اتهامات وصفحات وهميّة تلاحق الوزراء المرشّحين وتستبق فتح "الظرف المغلق"
أعلن تلفزيون العراقية، شبة الرسمي، الخميس الماضي، في خبر عاجل دخول رئيس الحكومة حيدر العبادي الى جلسة البرلمان وبيده "ظرف أبيض". وقبل ان يرفع العبادي يده، وسط حضور كثيف للنواب، معلنا بان الظرف المغلق يضم اسماء وزراء في التشكيلة الجديدة، كانت وسائل إعلام قد بدأت بتسريب بعض تلك الاسماء. ويرجح نواب من دولة القانون ان تسريب قائمة الوزراء المقترحين تقف وراءها جهات مقربة من "لجنة الخبراء" التي وضعت الترشيحات بشكل منفرد.
وطيلة شهر كامل، التزم رئيس الوزراء تكتمه على هوية اعضاء اللجنة الوزارية لأسباب غير واضحة. وقبل اسبوع من عرض الكابينة الجديدة تبين ترؤس النائب مهدي الحافظ لهذه اللجنة بعضوية مجموعة من الاكاديميين والخبراء. وحتى لحظة إعداد التقرير ينفي أعضاء مجلس النواب علمهم بما يحتويه "الظرف المغلق"، كما ينفون علمهم بأسماء الوزراء وعددهم. ويقول مقربون من رئيس البرلمان سليم الجبوري، الذي تسلم المغلف من رئيس الحكومة في جلسة الخميس، بانه رفض اطّلاع احد على تلك الاسماء. وقال رئيس الحكومة مواجهاً النواب، في جلسة الخميس الماضي، "أقدم لكم اليوم تشكيلة وزارية كاملة وليست جزئية تنفيذا لما تعهدنا به لشعبنا... مكونة من ست عشرة وزارة مع دمج وترشيق للوزارات..". وأضاف العبادي "نقدم اليوم قائمة المرشحين لتولي إدارة الوزارات الذين اختيروا على أسس المهنية والكفاءة والنزاهة والقدرة القيادية... فقد توفر لدى لجنة الخبراء التي شكلناها من نخبة خيرة من كبار الاكاديميين والمهنيين في البلد، عدد من السير الذاتية للمرشحين جرى تقييمها وفقاً للمعايير الموضوعية والقابليات الشخصية". وتضم القائمة المسربة للوزراء المرشحين 12 اسما، باستنثاء مرشح لوزارة الصناعة والتجارة التي دمجت، ووزراتي الدفاع والداخلية اللتين أُبقي على وزيريهما، فيما يبقى اسم الوزارة رقم 16 مجهولاً للمراقبين. ويرجح النائب محمد الكربولي، رئيس كتلة الحل البرلمانية، في حديث لـ(المدى)، ان تكون "الحلقة القريبة من اللجنة الوزارية هي من قامت بتسريب تلك المعلومات". ويعزو الكربولي عدم وجود اسم مرشح لوزارة الصناعة والتجارة، الى "عدم علم النواب بأسماء الوزراء المقترحين داخل الظرف". بدوره يقول النائب عبدالرزاق الحيدري، عضو كتله بدر النيابية، ان "اسماء الوزراء تسربت عن طريق مقربين من لجنة الخبراء". ويستبعد الحيدري، في حديث لـ(المدى)، بان "اللجنة كانت قد تعمدت تسريب تلك المعلومات، لكن الامر حدث في النهاية".
وضمت قائمة الاسماء، التي سُربت بشكل فوري عقب دخول العبادي الى البرلمان، 12 شخصية، بينها أكاديميون وسياسيون.
ويلاحظ من بين القائمة مرشحون سابقون في الانتخابات البرلمانية لم يحالفهم الحظ بالفوز كالشريف علي بن الحسين، المرشح لتولي وزارة الخارجية، الذي ترشح عن الائتلاف الوطني في 2010 ودولة القانون في انتخابات 2014. وترشح عبدالرزاق العيسى، الوزير المقترح لوزارة التعليم، عن قائمة ائتلاف دولة القانون في الانتخابات البرلمانية الاخيرة، واصبح بعد ذلك مستشارا لوزير التعليم الحالي حسين الشهرستاني.
