتمنحهم الفرصة للتعبير عن مواهبهم ..
الطالبة مروة اسماعيل / كلية القانون فضلت عدم الاشتراك في أي من طقوس التخرج عدا صورة التخرج التي يرتدي فيها الخريجون عباءة التخرج اذ ستحتفظ بها كذكرى لأن تكاليف التخرج باتت باهظة جدا بالمقارنة مع السنوات الماضية فقد ابتدع الخريجون طقوسا عديدة مثل الحفلة التنكرية التي تتطلب استئجار زي تنكري ثم حفلة (الحنة) التي يغني فيها مطرب شعبي اغاني (الجوبي ) ويرتدي فيها الطلبة ملابس عربية يعمدون الى شرائها او استئجارها ، هناك ايضا طقس الصورة الجماعية بالبدلات الرسمية وتتطلب شراء او استئجار بدلات رسمية يضاف اليها وشاح بلون موحد بالنسبة للطالبات مع باقة ورد وهذا يتطلب مبالغ اضافية ايضا وبعدها صورة التخرج بالعباءات التي تتم خياطتها الآن من قبل الطلبة المنظمين لطقوس التخرج لتحمل رمزشريط موحد يرمز للكلية بعد ان كان يجري استئجارها سابقا ، فضلا عن طقس زفة التخرج وتناول الغداء في احد المطاعم المعروفة واخيرا حفلة التخرج الكبرى التي تقام في قاعة احد المطاعم الكبرى التي يحييها مطرب معروف وكل هذه الطقوس ترهق الطلبة ماديا بالتأكيد ..
من جهتها ، تعترف ميس محمود /كلية الآداب / علم النفس انها اضطرت الى توفير مايزيد عن مصروفها اليومي منذ بداية العام الدراسي لكي لاترهق اهلها ماديا ولكي تتمكن من المشاركة في جميع طقوس التخرج فهي آخر ايام الفرح والزمالة الجميلة بين الطلبة ولن يحمل المستقبل اياما اجمل منها اذ يبدأ التفكير بالبحث عن عمل والتفرغ لمسؤوليات اخرى ..
طقوس اضافية
في تعليماتها الموجهة للجامعات ، اكدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عدم الاعتراف بالحفلات التنكرية لأنها تتعارض مع الضوابط التعليمية للوزارة – كما يقول باسم العبودي / استاذ مساعد في كلية الاداب / قسم اللغة الانكليزية مشيرا الى ضعف المستوى الدراسي لدى الطلبة لضياع الكثير من الوقت في العطل الرسمية والمناسبات وضرورة حثهم على التركيز على رفع معدلاتهم النهائية بينما تضيع اسابيع كاملة منهم في الاستعدادات لحفلات التخرج التي تعددت انواعها ولم تعد حفلة واحدة كالسابق وعندما يحل موعدها تؤثر كثيرا على طلبة المراحل الاخرى وخصوصا الحفلة التنكرية التي يرتدي فيها الطلبة ازياءا غريبة ويعملون على اشاعة الفوضى والصخب في الكليات ..
بينما دافعت الاستاذة الجامعية شذى عبد القادر من كلية الادارة والاقتصاد عن حق الطلبة في الاحتفال بتخرجهم بطريقتهم ففي السنوات الاخيرة لم يعد الطلبة يستمتعون بحياتهم الجامعية او يشاركون في انشطة اجتماعية وثقافية وترفيهية كما في السابق بعد ان تحددت ساعات دوامهم لوجود دوام مسائي ولتأثر الجامعات بكل مايجري في الساحة السياسية من احداث تكون نتيجتها عطل متعددة تربك الدراسة او تظاهرات واستنكارات ومناسبات دينية وسياسية يكون الطلبة غالبا جزءا منها فماذا يضير الوزارة لو استمتع الطلبة قليلا علما ان بعضهم لاينجح اصلا في الامتحانات النهائية ويعيد السنة الدراسية لكنه يكون قد احتفل مع طلبة زملاء مرحلته وهي ايام لن تتكرر مطلقا .....
من ناحيته، يعترض الطالب طه ابراهيم من كلية المأمون الاهلية على تعدد طقوس التخرج لأنها ترهق الطلبة ماديا ونفسيا فمن لايستطيع المشاركة فيها يتأثر نفسيا ويتضح هذا الامر اكثر في الكليات الاهلية التي تضم طلبة ميسورين جدا وطلبة اخرين يكد اهلهم ويمارسون اعمالا صعبة او يرهقون انفسم بالسلف والقروض ليدفعوا لهم اجور الدراسة لكنهم غير ملزمين بدفع اجور الحفلات المرتفعة ففي بعض الكليات تجاوزت تكاليف التخرج 500 الف دينار مابين اجور بطاقات الحفلة التي تتراوح مابين 25 -50 الف حسب نوع الكلية ومستلزمات الحفلات من ازياء ولوازم اخرى واستئجار سيارات الزفة وثمن وجبة الطعام في المطعم وغير ذلك ...
ويطالب الاستاذ الجامعي الدكتورابراهيم نعمة من كلية التربية بالغاء التفاصيل الزائدة من حفلات تنكرية وزفة تخرج وطقوس اضافية واقتصار الاحتفال بالتخرج على حفلة واحدة كبرى تقيمها الجامعة او الكلية ولاتعتمد على المتعهدين الذين باتوا يكسبون الكثير من تنظيم طقوس التخرج ..وبعد اكتمال الامتحانات ونجاح الطلبة ينبغي اقامة حفل التخرج النهائي الذي يتم فيه ارتداء عباءات التخرج بحضور رئيس الجماعة وعمداء الكلية والاساتذة الجامعيين أي خلال العطلة الصيفية وهذا ماكان متعارفا عليه في الماضي ..
طقوس تؤثر على مستوى الطلبة الدراسي
ويرى نعمة ان هذه الطقوس بدأت تؤثر على مستوى الطلبة الدراسي بل وحتى معنوياتهم ونفسيتهم لأن بعضهم لايمكنه المشاركة فيها ...
وتؤيد الطالبة منارمهدي هذا الرأي مشيرة الى مبادرة بعض الخريجين من الجامعة التكنولوجية وكلية الفنون بالتبرع بالمبالغ المخصصة لمشاريع تخرجهم للنازحين لشراء الهدايا والمواد الغذائية وتوزيعها عليهم فمثل هذه المبادرات تبقى ذكراها اجمل واكثر تاثيرا في المستقبل حين نعود بذاكرتنا الى ايام تخرجنا لأنها تعكس روح الطلبة البعيدة عن أي تلوث طائفي او عرقي .
كتابات |