كتب وائل نعمة : يؤكد مسؤول محلي في نينوى أنّ العمليات العسكرية في الموصل بدأت بالفعل، وأنّ الطيران الامريكي كثف ضرباته داخل المدينة خلال الشهرين الماضيين.
بالمقابل اصبح "الجيش العراقي" الذي كان مصدر قلق للسكان قبل سقوط المدينة في حزيران 2014 مصدر الثقة الوحيد في المدينة.
ووصلت، يوم الجمعة، وحدات من الفرقة 15 التابعة للجيش العراقي الى جنوبي الموصل. ويؤكد عسكري سابق في الموصل بان مشاركة "الحشد الشعبي" القادم من خارج المحافظة بمعركة التحرير مرتبط بالاتفاق بين إيران والولايات المتحدة.
وزار قائد عمليات تحرير نينوى اللواء الركن نجم عبدالله الجبوري، امس، معسكر "التحشد" في محور مخمور. وأكد الجبوري ان "عملية تحرير المدينة ستجري بالتنسيق مع قوات البيشمركة والتحالف الدولي والحشد العشائري".
رئيس الوزراء حيدر العبادي قال ايضا من ألمانيا قبل ان يعود يوم امس، ان "أولى القطعات العراقية وصلت هذا الاسبوع الى شرق الموصل من أجل البدء بعملية تحرير المدينة".
الى ذلك، بدأ داعش يحثّ أنصاره في الموصل، عبر خطب الجمعة، على "الجهاد الاكبر" داعياً إياهم للتوجه الى ليبيا. واعتقل نحو 300 شخص من مسلحيه ممن رفضوا الذهاب الى جبهات قتال اخرى.
الموصل الهدف الأهمّ
ويتحدث عضو في مجلس محافظة نينوى لـ(المدى) عما يصفه بـ"إيجابيات طريقة تحرير الموصل، وتتمثل بالاهتمام الدولي وافتتاح مقر لقيادة عمليات نينوى".
وأقيم معسكر "تحرير نينوى"، على بعد 10 كم فقط من مناطق سيطرة داعش في الموصل، على أرض واسعة بمساحة 1500 كم مربع، تم استئجارها من مُزراع في مخمور.
ويقول دلدار الزيباري، زعيم كتلة البناء والعدالة في مجلس محافظة نينوى، بان "الموصل اصبحت الهدف الستراتيجي الأهم في الحرب على داعش، وبان الاستعدادات تشير الى ان المعركة وشيكة".
ويؤكد الزيباري ان المعارك التمهيدية ضد المسلحين في المدينة بدأت بالفعل بعد زيادة الضربات الجوية لطيران التحالف في الشهرين الاخيرين". واشار الى أن "بعض الضربات كانت نوعية وفي وسط المدينة".

متى ستتحرر المدينة؟
وبالمقارنة بين تصريحات المسؤولين الاميركان والعراقيين للخروج بتوقيت تخميني لبدء معركة الموصل، فان زيباري يقول "لن تتحرر نينوى بالكامل خلال 2016. قد يطول الامر اكثر من ذلك".
واستبعد مدير المخابرات العسكرية الأميركية، اللفتنانت فنسنت ستيوارت للكونغرس، تنفيذ عملية بقيادة العراق، لاستعادة مدينة الموصل في 2016.
ويرجح ابنيان الجربا، العضو الآخر في مجلس محافظة نينوى، ان "يكون تحرير المدينة على مراحل".
ويقول الجربا "ليس المهم السرعة في الإعلان عن معركة استعادة الموصل، لكن الاهم ان تحرر في النهاية". ويعترف المسؤول المحلي بصعوبة التكهن بالوقت الذي تستغرقه معركة الموصل، معللا ذلك بان"الحرب لن تكون تقليدية".
الجربا بدوره يبدو مطمئنا الى الاستعدادات الجارية في الموصل، لافتا الى "وجود اهتمام دولي واتفاق بين اربيل وبغداد حول استعادة الموصل".
وكانت اطراف سياسية  قد كشفت عن وساطة بذلتها الولايات المتحدة لإقناع إقليم كردستان بدخول قوات اتحادية الى مناطق قريبة من حدود الإقليم.
ونفى الجانب الكردي ذلك. وأكد مسؤول في أحد الاحزاب الكردية أن الموافقة كانت "بلا شروط"، وأن الاقليم لايريد ان يكون "داعش" قريبا من حدوده. كما اكد مشاركة "البيشمركة" على نطاق واسع بالمعارك المرتقبة.

