النزاهة عن لقائها بالعبادي: سألناه عن رواتب الفضائيين وبيع أملاك الدولة وطائرات السلاح المريبة
في القصر الحكومي ببغداد هزّ رئيس الوزراء حيدر العبادي رأسه بالنفي، في معرض إجابته عن سؤال: هل استعدت الرواتب التي تقاضاها عشرات الآلاف من الفضائيين في الجيش خلال السنوات العشر الاخيرة؟
الرقم كشفته لجنة النزاهة النيابية خلال اجتماع مع العبادي، عقد نهاية الاسبوع الماضي، كان مخططاً له قبل سنة لكن تم تأجيله عدة مرات، لانشغال الأخير.استغرق الاجتماع اكثر من 3 ساعات، طرحت فيه عشرات الملفات أبرزها العقود الحكومية الوهمية، واستيلاء أحزاب على أملاك الدولة، وطائرات مريبة تحط في مطار بغداد تحمل أسلحة وتغادر دون تحقيق، وعن ملف استرداد الأموال المهربة.رئيس الوزراء بدوره ، كاشف اللجنة البرلمانية عن الوضع المالي للعراق وخططه لتجاوز الأزمة، كما وعد بتشكيل لجان داخل مجلس الوزراء لمتابعة قضايا الفساد.
ملاحقة مافيات الفساد
قبل شهرين ، غادر أعضاء من لجنة النزاهة الى ايطاليا، بينهم النائب عادل نوري، لملاحقة الأموال العراقية المهرّبة والاطلاع على تجربة روما في القضاء على الفساد بعد صعود المافيا الى السلطة، وهي تشبه الحالة العراقية بخلاف ان "السلطة تحولت الى مافيا" بحسب عضو لجنة النزاهة.ويتوقع عادل نوري ان تكون مليارات الدولارات قد هُربت الى ايطاليا عبر مسؤولين عراقيين.ويقول النائب الكردي، في اتصال مع (المدى)، ان "اكثر الدول التي هُربت لها الأموال هي الأردن، الإمارت، تركيا، بريطانيا، الاتحاد الأوروبي، إيران، وأميركا وأستراليا".
وتقدر دائرة استرداد الأموال في هيئة النزاهة، تهريب ترليون دولار منذ 2003، وتؤكد سعيها لاستعادته. لكن لجنة النزاهة البرلمانية تقدر المبلغ المهرب بنحو "نصف ترليون دولار".
ويشير النائب عادل نوري الى انه "في زيارة ايطاليا طلبنا فتح بعض الحسابات لشخصيات يشتبه بتهريبها الأموال من العراق". لكنه يستدرك بالقول "لم يكن الامر بهذه السهولة، فقد طلبوا ان تكون هناك اتفاقيات مع الحكومة ووزارة الخارجية وسلسلة طويلة من الاجراءات".
استعادة الأموال المهرّبة
في ايطاليا ، تعرّف وفد لجنة النزاهة البرلمانية على جهاز "الكوماندو" الذي يشرف على 8 أذرع لمتابعة حركة الاموال وكشف الفساد. ويقول نوري بأن "اللجنة طالبت، خلال الاجتماع مع رئيس الوزراء حيدر العبادي بتشكيل غرفة عمليات تضم الحكومة والبنك المركزي ووزارة الخارجية فضلا عن الدوائر المعنية بالرقابة لمتابعة ملف استرداد الأموال."
وكشف تقرير لهيئة النزاهة، صدر عام 2014، عن وجود 250 مطلوبا بتهم تهريب الاموال بينهم 16 وزيراً ومديراً عاماً، أبرزهم وزير الكهرباء الأسبق أيهم السامرائي، ووزير التجارة السابق عبدالفلاح السوداني، ووزير الدفاع الأسبق حازم الشعلان، ووزير الاتصالات السابق محمد توفيق.وبدأت لجنة النزاهة مؤخرا، بفتح باب التعاون مع الانتربول لاسترداد المطلوبين، واستضافت اللجنة سفراء بعض دول الاتحاد الأوروبي في بغداد.وينتظر العراق ان يسفر قانون بريطاني، أقره مجلس العموم نهاية العام الماضي، عن اعادة اموال عراقية مهربة. تسعى بغداد لتشجيع دول اخرى على اتخذا قرار مشابه.
ممتلكات الدولة بيد أحزاب
وخلال اجتماعها مع العبادي، الذي تأخر عن موعد انعقاده عاماً كاملاً بسبب انشغالات رئيس الحكومة، أثارت لجنة النزاهة قضية بيع أملاك الدولة.وبحسب النائب الكردي وعضو لجنة النزاهة فإن "اللجنة تتفق على بيع بعض الأملاك التي تستحوذ عليها أحزاب وشخصيات متنفذة". وترفض اللجنة المساس بقصور صدام وتطمح بتحويلها الى متاحف.
وأضاف النائب عادل نوري "يمكن بيع أو تأجير المقرات الحزبية التي كانت تابعة لصدام، والتي لم يستفد منها العراقيون لأنها تحولت الى مقرات حزبية ايضا بعد 2003".
وتشترط لجنة النزاهة ان يكون البيع او الإيجار حسب أسعار سوق اليوم. ويؤكد نوري ان "100% من عقارات وأملاك الدولة مستحوذ عليها من قبل أحزاب وشخصيات متنفذة".
وكشف عضو اللجنة عن "وجود مجمعات سكنية في بغداد و"فِلل" بيعت بالأقساط المريحة لمسؤولين ، فيما لاتزال شخصيات سياسية سابقة، أزيحت عن مناصبها في 2003 و2004، تستولي على قصور وبإيجار شهري لايتعدى الـ500 الف دينار.
أموال الفضائيين
بالمقابل طلبت لجنة النزاهة من رئيس الحكومة استرداد الأموال التي ذهبت الى ما بات يعرف بـ"الفضائيين"، وهم الموظفون الوهميون.
ويقول النائب عادل نوري ان "العبادي اكد عجز حكومته عن استرداد مليارات الدنانير من 57 الف منتسب وهمي في وزارة الدفاع"، مشيرا الى ان " معدل راتب المنتسب الواحد يبلغ مليوناً و250 الف دينار شهريا، فضلا عن مخصصات الوقود والنقل والملابس".
وبحسب عضو لجنة النزاهة فإن الاخيرة كشفت عن "وجود 40 الف مستفيد من رواتب شبكة الحماية، بينهم أصحاب مناصب رفيعة وموظفون في الرئاسات الثلاث".
وطرحت اللجنة البرلمانية خلال اجتماعها الموسع مع رئيس الحكومة "ملفات شائكة" عن السطو المسلح، والعقود الوهمية في بعض الوزرات، وناقشت أسباب عدم الكشف عن التحقيق بالطائرات التي تحط في مطارات العراق، والتي ضبطت وهي تحمل أسلحة.
تشكيل لجانٍ جديدة
بدوره ، يؤكد النائب محمد كون، العضو الآخر في لجنة النزاهة، ان "الاجتماع كان مهماً جداً لذلك استغرق اكثر من 3 ساعات".
ويقول كون، النائب في كتلة بدر في تصريح لـ(المدى) ان "رئيس الوزراء استمع بشكل جيد الى ما طرحته اللجنة، ووجه بتشكيل لجان في مجلس الوزراء لمتابعة تلك الملفات بشكل أكثر دقة".ولفت عضو لجنة النزاهة الى ان "العبادي وعد بدعم هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية وباقي الدوائر المعنية بمكافحة الفساد".
المدى |