وساهمت تلك التسريبات، على وفق مراقبين، بشن هجمة اعلامية مبكرة على المرشحين، على الرغم من عدم التأكد رسميا من الاسماء المتداولة. ودفع ذلك الى ان ينفي الشريف علي، في بيان مقتضب، وجود صفحة شخصية له على فيسبوك. ونقلت صفحة تدّعي انتسابها للشريف علي اخبارا عن لقاءات اجراها الاخير مع وزير الخارجية الحالي ابراهيم الجعفري.
كما نشرت الصفحة ذاتها نقدا موجها الى طريقة ادارة الجعفري للسياسة الخارجية، الامر الذي أحرج الشريف علي، الذي نفى اي صلة له بالصفحة. وخلال ساعات فقط، ظهر عدد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء بعض المرشحين، وبعضها حملت اسم "الوزير..". وكانت اولى الصفحات التي ظهرت سريعا هي لمرشح وزير التعليم العالي. ويقول النائب عزيز العكيلي، عضو كتلة المواطن، إن "رئيس الوزراء اختار رئيس حزب مثل الشريف علي الذي يرأس حزب الملكية الدستورية، وبعض الوزراء المقترحين هم مرشحون سابقون في الانتخابات البرلمانية". ويرى العكيلي، في حديث لـ(المدى)، صعوبة تمرير المرشحين الحاليين، لا سيما مع اعلان مرشحي وزارة الإعمار والنفط عن انسحابهما لعدم وجود توافق سياسي على ترشيحهما.
وتلاحق بقية الاسماء اتهامات بالانتماء الى حزب البعث، او وجود قيود جنائية لهم. ولايزال مجلس النواب ينتظر ردود الجهات المختصة بشأن الاسماء، بعد إرساله القوائم الوزارية الى هيئتي النزاهة و"المساءلة والعدالة".. بالمقابل ستبدأ الكتل السياسية بتشكيل لجنة لدراسة "السير الذاتية" للمرشحين، على ان تنهي اعمالها الاسبوع المقبل. ويقول النائب محمد الكربولي ان "فترة عشرة ايام التي وعد فيها البرلمان بالتصويت على الاسماء كافية، خصوصا بعد حسم امر بعض المرشحين بين بعثي وسياسي". ولم تتوقف قائمة الاتهامات التي تلاحق الوزراء المقترحين عند هذا الحد، بل نشرت بعض المواقع الالكترونية عن مرشح وزارة التربية علي الجبوري، عميد جامعة تكريت السابق، اتهامات بانتمائه الى الحزب الاسلامي. فيما اشارت تسريبات اخرى الى ان القاضي محمد نصر الله، مرشح وزارة العدل، تابع لحزب الفضيلة.
في موازة ذلك يقترح النائب عزيز العكيلي ان "يعود العبادي الى مشاورة الكتل السياسية، لانه لن يحصل على ما يريد ولن يصوت احد على مرشحيه بهذه الصيغة".
ويصرّ ائتلاف الحكيم وأطراف اخرى على اهمية مراعاة "التوازن الوطني" وعدم تهميش باقي المكونات، والاحتفاظ بالاستحقاقات الانتخابية. ويقول عضو ائتلاف المواطن ان "حزب الدعوة لم يكتف باستحواذه على 90% من المناصب الحكومية ويحاول الآن ان يستحوذ على الوزارات ايضا".
ويقول النائب عبدالرزاق الحيدري "هناك إمكانية لتجاوز مهلة العشرة ايام، مقابل حصول تشاور اوسع مع الكتل لتغيير الحكومة". ويؤكد النائب عن كتلة بدر ان "الاسماء التي اختارها العبادي كانت مقدمة من لجنة الخبراء"، التي يقول بانها كانت "موالية من بعيد او قريب لحزب الدعوة". ونفى بشدة ان تكون الكتل الاخرى على علم بالمرشحين.
المدى |