الأوضاع الإنسانية
وعلى المستوى الانساني يعيش في الموصل نحو مليوني شخص تحت نظام متشدد يفرضه داعش منذ الصيف الماضي.
ويحذر دلدار زيباري من استخدام ذات الاسلوب في تحرير الرمادي لان "الخسائر ستكون فادحة".
وتقدر السلطات في الرمادي، التي تم تحريرها أواخر العام الماضي، نسبة الدمار بنحو 80%. وتؤكد ان إعمار المدينة بحاجة الى 7 مليارات دينار فقط لرفع الانقاض وتفكيك العبوات.
ويقول عضو مجلس محافظة نينوى "اذا دمرت الموصل في الحرب فستواجه الحكومة أزمة اقتصادية وصعوبة كبيرة في اعادة اعمارها".
بالمقابل يؤكد الزيباري، وهو عسكري سابق، ارتياحا لدى سكان الموصل لجهة دخول الجيش باعتباره مصدرا للثقة، لا سيما بعد مشاركته بتحرير الرمادي.
وحول إمكانية مشاركة الحشد الشعبي في عملية التحرير، يرى ان  "الامر متروك لاتفاق ايران والولايات المتحدة لانهما يديران المعارك في سوريا والعراق".
ويواجه اهالي الموصل صعوبة في التواصل مع أي طرف عراقي سوى الجيش، لانهم لايثقون كثيرا بتلك الاطراف، بحسب الزيباري. ويستدرك بالقول ان "الجيش سيصبح قناة آمنة للموصليين ولن يسألوا عن انتماءات افراده".
وينتقد الزيباري، وهو عضو في لجنة استشارية شكلها رئيس رئيس حيدر العبادي للتحضير لمعركة الموصل، طريقة تواصل اللجنة مع "شخصيات لايثق بها اهالي الموصل"، مطالبا بالانفتاح على شرائح اخرى لتعزيز ثقة الموصليين بالحكومة.
ويناشد عضو مجلس محافظة نينوى الحكومة باعطاء سكان الموصل تطمينات بعدم حدوث "عمليات ثأرية" بعد التحرير او سرقة للمنازل.

ممرّات لخروج المدنيين
ويقول الزيباري ان "سكان الموصل يرهنون منازلهم مقابل الخروج من المدينة"، مشيرا الى انها "وسيلة محدودة لن تسمح بخروج اعداد كبيرة من السكان قبل بدء المعارك". ولفت الى ان الرحلة الى بغداد قد تستغرق يوما كاملا بسبب إغلاق الطرق القديمة.
وكشفت عمليات نينوى عن عزمها فتح ١٣ معبراً آمناً لخروج المدنيين من الموصل، مؤكدة وضع خطة شاملة لاستقبالهم.
ويقول الجربا ان "الحكومة المحلية وضعت خطة طوارئ، وستشيد مخيمات على أطراف إقليم كردستان لاستقبال النازحين".
الى ذلك يقول سعيد مموزيني، المسوؤل في الحزب الديمقراطي الكردستاتي في الموصل، بان "سكان الموصل يعيشون حالة مأساوية مع قلة الغذاء والدواء".
وكشف المسؤول الكردي عن بيع "71 موصليا الكلى الى داعش بسعر 5 ملايين للكلية الواحدة خلال الاسبوع الماضي"، مشيرا الى ان "المسلحين يهرّبون الكلية الواحدة مقابل 15 مليون دينار".
ويشير مموزيني الى ان "نحو 100 مدني هربوا مؤخرا، باتجاه كردستان بسبب العوز في الموصل وسطوة داعش".
وأطلق مسلحو داعش النار على الفارين من الموصل، ما تسبب بقتل بعضهم واصابة آخرين تم نقلهم لمستشفيات الاقليم لتلقي العلاج.
ويؤكد مموزيني ان "داعش يفكر بالتوجه الى مناطق اخرى بعد زيادة الاستعدادات العسكرية في المدينة". مشيرا الى ان "خطب الجمعة لداعش بدأت تحث عناصرها للتوجه الى ليبيا لاداء فريضة الجهاد الاكبر". ويقول ان "التنظيم اعتقل 300 شخص مؤخرا، من اتباعه لرفضهم الانتقال الى ليبيا او المشاركة بالمزيد من المعارك".

كتابات